رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طبول الحرب


على عكس ما كان يدعو لتفاؤل البعض من أن الأمور فى المنطقة فى طريقها إلى تثبيت نوع من «التهدئة»، بانخفاض وتيرة العمليات الإرهابية فى سيناء وفى سوريا والعراق وليبيا.. إلخ، إذ فجأة، وكما يحدث فى الحفلات الموسيقية حينما يشير «المايسترو» بعصاه الصغيرة فتتصاعد نغمات عازفى الفرقة جميعهم فى وقت محدد، وبتناغم مرسوم، اندفعت الأحداث دفعة واحدة، هنا وهناك، بما يقطع أى شك فى أن وراء هذا التصاعد المتواتر يدًا محركة وإرادة موجهة، تعبث بأمور المنطقة، ولا تريد لأوضاعها استقرارًا، ولا لأحوالها ازدهارًا، وهاكم بعضًا من ملامح ما حدث:
عادت بعض بؤر الإرهاب للنشاط فى مصر بعد مدة من السكون نتيجة الخسائر الفادحة التى مُنيت بها، وتمت مواجهتها فى العريش ومناطق أخرى، وهو ما يعنى أنها، وإن تكبّدت خسائر عالية بصفوفها وتجهيزاتها ومراكز إسنادها اللوجستى، ما زالت بعض فرقها وتجمعاتها كامنة، تنتظر الفرصة للتحرك واللدغ.
تجددت صدامات الجيش السورى فى منطقة «السويداء» بالجنوب، مع تجمعات داعشية برزت للوجود مجددًا، بعد أن كان التصور أن هذه المناطق قد تم تطهيرها وتخليصها، وخضعت لسيطرة النظام بالكامل.
انفجرت المعارك الطاحنة فى ليبيا، وأمطرت الجماعات الليبية المتصارعة العاصمة طرابلس بوابل من القذائف والصواريخ، واندلعت الاشتباكات التى أدت إلى سقوط ٤١ قتيلًا ونحو ١٢٠ جريحًا، ورغم الهدنة التى تم التوصل إليها بصعوبة، بعد خمسة أيام من الاشتباكات الدامية، إلا أن أطرافًا مسلحة تهدد بنقضها فى أى لحظة.
تفاقمت الأوضاع الاقتصادية فى اليمن، مع استمرار المعارك وقصف «قوات التحالف» البلدات اليمنية، ما أدى إلى كوارث إنسانية؛ بيئية وصحية بشعة، إلى حد التهديد بانتشار الأوبئة والمجاعات، فضلًا عن سقوط المئات من القتلى والضحايا، خاصة من الأطفال، الذين يتساقطون يوميًا بلا أى وازع أو اهتمام أو التفاتة ضمير من العرب أو العالم.
أعلن العراق أن خطر داعش ما زال قائمًا، وهو يعيد تجميع صفوفه، متحينًا الفرصة للعودة إلى الصورة مُجددًا، وبالذات مع تعثرات المشهد السياسى العراقى، وتعاظم الأزمات الداخلية التى دفعت الجماهير للتظاهر نتيجة لتفاقم الأزمات الاقتصادية والحياتية.
تصاعدت الأزمات السياسية اللبنانية، على خلفية توتر الأوضاع الداخلية من جهة، والتطورات على الساحة السورية من جهة أخرى.
لكن التطور الأخطر، الذى يزيد من دقات طبول الحرب فى المنطقة، هو تحرك «المايسترو الأمريكى»، الذى أطلَّ، بعد كل هذه «التسخينات»، لكى يقدم «الماستر سين» عن طريق: تصعيد الحرب النفسية الأمريكية على سوريا، بادعاء أن الجيش السورى يُعد لتوجيه ضربة كيماوية لـتصفية «جيب إدلب»، وهو ما يوجب تدخل قوات «التحالف الغربى» الذى تقوده الولايات المتحدة، وإعلان أن العسكريين الأمريكيين أعدوا قائمة بالأهداف المحتمل ضربها فى سوريا.
زيادة الضغط على إيران، بإعلان «ترامب» عدم الاعتراف بالاتفاقية النووية الموقَّعَة معها، لحصار وجودها فى سوريا، والتصعيد ضدها اقتصاديًا وسياسيًا.
وصول الغواصة الذرية «نيوبورت نيوز»، المُزوَّدة بصواريخ «توماهوك» إلى ميناء جبل طارق، بالبحر المتوسط.
وصول مدمرة البحرية الأمريكية «سوليفان» حاملةً ٥٦ صاروخًا من طراز «كروز»، وقاذفة استراتيجية مزودة بـ٢٤ صاروخًا من نفس الطراز، إلى قاعدة «العديد» بقطر.
وقد رفضت روسيا فى المقابل الذرائع الأمريكية، وأعلنت امتلاكها معلومات تشير إلى أن إرهابيى «هيئة تحرير الشام» يجهزون لارتكاب أفعال تتيح اتهام دمشق باستخدام الأسلحة الكيماوية فى «إدلب»، وبدأت مناورات عسكرية فى البحر المتوسط، تشارك فيها ٢٦ قطعة بحرية، و٣٤ طائرة للتدريب على «صد هجوم جوى صاروخى».. طبول الحرب تدق عاليًا فخذوا حذركم، وانتبهوا.