التزوير وتشابه العناوين والتلاعب تضرب سوق النشر
هوية الكتاب المصري في مأزق بسبب "الترقيم الدولي"
«الشوكي»: مصرتسدد سنوياً 12 ألف دولار لتفعيل عضويتها في نظام الهوية الدولي
«الناشرين المصريين»: 500 كتاب مزوَّر في معرض القاهرة
دور نشر "بير السلم" تستكمل دورة تزوير الطبعات بضرب العناوين وأسماء المؤلفين.. وناشرون: الترقيم الدولي كلمة السر
وسيتم توضيح جميع التفاصيل لتزوير أكبر عدد من الكتب لكبار الكتاب، وذلك بعد ضبطها من قبل شرطة المصنفات، التي تبذل قصارى جهدها بالتعاون مع اتحاد الناشرين المصريين للحفاظ على صناعة النشر في مصر، وهو ما دفعنا للتحقيق في هذا الملف إلا هو ملف عملية تزوير الكتب في مصر والذي يعد من أبرز الظواهر التي تضرب سوق الكتاب في مصر والخارج، ولها آثار سلبية كبيرة على دور النشر الجادة، وتمتد هذه الآثار حتى تصيب القارئ نفسه، خصوصا أن تزوير الكتب تطور من مرحلة ضربها في طبعات شعبية من قبل دور تعمل تحت بير السلم، إلى وضع أسماء لمؤلفين من المشاهير على أغلفة كتب لا تمت لهم بصلة، حتى الأغلفة نفسها تتم سرقتها، الأمر الذي أوجد العديد من الكتب تتطابق في العناوين في خرق واضح لقانون الملكية الفكرية.
_ من سرقة الكتاب إلى سرقة المؤلف
كثرت في الآونة الأخيرة طبعات الكتب المزورة، وتقوم بها مطابع لصالح بعض المكتبات، غالبا ما تباع هذه الكتب بسور الأزبكية، وعلى الفرش المنتشرة داخل العاصمة، الأمر الذي يسبب الكثير من القلق لدور النشر، وعن كيف يعرف المزورون الكتب الأعلى مبيعا، فأحد الأسباب أنهم يتابعون البيست سيلر في المكتبات وطلبات المكتبات من روايات بعينها، والسبب الآخر هو مراقبة الـ"جودريدز" ومعرفة الكتب التي تأخذ أعلى التقييمات القرائية، ومن هنا يبدأ المزورون في طرح طبعات لهذه الكتب.
وأدركت دور النشر مدى الخسائر الواقعة عليها من واقع التزوير، فبدأت دور النشر في ضخ طبعات شعبية عملا بمبدأ أحمد حلمي في فيلم ظرف طارق، وهو"كل نفسك قبل ما حد ياكلك"، وبالتالي الاستفادة حتى وإن كانت قليلة من الطبعات، أما البعض الأخر فقد رفض تماما هذه الفكرة واعتبر الأمر مشاركة في التزوير.
_ سرقة أسماء الموتى من المؤلفين المشهورين
لجأت بعض المكتبات في سور الأزبكية إلى حل آخر وهو التحايل على دور النشر التي لديها حقوق طبع مؤلفات دكتور التنمية البشرية إبراهيم الفقي، فقال ع.س أحد أصحاب المكتبات، في تصريح للـ"الدستور"، عن سر زيادة مؤلفات إبراهيم الفقي، أن بعض المكتبات لجأت إلى حل قذر وهو قطع عدة فصول من كتب مختلفة ودمجها في كتاب واحد، وبذلك زاد عدد المعروض من إصدارات الدكتور الراحل.
وأضاف المصدر، أن الإقبال الكبير على مؤلفات إبراهيم الفقي ونزار قباني وغيرهم، مما جعل البعض يبتكرون ويتحايلون لركوب موجة بيع هذه الكتب، وبالفعل يبيعون ما أصدروه لصالحهم.
_ عنوان الكتاب هو صك هوية
تقع مسئولية تشابه العناوين على الدار المنتجة للكتاب وعلى المؤلف أيضا، ولأن هذه الدور لا تقوم بعمل ترقيم دولي فإنها لا تكتشف هذا الأمر، ومن ثم تتشابه عناوينهم مع روايات أخرى قديمة.
