رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

العاشقان.. ميرفت القفاص أرملة عمار الشريعى: كان شايفنى.. ولم أر أحدًا غيره

جريدة الدستور

- ليس لدينا مانع فى تقديم عمل درامى عن حياته
-أهله رفضوا عمله فى الفن وأرادوا أن يصبح مثل طه حسين والأطرش نظم حفلًا لإقناعهم.. ولحّن أول أعماله فى التاسعة من عمره

«الله يا حبيبى على حبك وهنايا معاك».. بتلك الجملة التى تفيض بالمحبة، عبرت الإذاعية ميرفت القفاص، أرملة الموسيقار الراحل عمار الشريعى، عن ارتباطها بزوجها عبر سنوات زيجتهما، التى بدأت منذ ١٩٨٨، أثناء استضافتها له فى برنامج «صوت الإذاعة»، قبل أن يكللا ذلك الود المتبادل بالزواج بعد ٣ أعوام من ذلك اللقاء الأول. أسرها بأسلوبه فتزوجته، وتفخر بكونها «أول قصة حب» فى حياته، تقول إنه عاش فقط ليسعدها هى وابنهما «مراد»، وتصفه بأنه كان «الونس والسند ومصدر السعادة». خلال السطور التالية، تفتح السيدة ميرفت خزانة أسرارها، وتتحدث عن «عمار» الزوج والأب والفنان، وتتطرق إلى علاقته بعائلته، وزملائه فى الوسط الفنى، وغيرها من التفاصيل.

