رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التعليم كالماء والهواء (٥)


وأنا أكتب عن الخطط التعليمية في منطقة الشرق الأوسط بافتراض أن مصر اكبر دول المنطقة من جانب وكونها رائدة التعليم تاريخا وريادة، لهذا كان من اللازم أن يكون لمصر خطتها التي تتوافق مع مكانها ومكانتها وعدد الملتحقين بالمدارس في الوقت الراهن. لهذا كان لابد من خطة مصرية تتناسب مع واقعها لهذا بدأت خطتها على هذا النحو:
أولا عدد الطلاب الملتحقين بالتعليم في الوقت الراهن اثنان وعشرون مليون طالبا بمختلف مراحل التعليم. أما خطة التطوير فوضعت على مراحل أربعة أو محاور رباعية من رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي مع إجراء تغيير وتعديل أو تطوير لنظام الثانوية العامة واستحداث مدارس التكنولوجيا التطبيقية لمدارس التعليم الفني مع الوضع في الاعتبار أن الخطط الجديدة لم تطبق إلا على الملتحقين الجدد (أي أطفال) في رياض الأطفال والصف الأول الابتدائي، أي أنه لا تغيير ولا تعديل أو تطوير للمراحل التعليمية القائمة.

أما السؤال المتكرر وماذا عن بقية المراحل التعليمية ؟ وما هو ضمان تطوير باقي المراحل ؟ وهل ستتكرر تجاربنا عندما حذفت سنة دراسية من مناهج التعليم ليس تطويرا للتعليم ولكن توفيرا لمساحة من الأرض وعدد من المقاعد التي يجلس عليها الطلاب وكذلك لعدد من المعلمين وأجورهم المتواضعة مما زاد الطين بلة ولم تستمر التجربة طويلا وعادت السنة المحذوفة لتصبح المرحلة الابتدائية ست سنوات كما كانت.
يقود السيد الوزير برنامج التعليم المقترح بمناهج هادفة للفهم وليس اعتمادا على الحفظ، للتفكير وليس التلقين، للإبداع وليس ترديد دون وعي لدرجة أن الطفل يردد وراء المعلم عبارة ( اقلب الصفحة) ظنا منه أنها جملة تعليمية وليست عبارة آمرة او كلمات جديدة. كما يصرح السيد الوزير أن النظام المقترح فيهدف إلى التفكير الإبداعي بدلًا من الحفظ والتلقين كما أن النظام الجديد يخلو من الامتحانات في الصفوف الابتدائية من الصف الأول وحتى الصف الثالث وتقييم الأطفال يكون من خلال تطبيقات بسيطة لقياس مستوياتهم العلمية لتبيان نقاط الضعف والقوة.
أما عن الصفوف الدراسية الأعلى من الرابع وحتى الصف السادس فلن تؤثر امتحاناتهم نجاحا أو رسوبا وإنما بهدف قياس مستوى التحصيل العلمي لكل طالب ودون وضع دراجات، أي يكتفى بتعبير امتياز أو جيد جدا أو جيد أو مقبول أو ضعيف دون ذكر أرقام.
أما لغة الدراسة فباللغة العربية لجميع المواد كالرياضة والعلوم والتاريخ والجغرافيا والتربية الدينية ولا مانع من تدريس لغة أجنبية كمادة مستقلة بذاتها سواء كانت إنجليزية أو فرنسية أو ألمانية وأتصور أن هذه المواد الأجنبية الثلاثة هي الأكثر شيوعا في مصر.
ومن المقرر تطبيق النظام الجديد اعتبارا من العام الدراسي الجديد والذي بدأ منذ بضعة أسابيع مع ملاحظة أن اللغة غير العربية ومناهج التربية الدينية تعتبر كمادتين مستقلتين تحقيقا للتكافل ولا تدخل في التقييم. وتسير الدراسة لجميع المواد الأخرى باللغة العربية.