ومن المعروف أن عنوان الكتاب هو صك هوية خاص بالكتاب، ولا يمكن تكرار عنوان كتاب على كتاب آخر، لأن العنوان يدخل ضمن نطاق حدود المليكة الفكرية،وقانون المطبوعات لا يسمح بهذا التكرار، حفاظًاعلى تلك الحقوق للمؤلف ودارالنشر في آن واحد، ورغم ذلك ضربت دور النشر بهذه القوانين عرض الحائط سواء عن تعمد أو عدم قصدية، ولوحدث ذلك فهو بمثابة سرقة؛ إذ صدر من يحفظ لمؤلفه حقوق الملكية الفكرية، لذا فمن المفترض ألا أن نجد عنوانا يتشابه مع آخر، وعلى العكس زادت هذه الظاهرة بما يعني أن الكاتب لم يكلف نفسه بعمل «سيرش»، ليرى إن كان العنوان قد استخدم أم لا، وهيئة الكتاب تمنح الترقيم على الغلاف وبالبطاقة الشخصية، وتأتي بعد ذلك مشكلة الترقيم الدولي، وهي التي يعاني منها الكتاب خصوصا بعد رفض سفرهذه الكتب إلى الخارج، ومنعها من التداول في المكتباتا لكبيرة في مصروالخارج.
وفي هذا الصدد تقول الأديبة فاطمة البودي صاحبة دار نشر العين: لا بد من ترقيم دولي، حتى لا يحدث توحد في العنوان أيضا، أؤكد لك ان العشرات من دور النشرليس لها مقار، وبالتالي فإن الكاتب أحيانا يتفق مع بعض الناشرين على المقاهي، كما أن هناك دور نشر لا تحمل سجلا تجاريا ولا مقيدة باتحاد الناشرين، وبالتالي لا تحمل كتبها ترقيما دوليا، وهي ما نطلق عليه دور نشر بير السلم.
وتضيف " البودي": النصابون كثر، والتبعية تقع على الكاتب أيضا، والكاتب الذي يستسهل هذا الأمر يقع عرضة للنصب.
يقول هاني عبدالله، صاحب دار الرواق للنشر والتوزيع: الدور التي لا تحمل سجلا تجاريا لا تحصل على ترقيم دولي، من الممكن للكاتب أن يحصل على رقم إيداع ببطاقته الشخصية، وهيئة الكتاب لا تبحث لذلك تتكررالاسماء، وعلى الكاتب أيضا جزء من المسؤولية.
وتابع: أن الاسم لا يجب أن يتكرر وأن وجود "ISBN" يسمح للكتاب بالتواجد على منصات التسويق الإلكترونية وأن بعض المكتبات في مصروالخارج لاتسمح بتواجد كتاب لا يحمل ترقيما دوليا.
وأضاف عبدالله: تخيل لو تكرر عنوان الكتاب وراح احدهم يسأل مثلا، من الممكن ان يحصل على عمل غيرالذي يبتغيه، وبالتالي تحدث المشكلة، وهي مشكلة من مشاكل صغيرة يسببها عدم وجود الترقيم الدولي أوالـISBN».
_ دار الكتب والوثائق وأزمة الترقيم الدولي
أكد الدكتور أحمد الشوكى، رئيس دار الكتب والوثائق المصرية السابق، في تصريحات خاصة لـ«الدستور»، إنه بالفعل كان قد بدأ في حصر دور النشر والكتب، ومخاطبة اتحاد الناشرين المصريين، وبعض دور النشر الكبري، فيما يتعلق بالإيداع، وذلك لمطالبتهم بإرسال عدد من الكتب الي دار الكتب والوثائق بحيث كل من ينشر فى مصر يصدر له رقم الهوية عبر شبكة الإنترنت، حتى لا يعود بالضرر علي حركة النشر في مصر.
أضاف سنخاطب الناشرين والكليات بتقديم أعمالهم للدار، مؤكدًا أن أي عمل يصدر له رقم إيداع، ولكن لكي يتم تسويقه عبر المكتبات خارج مصر لابد من تسجيله في المكتبة الوطنية المصرية، بمصر من خلال دار الكتب والوثائق وذلك من خلال تقديم 10 نسخ من العمل المنشور من قبل دار النشر الصادر عنها.
