رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شريعة الانتقام.. «ذا ويك»: العقوبات لم تعد صالحة للتهذيب بعد استغلالها لقمع الأقليات

جريدة الدستور

طرحت مجلة «ذا ويك»، البريطانية، تصورًا لفكرة العقوبة مغايرًا لما استقرت عليه القوانين المجتمعية، من أنها إصلاح وتهذيب للأفراد المجرمين أو المدانين فى قضايا، موضحة أن العقوبات فى الأنظمة البشرية قد لا تكون رادعة بما يكفى لتحقيق العدالة أو فرض النظام، كما أن لها آثارًا سلبية على الناس، ويمكن استخدامها ضد أشخاص أبرياء، بدوافع نفسية مثل الانتقام والحقد على سبيل المثال.

قالت المجلة إن للعقوبة أشكالًا متنوعة، تتراوح بين الضحك أمام الأشخاص، أو الاستهزاء بهم، حتى تصل للسجن، لكنها تتخذ فى أوقات كثيرة، أشكالًا معقدة، قد لا تؤتى ثمارها على المجتمعات وعلى البشر، بمعنى أنها قد تضر ولا تصلح.

وتساءلت المجلة: «لماذا نجعل العقاب الخطوة الأولى للردع؟»، مضيفة: «العقوبة تطورت لتعزيز خير أكبر للمجتمع ومنع مآسٍ قد تضر به، لكنها تصبح فى كثير من الأحيان باهظة الثمن بالنسبة للمعاقب، رغم أنها قد تحقق فوائد لآخرين، مثل تحقيق الاستقرار، وفرض قواعد عادلة، وردع المارقين».
وأشارت الصحيفة إلى أن العقوبة ضرورية للحفاظ على القواعد والقوانين وإنفاذها، لكن ما الذى يمنع تغيير أشكالها، بما يحد من تأثيراتها السيئة على المعاقبين؟.

وتابعت: «أصول العقاب تعود إلى زمن ما قبل المجتمعات البشرية، وربما حتى قبل أن تكون لدى الناس لغة للتفاهم وصياغة القواعد»، موضحة: «الأبحاث أكدت أن الشمبانزى الكبير، على سبيل المثال، يستخدم طريقة ما لمعاقبة المستغلين والمخالفين من أفراد مجموعته التى ينتمى إليها».
وأشارت المجلة إلى أن البشر عادة ما يستمتعون بتطبيق قوانين العقوبة، بدافع الانتقام فقط، لا بدافع تهذيب المخطئين وإصلاح سلوكياتهم.

وأوضحت: «العقاب لا يعزز الخير دائمًا، إذا تم استغلاله فى قمع الأقليات، وتعزيز التمييز، واستغلال الجماعات المحرومة، والحفاظ على العقد الاجتماعية العنصرية والجنسية، وغيرها، ومن هنا فالعقوبة يمكن أن تكون ضارة على المدى الطويل».

وقالت إنه فى كثير من الأحيان لا تؤدى العقوبات نتائجها الإيجابية، حتى لو حققت بعض الفوائد الاجتماعة، مثل تعزيز القانون وإنفاذه، ورد الحقوق للمظلومين، لافتة إلى ضرورة إيجاد صيغ جديدة لتطوير فكرة العقوبة، لتكون للصالح العام ونافعة للمجتمع.

وأضافت: «عندما نبحث فى الروابط بين مشاعر الحقد والعقاب، نفتح نافذة على مجموعة من الفرضيات التطورية الجديدة، حول أصول العقوبة، ما يشير إلى أنها تطورت كشكل من أشكال الأذى الموجه، فليست هناك ضمانة حقيقية بأن العقوبة ستكون موجهة فقط ضد المارقين أو الغشاشين، فى حين أنه يمكن توجيهها ضد الأشخاص الذين نحقد عليهم».

وذكرت أنه يمكن العثور على أدوات لتطوير العقوبة، بالرجوع إلى الأبحاث الجديدة التى تناولت تطور السلوك الاجتماعى، الذى أوردها البريطانى وليام هاميلتون، عالم الأحياء التطورية، فى أعماله النظرية فى الستينيات، موضحة أنه صنف الإجراءات الرادعة الاجتماعية المختلفة، على أساس نتائجها على اللياقة الإنسانية، والتكيف مع المخلوقات.

ونوهت بأن قوانين كرة القدم فرضت عقوبات عدة، تبدأ بالإنذار على سبيل المثال، ثم تتطور إلى الطرد من الملعب، ما يشير إلى إمكانية تطبيق فكرة التدرُّج، التى يمكن لها أن تخفف الآثار السلبية للعقوبات على المجتمعات والناس.

ونوهت المجلة إلى إمكانية إيجاد آليات معنوية لتحقيق العقوبة، بدلًا من الآليات المادية المتمثلة فى السجن على سبيل المثال أو الغرامات، وما شابه، بحيث يمكن من خلالها تطويع النفس البشرية إلى الأفضل، وبناؤها من الداخل من جديد، بحيث تكون قادرة على التكيف مع المجتمع، والتعامل مع البشر بطريقة سوية.

وتابعت: «يمكن أيضًا إيجاد مؤثرات وعلاجات نفسية للجريمة، عبر تغيير أنماط التفكير والشعور لدى المذنبين، بما يغير طبائعهم البشرية وتوجهاتهم النفسية».