رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

حكاية المشاهد الأخيرة لـ "أحمد زكى" على فراش الموت

جريدة الدستور

حكى سمير عبد المنعم ابن خالة الفنان أحمد زكي وتوأمه الروحي، والشاهد على طفولته، عن المشاهد الأخيرة في حياة الفتى الأسمر.

في إحدى ليالي ديسمبر 2003 شعر زكي بآلام شديدة وحشرجة في الصدر، وضاق عليه النفس، وأحس في هذه اللحظات بقرب الأجل والموت، هكذا بدأ عبد المنعم روايته، مشيرا إلى أن الفنان الراحل كان أسوأ مريض في العالم، لا يمتثل بسهولة لتعليمات الأطباء ويرفض الذهاب إلى المستشفى، ويصرّ على عدم مغادرة منزله، فلم يجد "حسن البنا" طبيبه الخاص مفرًّا سوى أن يُقيم في منزل الفتي الأسمر، وأعد له في غرفة نومه وحدة عناية مركزة، تم تزويدها بأسطوانات الأكسجين ولوازم علاج التهابات الشعب الهوائية.

وأضاف عبد المنعم: "رغم كل الآلام التي عانى منها زكي، لم ينس "عديات" أفراد العائلة بالزقازيق بمناسبة بشائر العيد الكبير، فكان معتادًا في كل مناسبة أن يعد مجموعة من الأظرف المكتوبة على كل ظرف اسم صاحبه، وبداخله مبلغ، فأتم "أحمد" الأمر وطلب من الحاج شعبان أن يسلمها إلى أصحابها في الزقازيق، ليعود مستسلمًا لآلامه مرة أخرى"، وذلك حسبما ورد في جريدة نهضة مصر عام 2008.

وتابع: "في مستشفى دار الفؤاد أُجريت الفحوصات والأشعة، وكانت النتيجة انكساب بلوري نتج عنه ماء كثيف على الرئة، للدرجة التي جعلت البعض يعتقد أن "زكي" كاد يغرق بداخله، وفي اليوم التالي تم بزل لترين من الماء، وهي الحد الأقصى من الماء التي يتم بزلها في مثل هذه العمليات، أما بقية الماء الموجود في الرئة، فقد تم بزله عن طريق خرطوم يصل الرئة بقارورة سعة لترين، كلما كانت تمتلىء تستبدل بقارورة أخرى، وهكذا وصل عدد القارورات إلى ثلاث وفي أربع لاحظ الأطباء أن لون المياه يميل إلى الوردي، وكلما زاد اللون زاد حجم الخوف والرعب، فأخذت عينة منا إلى أحد المعامل الموثوق بها في المنيل، وكانت النتيجة مرعبة، فقرر الأطباء ضرورة السفر إلى فرنسا، والعرض على أحد الأطباء المتخصصين في مثل هذه الحالات".

وقال عبد المنعم: "في غمرة الأجواء، ذهب ممدوح وافي إلى مقبرة كان أعدها أحمد زكي له ولى "عشان يكون معايا دنيا وآخرة"، لكن يشاء القدر أن يرقد فيها ممدوح وافي قبل وفاة أحمد زكي، وكان ممدوح وصى قبل وفاته أن يدفن فيها واستجاب أحمد زكي لطلبه".

وعاد أحمد زكي من باريس إلى مستشفى دار الفؤاد بالقاهرة، بعدما تأكد إصابته بمرض السرطان وأن الإصابة في الرئة اليسري ودرجة الإصابة خفيفة هكذا قيل لأحمد زكي، لكن المقربين كانوا يعرفون أنها خطيرة وحالته متأخرة جدًا.

وفي أحد أيام تصوير فيلم "حليم" وجدت إحدى قدميه متورمة ومنتفخة بشكل غير طبيعي وتم حجزه لحين إزالة الجلطة، واستكمل الفيلم في أثناء وجوده بالمستشفى، وفي أحد أيام التصوير كان يؤجل الأوردر ساعة بعد الأخرى بسبب آلام ساقه، وفي أوقات طلبوا منه أن يلغي أوردر التصوير فرفض بشدة لأنه أراد أن يحتفل "بمولد النبي" وكلف مدير الإنتاج أن يُعد وليمة ضخمة لجميع العاملين في الفيلم، بالإضافة لظرف لكل فني وعامل في الفيلم فيه عيدية مولد النبي، وأقام وذهب إلى الأستديو وتناول الغداء وأخذ كل منهم ظرفه وعاد إلى المستشفى مرة أخرى.

وهاجمته جلطات متلاحقة في جزع المخ، وهنا دخل نفق الموت ورقد في غرفة الإنعاش في غيبوبة تامة.

واختتم "عبدالمنعم": "في الصباح كان أحمد زكي قد رحل، وخرج رئيس وحدة العناية المركزة وقال لي: أحمد زكي تعيش أنت".