رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"وليّ الإسكندرية".. "الدستور" داخل خلوة الشيخ إبراهيم الكتانى

جريدة الدستور

يُعتبر الشيخ محمد إبراهيم عبدالباعث الكتانى، شيخ الطريقة الكتانية الصوفية، الملقب بـ«محدث ومفسر الإسكندرية»، من أبرز علماء وفقهاء الصوفية الذين سطع نجمهم خلال الآونة الأخيرة، حتى إن أتباع ومريدى الطرق فى مصر، لقبوه بـ«شيخ علماء الصوفية».
«الكتانى» ذاع صيته بين المثقفين والمتعلمين، حتى إن «علماء وكبار رجال الأزهر ودار الإفتاء المصرية يذهبون إليه فى خلوته فى الإسكندرية فى محرم بك، لتلقى العلوم على يديه»، وفق ما يردده أتباعه. لا يقتصر الأمر على ذلك «الادعاء»، فأتباعه يقولون الكثير عن «كراماته» التى من بينها أنه مقبول الدعاء ويعد «وريث النبى»، وغيرهما من الأمور التى تشكل قصة تشبه «الأساطير»، تسلط «الدستور» الضوء عليها فى السطور التالية.

1- لم يلتحق بالأزهر الشريف.. ألقى أول خطبة وهو فى الـ16.. وأمه أوقفت «الصحيح الجامع» حتى يعيش

يقول أتباع الشيخ إن «الكتانى» ينتهى نسبه إلى «سيد شباب أهل الجنة الإمام أبى عبدالله الحسين السبط بن أمير المؤمنين على بن أبى طالب والبضعة الزهراء فاطمة بنت أشرف الخلق صفوة الملك الحق، سيد الأولين والآخرين».
ولد شيخ «الكتانية» بالإسكندرية يوم الإثنين الأول من يوليو سنة ١٩٤٦، فى بيت متواضع من والدين كريمين، فوالده كان عالما وفقيها، واسع الإطلاع فى شتى علوم الشريعة منقولها ومعقولها، كما كان شاعرا ومحاضرا، وله ضريح بمسجده فى الإسكندرية.
أما والدة الشيخ، وفق أتباعه ومعارفه، فكانت «متنسكة، متعبدة، كثيرة الذكر، طويلة الصمت، دائمة العكوف على تلاوة القرآن والانشغال بالصلاة على رسول الله، بكاءة من خشية الله، وقافة عند حدوده، لا تنتهك فى مجلسها الحرمات ولا تثنى فيه الفلتات، ذات زهادة فى زهرة الدنيا».
ويشيرون إلى أنها «تعامل والد الشيخ معاملة المريد الصادق لشيخه من حسن السمع والطاعة وصدق الخدمة وحفظ الحرمة، فلا ترفع صوتها عليه ولا تكلفه من مؤونة الحياة ما يبهظه، لذا توفى وهو عنها راضٍ».
وفيما يتعلق بالعلوم التى تلقاها، يقول الشيخ الكتانى عن نفسه: «لم يقدر الله لى الالتحاق بالكليات الأزهرية وإنما تعلمت فى المدارس النظامية والتى أفدت منها مبادئ العلوم الأولية، بجانب علوم أخرى لم تكن محط رحلى ولا موضع اهتمامى، فحمدت الله على ذلك، فوجدت فى بابه عوضا عن كل فائت».
ويشير إلى أن والده قال له: «سيسعى إليك العلم وستعان على تحصيله وطلبه»، معتبرًا أن «الله حقق بشارته، فيما كانت السابقة فى تحقيق هذا الفضل لصنيع قدمته والدته».
ويوضح: «كانت لا يعيش لها الذكور من أولادها، فاشترت نسخة من صحيح الإمام أبى عبدالله البخارى، وأوقفتها باسمى على المشاركين فى ختم الصحيح الجامع فى أشهر رجب وشعبان ورمضان من كل عام، فوهب الله لها من لدنه هذا العبد الفقير إلى نواله منة منه سبحانه».
ويقول عن نفسه أيضًا: «نشأت بناشئة الفضل محبا للعلم، ساعيا إلى تحصيله، عاكفا على تلقيه وأخذه من أربابه منذ نعومة أظافرى، فلم يكن يشغلنى ما يشغل الأطفال فى الصغر حتى فى مرحلة دراستى كان الهم والاهتمام بالعلوم الشرعية فلزمت مجالس والدى- رحمه الله- وكان لا يضن علىّ بما ندُر من الكتب وعزّ من الأمهات التى وجدت فيها بغية الطالب وبلغة القاصد». ويضيف: «كان رحمه الله عمدتى من بعد الله ورسوله فى ترسم سبيل القصد فى تحصيل العلوم الشرعية، وعرفت الصوفية منذ نعومة أظافرى، فوالدى كان من كبار علماء الصوفية الكبار، وأخذت منه العهد الصوفى الكتانى صغيرًا».
وعن مراهقته، يقول: «دفعنى والدى إلى إلقاء خطبة الجمعة فى عدة مساجد، وأنا ابن ١٦ سنة، وكنت شديد العناية بكل ما يصقل أدائى فى هذا الدور العظيم الذى أنيط بى وأنا فى هذه السن المبكرة، ثم توفى والدى سنة ١٩٧٠ عن ٧٣ سنة، فتركت وفاته فى نفسى أثرًا أيقظ منى فواتر الهمم فى طلب الحديث بعد أن حفظت القرآن حالة صغرى على يد زوج أختى الشيخ حنفى محمود».

