رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تعليمنا ودستورنا (٨)



الرئيس الشرفي للطائفة الإنجيلية بمصر


ولا يزال التعليم هو الشغل الشاغل والهم الأكبر في حياة الأمم والشعوب على مدار التاريخ والدول التي أفاقت ووعيت لأهمية التعليم في حياتها فاستطاعت اللحاق بقاطرة التقدم في كل مراحلها حتى سبقت دول أخرى كانت في المقدمة ولكنها لم تحرص على النهوض بتعليم أبنائها فتراجعت مكانتها وإنطمس تاريخها أو كاد.
لهذا حرص واضعوا دستور مصر على إخراج دور التعليم في أرقى مكانة تليق به حتى خرجت سبع مواد للتعليم وهنا نضع أول هذه المواد أمام القارئ ومعه المخلصون الأوفياء والحريصون على مصر في مكانها ومكانتها وتاريخها.
أما المادة الأولى والتي تخص التعليم في الدستور - وبرقم تسعة عشر -جاءت على هذا النحو:" التعليم حق لكل مواطن، هدفه بناء الشخصية المصرية، والحفاظ على الهوية الوطنية، وتأصيل المنهج العلمي في التفكير، وتنمية المواهب وتشجيع الابتكار، وترسيخ القيم الحضارية والروحية، وإرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز، وتلتزم الدولة بمراعاة أهدافه في مناهج التعليم ووسائله، وتوفيره وفقا لمعايير الجودة العالمية. والتعليم إلزامي حتى نهاية المرحلة الثانوية أو ما يعادلها، وتكفل الدولة مجانيته بمراحله المختلفة في مؤسسات الدولة التعليمية، وفقا للقانون.
وتلتزم الدولة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومي للتعليم لا تقل عن ٤٪؜ من الناتج القومي الإجمالي تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية. وتشرف الدولة عليه لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها.
وكواحد من الذين شرفوا بالشراكة في صياغة هذه المادة بحكم العمل الطويل في هذا المجال فأني أشعر بالفخر من جانب وبالحسرة من جانب آخر، أما فخري فهو حلم ككل الحالمين أو لنقل كل المصريين المخلصين الذين يحلمون بمستقبل أفضل من كل جانب مدركين أن مفتاح بوابة التقدم هو في التعليم الذي به تتحقق الأحلام الجميلة لكل المخلصين الشرفاء وهم الغالبية الكبرى لهذا البلد العريق تاريخا ومكانة ومكان.
أما ما لا يخفى فهو قناعة اللجنة الدستورية بالحالة التي وصل إليها التعليم في الغالب الأعم فلدينا ما يزيد على ستة عشر مليون طالب في مراحل التعليم المختلفة منهم نحو مليونين في التعليم الخاص وأربعة عشر مليون في التعليم الحكومي وحتى لا يظن البعض أن الدولة بعيدة عن التعليم الخاص فقد جاء الدستور صريحا في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى في موضوع التعليم والتاسعة عشر في الدستور " تشرف الدولة على التعليم لضمان التزام جميع المدارس والمعاهد العامة والخاصة بالسياسات التعليمية لها ".. وكان في فكر اللجنة ضرورة الإشراف على كل مواقع التعليم لأنه يشكل حياة أبناء مصر من كل الجوانب الأمر الذي حرص عليه واضعو الدستور.
ولما كنت قد أشرت في مقال سابق إلى أهمية التزام الدولة بالنسبة المحددة للإنفاق على التعليم ورغم كل الظروف الاقتصادية والأمنية التي تجبر المسؤولين على خفض نصاب التعليم في الموازنة لكن يمكن توفير جزء كبير من موازنة البناء لمدارس كثيرة تواجه كثافة العدد الذي فاق الأربعة عشر مليون في مدارس الدولة المجانية التعليم حتى اكتظت الفصول وبالتالي ضعفت قدرات المعلمين داخل الفصول المكتظة لتحل هذه الأعداد في مواقع أخرى إما في حجرات المنازل للقادرين أو في قاعات أخرى تجمع غالبية الطلاب فيها تسمى مراكز تعليمية فاستبدلت الفصول بقاعات والمدارس بمراكز تعليمية.