وأكد الشوكي أن مصر تسدد سنويًا 12 ألف دولار لاستمرارية تسجيلها كعضو فاعل في نظام الهوية الدولي- التقييس الدولية- ولن يتم قبل ذلك عدم الالتزام بسداد الاشتراك.
_ «الناشرين المصريين»: 500 كتاب مزوَّر في معرض القاهرة
من ناحيته، كشف سعيد عبده رئيس اتحاد الناشرين المصريين، أن آخر إحصائية لديه تتعلق بعدد قضايا تزوير الكُتب في مصر حتى الآن تؤكد وجود 700 قضية تزوير تورطت فيها دور نشر مصرية.
وأوضح رئيس اتحاد الناشرين في تصريحات لـ«الدستور» أن النصيب الأكبر من مجمل قضايا تزوير الكُتب التي ضبطت، كانت بمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الماضية، حيث بلغ عددها 500 قضية تزوير، ومنذ انتهائه حتى الآن بلغ العدد 200 قضية تزوير.
_ العبء مقسم ما بين الكاتب ودور النشر
إسلام عبد المعطي، صاحب دار روافد للنشر، أكد علي ان هناك عدد من دور نشر«بير السلم» حاليًا وصل بها الحال الي القيام بإصدار عدد من الطبعات الشعبية لكبار الكتاب، خاصة الكتب التي تحقق رواجًا كبيرًا في الأسواق وبإسعار زهيدة.
وأضاف، كما ان هناك بعض دور النشر الغير مرخصة، تستغل وفاة بعض الكتاب المشاهير، وتقوم بتجميع كتب وأفكار في تخصصهم وإصدار طبعات بعنوانين جديدة تحمل أسمائهم، امثال مصطفي الفقي وتخصص التنمية البشرية، حيث تجد له أكثر من 50 كتابًا في السوق تحمل أسمه، في حين ان إنتاجه الحقيقي لا يتجاوز الـ«15» كتابًا.
وفيما يتعلق بالترقيم الدولي، أوضح«صاحب دار روافد للنشر»، أنها عبارة عن 12 رقمًا تطبع علي الكتاب، أول ثلاث أرقام هي تخص بلد النشر، وثاني 3أرقام تخص تخصص النشر سواء كان رواية أو قصة أو شعر، أما الأرقام الثلاثة التاليين هي تخص دور الناشر الصادر عنها العمل، اما الأرقام الثلاثة الأخيرة هي تصنيف العمل لدي دور النشر.
الناشر وائل الملا قال إن الحصول علي رقم الإيداع «isbn» يتم قبل طباعة الكتاب، علي أن يتم تسليم دار الكتب 10 نسخ، علي ان يتم الحصول علي أرقام إيداع جديدة من قبل دار الكتب.
وأضاف«الملا» صاحب دار نشر مصر العربية للنشر والتوزيع، في تصريحات خاصة لـ«الدستور»، أن فكرة وضع رقم إيداع عبر شبكة الانترنت لا علاقة له بـ«isbn»، مؤكدًا ان دار الكتب ليس من وظيفتها رفع رقم الإيداع عبر شبكة الإنترنت، وأنه مثلا في حال عمل عرض للكتاب علي موقع «goodread» يساهم في وضع الكتاب علي خريطة الإصدارات عبر شبكة الإنترنت.
وأكد الملا، أن هناك رقم إيداع محلي ورقم إيداع دولي وان الاثنين لا رسوم لهما في دار الكتب والوثائق، مؤكدًا علي انه من لم يقوم بالحصول علي أرقام الإيداع كدور نشر أما غير مسجل بشكل رسمي أولا يتفهم جيدًا طبيعة المهنة كصناعة وهو ما يساهم في ضياع حقوق اعماله كتسويقها في الخارج أو مشاركته في معارض دولية.
من جانبه، أكد الناشر والشاعر أشرف عويس صاحب دار النسيم للنشر والتوزيع، أن هناك عدد من دور النشر غير المسجلة بشكل رسمي، وهو ما يحول دون توريد 10 نسخ من إصداراتها الي دار الكتب والوثائق من اجل الحصول علي رقم الإيداع.