٢- محاضراته فى 6 مساجد بالإسكندرية.. ومريدوه: مستشار الرئيس من تلاميذه

رغم كثرة تلاميذه، فإن مؤلفات الشيخ قليلة، وهو ما يفسره قائلا: «أنا قليل البضاعة فى التأليف، لأننى لا أحب أن أطرق بابًا قد طرقه غيرى ولكثرة الدروس التى ألقيها بمساجد الإسكندرية فى كل أيام الأسبوع».
ويوضح: «فى يوم السبت أقوم بشرح أحاديث صحيح الإمام مسلم بمسجد شرق المدينة، وفى يوم الأحد أُدَرِّسُ السيرة بمسجد نور الإسلام، وفى يوم الإثنين أشرح أحاديث صحيح الإمام البخارى بمسجد الميناء الشرقى، وفى يوم الثلاثاء أقوم بتدريس التصوف بمسجد النبى دانيال، وفى يوم الأربعاء أقوم بتفسير القرآن بمسجد بدر، وفى يوم الخميس أقوم بشرح الشمائل بمسجد والدى».
ويضيف: «صححت كتابا عن مفهوم الافتراق فى هذه الأمة بعنوان (إبراء الذمة بتحقيق القول حول افتراق الأمة) وكتابا بعنوان (نقل الأعضاء بين الحِلِّيَة والحرمة)، والجزء الأول من كتاب (رد المتشابهات إلى المحكمات فى جانب خاتم النبوات صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم)».
ويكشف عن عزمه تأليف عدة كتب عن القدر والقرآن وخصائصه، بتناول جديد لأنها من الأبواب المطروقة، معتمدًا على التصحيح ورد الشبهات وحل المعضلات وإزالة المشكلات وتفنيد الأباطيل والافتراءات، مما تدعو إليه حاجة العصر، وفق قوله.
ويرى مريدو «الكتانى»، أنه من شيوخ الصوفية الذين جمعوا بين العلم والكرامات والبركات، ويصفونه بأنه «من أكبر علماء الحديث فى مصر، ما جعل علاقاته متشعبة بشيوخ وعلماء الدين ليس فى مصر فقط، بل فى جميع دول العالم، حيث دعاه الرئيس الشيشانى رمضان قديروف، وبالفعل زاره فى الشيشان واستقبله استقبالا عظيمًا»، حسبما يقول محمد على، من مريديه.
ويضيف «على»: «شيخنا ملقب بـ(أبوالبركات)، فلا يأتى أحد إلى خلوته، إلا ويجبر الله بخاطره، وتقضى له حاجته، فعبادته وزهده جعلت الله عز وجل يمن عليه، باستجابة الدعاء، وحدث الكثير من الكرامات على يد شيخنا».
ويتابع: «من يرد أن يرى الخير والبركة، فليذهب إلى خلوة الشيخ فى محرم بك فى الإسكندرية، ويجلس بضع دقائق فى حضرة مولانا العارف بالله، وسيعلم أن شيخنا هو الولى الذى أنعم الله به على أهل الإسكندرية».
ويشير إلى أن الدكتور أسامة الأزهرى، مستشار رئيس الجمهورية، والدكتور عمرو الوردانى، مدير التدريب بدار الإفتاء المصرية، والدكتور مجدى عاشور، مستشار مفتى الجمهورية، «تلقوا علوم الحديث على يد الشيخ وجلسوا فى حضرته أيامًا كثيرة لينهلوا من ساحته ومن علومه الصوفية التى جعلتهم مجذوبين إلى حضرته».
أما «حسين القاضى»، وهو مريد أيضًا، يقول: «شيخنا هو سليل بيت النبوة، من خالطه عشرة أحبه، وظهرت كراماته للقاصى والدانى، حتى إن كثيرين من مشارق الأرض ومغاربها، جاءوا إلى خلوته وأخذوا العهد على يديه، وعادوا إلى بلادهم وديارهم ونشروا فكره وطريقته الصوفية، فى الجزائر والمغرب وألمانيا وفرنسا وعدد كبير من دول العالم». فى السياق ذاته، يقول المريد أحمد ناجى: «هناك الكثير من الدول الإفريقية، استضافت العارف الكتانى، وذلك لأنهم يعلمون حقيقة هذا الرجل، وهذا يدل على أنه له أفضال عظيمة لا يعرفها ولا يعلمها الكثير من الناس، حتى إن البعض ينظر إليه على أنه الوريث الحقيقى للنبى، حيث يقتدى بالرسول فى كل أقواله وأفعاله، فلم يقتصر مريدوه على رجال الأزهر فقط، بل أصبح يقصد الشيخ رجال الأعمال وعلية القوم». ويكشف عن أن «الكتانى» كل شهر يقود موكبًا ضخمًا يضم ٥٠ أتوبيسا و٢٠ سيارة، تتجه إلى القاهرة وعدد من المحافظات، لزيارة مقامات وأضرحة الصالحين.
ويختم: «كثيرون من جميع أطياف المجتمعات صاروا متيمين بالشيخ الكتانى، والجميع يريد أن يأخذ البركة والدعاء منه، باعتباره صاحب الكرامات والبركات الذى يتحدث عنه الصوفية فى جميع أنحاء العالم»، وفق قوله.