■ متى كانت بداية عمار الشريعى؟
- عمار ولد فى ١٦ أبريل ١٩٤٨ بمحافظة المنيا، أصوله تعود لقبيلة «هوارة» فى الصعيد، ونشأ محبًا للموسيقى وبدأ يتعلم العزف على آلة البيانو وعمره ٣ سنوات، وجاء إلى القاهرة بعدها بعامين، حيث درس فى مدرسة «الزيتون» للمكفوفين، واستمر بها حتى الثانوية العامة.
درس الموسيقى عن طريق المراسلة فى مدرسة «هادلى سكول» الأمريكية، وتعلم العزف على آلة البيانو وعمره ٨ سنوات. وعندما بلغ ١٤ سنة، عزف على آلة العود، ومن خلالها عرف أسرار الموسيقى العربية ومقاماتها وكل فنونها، وبدأ يطور نفسه بنفسه.
ومن شدة إعجابه بفريد الأطرش كان يريد أن يعزف موسيقى «توتة»، فتدرب عليها بعصبية شديدة تسببت له بتمزق فى كتفه، وكان «عمار» أيضًا حافظًا للقرآن ومتدينًا، ويصلى الصلوات الخمس فى أوقاتها بالمنزل.
■ متى لحّن أول أعماله الفنية؟
- أول لحن له كان فى التاسعة من عمره، حين لحن أغنية «أمى»، وأهداها لوالدته، وكان دائمًا يقول إنه تعلم حب الموسيقى من أمه، التى وصفها بـ«الفلكلور المتنقل».
■ هل عانى الشريعى صعوبات فى طريق وصوله إلى عالم الموسيقى؟
- فى البداية تعرض لغضب من أهله، فتوقفوا عن إمداده بالمال الذى كان يدبر به أمور حياته فى القاهرة، وكانت والدته تريده أن يسلك طريق عميد الأدب العربى طه حسين، وعندما علِم الأستاذ فريد الأطرش أن أحد أفراد عائلة الشريعى يحترف العزف، وأن العائلة لا ترغب فى ذلك، وكان حينها صديقًا للعائلة، نظم حفلة فى منزله على شرف «عمار»، ودعا أعمامه للحفلة ووصفه بأنه «موسيقار كبير»، حتى يقنع أسرته بأن يستمر فى الموسيقى، وكان شرطهم أن يكمل دراسته فى الكلية.
■ متى نشأت قصة الحب بينكما؟
- كان ذلك فى عام ١٩٨٨، فى الإذاعة، وكنت وقتها أقدم برنامجًا يسمى «ضيف الإذاعة» فى البرنامج الأوروبى، وكنت أستضيف فنانًا كل أسبوع، وكان من شروط استضافة الضيف أن يكون متحدثًا لبقًا فى اللغة الإنجليزية، ووقع الاختيار على عمار الشريعى، لأنه تخرج فى كلية الآداب قسم اللغة الإنجليزية، كما أنه كان يتحدث عددًا من اللغات الأجنبية، بعد ذلك نمت بيننا صداقة سريعة، وبعد أسبوع طلب من والدتى أن يأتى لمنزلنا لتناول الشاى، وتعرفنا على بعض أكثر عن طريق الاتصالات الهاتفية المستمرة، تم تقدم لخطبتى وتزوجنا.
■ ماذا كان يجذبك وأنت فتاة فى مقتبل العمر للزواج بفنان كبير مثل عمار الشريعى؟
- لديه أسلوب جميل فى الكلام، فأسرنى بمجرد كلامنا فى التليفون، طريقته جعلتنى لا أرى أحدًا غيره، وكان عطوفًا وودودًا فى تعاملاته معى، ولم أشعر يومًا بأنه لا يرانى، فقد كنت أحرص على أن أتحدث معه وأنا أنظر إليه، لأنه كان يشعر إذا كنت أكلمه وأنا أنظر فى اتجاه آخر.
■ ماذا عن «عمار» الزوج؟
- «يا اللى مليت بالحب حياتى أهدى حياتى إليك.. روحى.. قلبى.. عقلى.. حبى كلّى ملك إيديك.. صوتك.. نظراتك.. همساتك شىء مش معقول.. شىء خللى الدنيا زهور على طول وشموع على طول.. الله يا حبيبى على حبك وهنايا معاك.. الله يا حبيبى يا حبيبى الله الله». تلك الكلمات تلخص علاقتى بعمار، فقد كان لى بمثابة كل شىء: الأب والابن والأخ والزوج، ولم يكن زوجًا عاديًا، بل كان يقدر زوجته، ولم يكن يخبرنى بتعبه حتى لا أتضايق، كنت أحس دائمًا بأنه يعيش ليسعدنى أنا ومراد ابنه، وبالفعل افتقدناه، فقد كان لنا الونس والسند ومصدر السعادة، كان كل حاجة حلوة لنا.
■ تردد أن أسرة الشريعى رفضت تقديم حياته فى عمل درامى.. فما حقيقة ذلك؟
- ليس لدىّ أى مانع من تقديم حياة الشريعى فى عمل درامى، لكن هذا بشرط أن يقدم بشكل محترم وبإنتاج ضخم وسخى، وأن يكتبه أحد كبار الكتَّاب، وأعتقد أنه كان الأجدر لتجسيد شخصيته الراحل محمود عبدالعزيز، الذى كان من أقرب الأصدقاء إليه، وللأسف معظم أصدقائه ومن يستطيعون تقديم شخصيته غير متواجدين.
■ من كانوا قريبين من «الشريعى» من الوسط الفنى؟
- كانت علاقته قوية بالجميع، لكن بشكل خاص الفنان على الحجار، والفنانة يسرا، والفنانة إلهام شاهين، ومدحت صالح، وكان عمار صديقًا مخلصًا ووفيًّا، واستمروا على علاقتهم به حتى وفاته، وكانوا دائمى السؤال عنه عندما دخل المستشفى للعلاج، وحتى عند السفر لباريس فى آخر رحلاته، وكان محمود عبدالعزيز يتردد عليه بين الحين والآخر. كان عمار إنسانا شهما وبسيطا فى تعاملاته، يحترم نفسه، ويقدره ويحترمه الآخرون، كان يحب أصدقاءه ويجمعهم بمنزله، وكان محبا كل ما هو جميل، محبا للدنيا والناس، وكانت علاقته قوية جدًا بالجميع.
■ هل حصل الشريعى على التكريم الذى يستحقه بعد وفاته؟
- من قِبل الدولة لم يحدث، لكن حب الناس وأصدقائه وجمهوره الذين يتذكرونه يكفينا لأنه ما زال يعيش معهم بنفسه وبأعماله التى قدمها إلى الآن، ونحن لا نطالب الدولة بشىء، لكن إذا وضع اسمه على شارع، أو مبنى بالأوبرا فهذا أمر عظيم، ولو أقامت الدولة متحفًا لمقتنياته، فبالتأكيد نحن نرحب بذلك.