رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علماء دين واجتماع يضعون روشتة استعادة منظومة القيم الأخلاقية

جريدة الدستور

تشهد الفترة الأخيرة حالة من التدهور الأخلاقي، وظهور بعض العادات المستجهنة، كالبلطجة، التحرش، الإلحاد، ما يهدد منظومة القيم،" الدستور" سألت أساتذة إجتماع ورجال دين لمعرفة الوسائل التي يمكن من خلالها استعادة منظومة الأخلاق المتدهورة.

"ثورة أخلاقية"
يقول محمود الشريف نقيب الأشراف، ووكيل مجلس النواب، من الفضائل العظيمة والأجر الكبير الذي أعده الله لحسن الخلق أنه أثقل الأعمال الصالحة في الميزان يوم القيامة وفي ذلك يقول النبي، صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء يوضع في الميزان أثقل من حسن الخلق، وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة".

وأضاف أن السبب في اندثار الأخلاق الفاضلة التي أمر بها النبي صلى الله عليه وسلم، إهمال مادة التربية الدينية في المدارس، فالأجيال السابقة كانوا حفظة قرآن كريم، أما الآن نجد القليل، وقبل التعليم كانت تدرس التربية، فعندما يتربي الطفل في البيت أو المدرسة علي الأخلاقيات سينصلح حال المجتمع.

وأكد أنه لابد من ثورة أخلاقية لعودة الأخلاق الحقيقة للمجتمع، ولن يتم ذلك إلا من إصلاح الأمور الأخري من تطبيق العدالة الإجتماعية، واتجهت الدولة لذلك خلال الفترة الحالية، فعلي سبيل المثال نجد أدب الخلاف يظهر في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة الأعلام من الأئمة والصالحين.

وأردف: وقد كان الإمام الشافعي يقول:"رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب"، ومنها أيضا قول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها: "كل الناس يؤخذ منهم ويرد إلا صاحب تلك الروضة" في إشارة منها للنبي صلى الله عليه وسلم.

"العودة إلي الأخلاق الدينية"
ويرى الدكتور مراد محمود حيدر أستاذ الفقه المقارن في كلية الشريعة والقانون بجامعة الأزهر، أن الإسلام بأصوله وفروعه دين ودنيا، فهو يحمل في تشريعاته الفقهية ما يصلح الدين والدنيا، ولذا فهو بحق دين الحياة ومنهج المجتمع،وفي الآونة الأخيرة، ظهرت في المجتمع عادات مستهجنة، وأخلاق مستقبحة، وفدت إلي المجتمع المصري من مجتمعات مريضة، ما تسبب في ضعف الوازع الديني عند كثير من أفراده،نتيجة تخلي المسلم عن أخلاقه وعاداته،وقيمه.

وأضاف: أن العلاج الناجح لهذه الحالة التي يحياها المجتمع المسلم الآن، هو العودة إلي أخلاقه الدينية، والاقتراب من علمائه، والتماس التعلم من المساجد، وفي دائرة الأخلاق الإسلامية ما يكفي لإصلاح العالم أجمع، وليس المجتمع المصري فقط، فالدواء بين أيدينا، ولكننا نتقاعس في تعاطيه.

"الإشراف علي ضبط السلوك"
ويحدد الدكتور طه حبيشي، أستاذ العقيدة والفلسفة بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن المؤسسات التعليمية عليها بث الأخلاق في شبابها، وأتمني أن تكون هناك مادة إلزامية تسمى وطنية دينية لا يعلمها إلا رجال ذو قدوة، ولابد من الإشراف على ضبط السلوك من قبل الدولة.

"مسؤولية الجميع"
من جهته قال الدكتور محمد مبارك أستاذ علم الإجتماع بجامعة الأزهر، إن نسق القيم من المكونات الأساسية في المجتمع، يؤدي دوره ووظيفته في المجتمع تمامًا مثل المكونات الأخرى الثقافية والاجتماعية والأخلاقية والتشريعية ؛ بما يؤدي إلى حفظ التوافق والتوازن الاجتماعي وحماية المجتمع من الصراعات الفكرية والسلوكية الهدامة.