أما السؤال فهو بالنسبة للمدارس الخاصة التي تأتي اللغة موازية للغة العربية حتى تدرس جميع المواد بلغة أجنبية انجليزية أو فرنسية أو ألمانية وغيرها إن وجد ؟. فهل يفهم من خطة الوزارة أن يقتصر تدريس اللغة الأجنبية على اللغة فقط وليس على بقية المواد؟ حيث تنص مسودة القانون على الآتي: وتكون الدراسة باللغة العربية بدءًا من مرحلة رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الابتدائية وهو ما ينطبق على المدارس الحكومية والتجريبية أما في المرحلة الإعدادية فيدرس الطالب العلوم والرياضيات باللغة الإنجليزية، وأظن أن هناك خطأ ربما في التدوين، إذ كيف يدرس الطالب باقي المواد بلغة غير التي تعلمها في المرحلة الابتدائية ؟ لا شك أن هناك خطأ ربما في النقل آو التدوين ذلك لوجود نص صريح " وستكون الدراسة باللغة العربية بدءًا من مرحلة رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الابتدائية وهو ما ينطبق على المدارس الحكومية والتجريبية، أما في المرحلة الإعدادية فيدرس الطالب العلوم والرياضة باللغة الأجنبية في المدارس الخاصة أو التجريبية، ثم جاءت العبارة التالية " يؤجل تطبيق هذا النظام على المدارس التجريبية التي تدرس لغات أخرى غير العربية إلي العام المقبل لإتاحة الفرصة لأولياء الأمور لاختيار المدرسة المناسبة لأولادهم.
ومن المقرر أن يطبق هذا النظام بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة على أن يطبق في العام المقبل... " أعتقد أنه بدأ فعلا"
ثم يتناول القانون الجديد أسلوب تطوير الثانوية العامة والذي سيطبق على الصف الأول الثانوي في عامنا الجديد الذي بدأ منذ أيام وهذا ما يعرف بتطوير الثانوية العامة والذي سيطبق على أطفال الصف الأول الابتدائي الذين بدأوا هذا العام ٢٠١٨، ووفقا للقانون أن الطالب سيتسلم مع كتبه أجهزة لوحيه مزودة بالمناهج التعليمية وكذلك سيؤدون امتحاناتهم بهذه الأجهزة الإلكترونية مع بقاء المناهج كما كانت باستثناء طرق التقييم والامتحانات التي ستتكون من اثني عشر امتحانا في ثلاث سنوات يختار منها الطالب أفضل أربع امتحانات من حيث الدرجات الحاصل عليها وهو ما يتيح أكثر من فرصة للتعويض، وتعتمد الامتحانات على الفكر والتحليل والإبداع لقياس المهارات الفكرية والمعرفية وليس بالحفظ والتكرار.
كما نفهم من القانون الجديد أن الامتحانات لن تكون على مستوى الجمهورية بل لكل مدرسة أن تمتحن طلابها في التوقيت المناسب لها وذلك لمنع الغش أو التسريب.
وهنا وقفة أمام قراءة هذه المواد التي يتضمنها المشروع حتى تخيلت أنني أقرأ حلما أو خيالا وكأن كل الطلبة - ومن قبلهم المعلمين- وقد تحوّل الجميع إلى ملائكة ونسينا أو تناسينا الحالة الراهنة أو أوضاع معلمينا وأحوالهم المعيشية ومصدر الدروس الخاصة ثم عدالة ونزاهة الجميع بلا استثناء.
بالصدفة وأنا أطالع مشروع القانون المقترح أو الذي أُقِرّ وإذا بي أقرأ عن الأم المدرسة المنقبة التي دخلت الامتحان بدلا عن ابنتها ولم يقل لنا الخبر كم من الامتحانات أجرتها قبل اكتشاف حالها ؟
أما إذا كنّا قد تحولنا من بشر قابل للخطأ إلى درجة ملائكة لا يسقطون - مع أن هناك ملائكة سقطت وأصبحوا شياطين
وإلى لقاء يتجدد في ضوء معلومات قد تصحح المفاهيم أو تعدل بقواعد أخرى في ضوء الأحوال والأهوال وشح الأموال.