وأضاف«عويس» انه ملتزم كناشر بتوريد 10 نسخ من إصدارات الدار الي دار الكتب والحصول علي رقم إيداع دولي وهو ما يوفر له ميزة تسويق أعماله في الخارج ومشاركته في معارض عربية ودولية.
واقترح«عويس» أنه يجب علي دار الكتب بدلا من مخاطبة اتحاد الناشرين المصرين بالتأكيد علي دور النشر بتوريد 10 نسخ من إصداراتها، ان تصدر قرارا رسميا بان اية دار للنشر لم تورد 10 نسخ من أحدث إصدار حصل على رقم إيداع ألا يتم منحها رقم ايداع دولي لإصدارها الجديد، مشيرًا إلى أن دار الكتب بدأت في تنفيذ هذا الاقتراح بالفعل.
_ الضرر يقع على المؤلفين أيضًا.. معاناة بسبب الـ«ISBN»
المؤلفون أيضا يتضررون من عدم حصول كتبهم على ترقيم دولي، لأن هذا يؤثر على تسويق كتبهم عبر الانترنت أو في المعارض الخارجية، إذ لا يحق لأي كتاب غير حاصل على الترقيم الدولي المشاركة في المعارض الدولية، أو التسويق عبر الانترنت.
الروائية إيمان بدران، صاحبة رواية «الأسرة الباردة»، الصادرة عن دار تشكيل للنشر، مطلع العام الجاري، قالت لنا واجهت معاناة في تسويق روايتي لدي مكتبات «العبيكان وجرير» بالمملكة العربية السعودية بسبب الـ «ISBN». وأضافت: «كنت عايزة اوزع برا واقدم في مسابقة لقيت مشكلة الـISBN، حاولت اسجل في دار الكتب وأحصل علي رقم هوية للرواية أكتشفت أنهم مش بيسجلوه ع النت؛ طب يبقى فايدته ايه؟ والكتاب يتقدم لاي جهة دوليةغيرمصرازاي؟».
وتابعت:«لما تيجي تبحث عنه، بيكون عن طريق النت،عشان دي منظومةعالمية... مش انه يتكتب في الدفاترفي دارالكتب والوثائق الرسمية..تعبتني جداحكاية النشردي.. وفعلا افكر جديا عدم تكرارها».
وأستطردت:«اناعايزة اجيبها السعودية استيراد وتوزيع عادي، بس عشان تدخلها مكتبة زي العبيكان وجرير، لازم يتاكدوا انها مش مسروقة. طب يتاكد ازاي؟ بالـISBN..لسة بتاخد خطوة في اولها، وتقف في حاجة زي دي! فبلف حوالين نفسي من وقتها، وبغض النظر عن هاخدها برا اولأ، اناحقي انها تسجل وتاخد الرقم ده حفظ لحقوق عامة».
الشاعرة والباحثة نجاة علي، قالت إنها اضطرت لنشر آخر ديوان لها في لبنان وليس من خلال دور نشر مصرية، مؤكدة أن الناشرين اللبنانيين محترفين فيما يتعلق بتسويق الأعمال عن دور النشر المصرية.
واضافت«علي» لـ«الدستور»، انه يجب التخلي عن البيروقراطية واللوائح بهدف الوصول الي منتج ثقافي مصري قادر علي المنافسة.
أما الشاعروالقاص أسامة جاد، فقال إنه في حال حدوث ذلك معه سيقوم بالحصول علي رقم الهوية وارساله الي المكتبة المسؤلة عن تسويق أعماله، إلا ان ذلك لا يمنع من مواكبة التقدم التكنولوجى ليس فقط على مستوي هوية الكتاب وحسب بل وتوثيق ورقمنة الوثائق المفرج عنها عبر شيبكة الإنترنت للباحثين.
أضاف «جاد» في تصريحات لـ«الدستور»، أن بالنظر الي تاريخ عدد من المكتبات الحديثة المنشأ بالوطن العربي ستجد أنها بالفعل مرقمنة عبر شبكة الإنترنت، وهو من المتاح تطبيقه في دار الكتب والوثائق المصرية من خلال عدد من المتخصصين وبتكلفة رمزية.