وأضاف في تصريحات لـ" الدستور" أن القيم تتصف بأنها إنسانية، وأخلاقية، ومعيارية، وتاريخية، ونسبية، ومتطورة، ومتغيرة، لذلك فإن عملية التمسك بها ومن ثم تطويرها من الأمور التي يضطلع بها كثيرٌ من أعضاء، ومؤسسات المجتمع، بدءا من الأسرة، وإنتهاءًا بالمجتمع الكبير مرورًا بالمؤسسات الاجتماعية كالتربية والتعليم، والتعليم الجامعي، ومراكز الشباب والأندية الرياضية، والمؤسسات السياسية كالأجزاب، ومعاهد التوعية كمعهد إعداد القاد، والمؤسسات الدينية كالمسجد والمعاهد الدينية.

وأشار أن القيم الأخلاقية أحد أنواع المنظومة القيمية المجتمعية أصابها ما أصاب المنظومة القيمية من تغيير، ولربما يعود ذلك إلى إختلال المعايير من جهة، وضعف الوازع والوعي الديني والأخلاقي من جهة أخرى، وقلة وجود النموذج القدوة من جهة ثالثة، وصارت العلاقات، والمعاملات تبني على أسس مادية ومنفعية.

وتابع: ما يزيد الطين بله تلك المواد التي تقدم عبر الشاشة الفضية، مثل أفلام الأكشن والحركة التي تمجد قوة أخذ الحق وغير الحق بالذراع وفرض السيطرة ومقاومة السلطات والخروج على القانون [ حبيشة ـ الأسطورة، ومن قبله جعلوني مجرمًا ـ وجزيرة الشيطان...الخ ] وكذا الموضوعات والسلوكيات الخليعة التي يشاهدها كثير من الشباب على الإنترنت وأدوات التواصل الاجتماعي، كل هذا وذلك أحدث خلل في المنظومة القيمية الأخلاقية ووجدنا قيم كثيرة في مهب الريح كقيمة تبجيل كبار السن، وإحترام الوالدين، والاحترام المتبادل بين الزوجين، وتبجيل المعلمين، والأساتذة، والإحسان إلى الجار، والضيف، والإعلاء من قيم الولاء والإنتماء، وتقدير العلماء ودعمهم.

ونوه أستاذ علم الإجتماع: لكي نستعيد ما صلح به حال سلفنا الصالح لابد من العودة الصادقة إلى تلك المنظومة القيمية الأصيلة والإيجابية التي يزخر بها ديننا الحنيف، وسنة نبينا صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم القائل: إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق، كما قال له ربه سبحانة وتعالى " وإنك لعلى خلق عظيم "، علمًا بأن هذا لم ولن يتعارض مع التقدم العلمي والتكنولجي في مختلف مجالات الحياة.

ولفت إلى أهمية دور وسائل الاعلام خاصة المرئي منها، وكذلك جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية الأولية والثانوية في تبني ونشر القيم الايجابية، ونبذ القيم السلبية، من خلال الأعمال المختلفة التي تقدمها جميع وسائل الاعلام.

"الأسرة أساس الإصلاح"
وقالت الدكتور رابعة ناصر، أستاذ علم نفس بجامعة الأزهر، إن هناك علاقة قوية بين المنظومة الاخلاقية ( الجانب الروحي ) والجانب النفسي، فعندما توجد القيم الاخلاقية يوجد جانب نفسي واجتماعي وصحي لدي الفرد تجعل الانسان علي طريق القوة والايجابية في التعامل بالقيم مع منهج الحياة، فالقيم الاخلاقية درع الانسان الواقي من جميع الاضطرابات النفسية والصحية حيث انها توفر له الرضا والسعادة والارتياح النفسي الذي يحمينا من جميع المشاكل التي تواجهنا.

وأضافت في تصريحات لـ" الدستور" أن استعادة منظومة القيم الاخلاقية عن طريق الأسرة وحرصها علي تربية النشء علي أسس الدين والقدوة الحسنة حيث تشير الدراسات إلي أن تعلم الاطفال يكون عن طريق المحاكأة والتقليد التي يكون لها دور فعال في تلقي القيم التي تكون من ثوابت الفرد في حياته، ثم يأتي دور المراحل التعليمية وخاصة المرحلة الاولي في غرس القيم التي تستمر مع الفرد طوال أيام حياته.

وتابعت: تشير دراسات نفسية واجتماعية الي أهمية المراحل الاولي في حياة الفرد، ثم تأتي دور البيئة المحيطه وتأثيرها سلبا أوإيجابا في التمثل بالقيم الاخلاقية، كما توجد مرحلة فاصلة ولها دورا في هيكلية القيم هي التعليم الجامعي، وفيها نسيج المنظومة الحياتية وما تحتويها من افكار وثقافة، ثم دور محاكاة العقل عن طريق الدين.