وهنا تأتي بعض الأفكار التي قد تساهم في حلحلة هذه المشكلة أي إزدحام الفصول وعجز المدرس عن توصيل المادة العلمية فلنكمل في المراكز الخاصة وهنا نرى أن الدولة لن تعجز عن الحلول البديلة لإنقاذ التعليم من هوة معروف مداها وندرك نتائجها.. ونضع أمام المسؤل الأول عن أبناء مصر السيد الرئيس المهموم بأمور كثيرة لا شك أن التعليم أولويته ومحور تفكيره.. لماذا لا نفكر خارج الصندوق فنعيد جدولة مواعيد الدراسة بحيث تستخدم الأبنية استخداما مضاعفا على هذا النحو كمثال:
تبدأ الدراسة من السابعة صباحا وحتى الثانية عشر ظهرا على أن تبدأ الدراسة للقطاع الثاني من الساعة الثانية عشر والنصف وحتى الخامسة والنصف بعد الظهر.. مدة الدراسة لا تقل عن تسعة أشهر أي ستة وثلاثون أسبوعا دراسيا وتكفي ثلاثة شهور موزعة على الأعياد والمناسبات القومية ونصف العام والعطلة الصيفية.. أما كثافة الفصول فلا تتعدى أربعون طالب وطالبة وبهذا تكون المدرسة قدمت تعليما لثمانين طالبا للفصل الواحد على مرحلتين.. تحصل ضريبة من العاملين عند راتب معين بنسبة واحد في المائة ضريبة تعليم.
إعادة النظر في الكتاب المدرسي ويستبدل بكتب المعلم والمكتبات المدرسية فالملايين التي تصرف على كتب غالبا ما لا تستخدم لبدائل فالطفل الأمريكي لا يتسلم كتب حتى في المرحلة الأولى من التعليم ولكن الكتب في المكتبات والمعلمون هم الذين يسعون إليها وليس الطلبة ونتذكر الإعداد الكبيرة من المعلمين الذين زاروا الولايات المتحدة الأمريكية ورأوا كيف يستخدم المعلمون مصادرهم من المكتبات وأما التلاميذ فهم المتلقون للعلم وكلما كبروا زادت مسؤلياتهم في البحث عن مصادر معرفية وليست كتب تحمل في حقائبهم.
إعادت النظر في رواتب المعلمين والعاملين في حقول التعليم بحيث لا يحتاج المعلم إلى عمل اخر سواء كان في فصول تعليمية في المنازل أو في مراكز موازية.. تزويد المكتبات المدرسية بالكتب والمراجع التي تساعد المعلم والتلاميذ على تحصيل المعرفة كبديل للكتب التي تطبعها الحكومة وخروج كتب أخرى موازية يفضلها المعلمون على كتب الوزارة.
ومن المهم أن يدرب التلاميذ على المحافظة على نظافة مدرستهم ويقوم المعلمون والتلاميذ بالحفاظ على نظافة فصولهم وملاعبهم فالطفل الأمريكي مدرب على نظافة حجرته وبالتالي مدرسته وفصله ومن المضحكات المبكيات وإنا أتحدث مع أم مصرية عن نظافة فناء المدرسة حتى لا تجد في الفناء الكبير قصاصة ورق مهما صغر الحجم وإذ بِنَا نجد ابنها المصري الحديث يأتي بكمية من نشارة الخشب الموجود تحت الأجهزة الرياضية حتى اذا سقط الطفل من أرجوحة يتلقاه الرمال ونشارة رقيقة ونظيفة فإذ بهذا الطفل المصري الحديث يملأ حقيبته من نشارة الخشب ويلقيها في الفناء النظيف تماما وكان التعليق " معلهش جاي حديثا"... وللحديث بقية