رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

من أين تأتى المنظمات الإرهابية بجنودها المثاليين؟


لو كان الأمر بيدى «١»
لو كان الأمر بيدى، لأصدرت قرارًا، يلزم الإعلام المرئى فى بلادنا، الخاص، والعام، على السواء، بتناول علبة «كالسيوم» يوميًا، لعلاج «هشاشة» البرامج، التى تصيبنا بـ«الكُساح العقلى، و«الشلل» الوجدانى، و«القعود» الفكرى.
قلة قليلة جدًا من برامج الإعلام المرئى، الخاص، والعام، هى التى تدرك التغيير المطلوب، بعد ثورتين.
إن الإعلام، خاصة المرئى، له تأثير كبير، على العقول، والقلوب. «منْ يملك الإعلام يملك الناس». هذه مقولة صحيحة إلى حد كبير. بعد ثورتين، نحن لا نريد «أن نملك الناس».
بل على العكس، نحن نريد أن «يتحرر» الناس، من كل أنواع التملك، والملكية. المطلوب بعد ثورتين، هو أن يصبح الإعلام أداة ثورية تحقق، أو تسهم فى تحقيق الثورة الثقافية، التى لم تتحقق فى ثورتى ٢٥ يناير ٢٠١١، و٣٠ يونيو ٢٠١٣.
فى الإعلام يقولون: «نحن نغطى الأحداث». فى حين أن المطلوب هو «تعرية الأحداث». أنا حقًا لست أدرى، هل الثقافة السائدة، منذ سنوات، تليق بشعب استطاع أن يجهض اتفاقية استعمارية، دولية، تعيد تقسيم المنطقة، وتحويلها، إلى «إمارات»، و«ولايات»، دينية، ومذهبية، وطائفية؟! أدرك أن الثورة السياسية أسهل من الثورة الثقافية. فهى تستطيع أن تغير الحاكم، ونظام الحكم، فى يوم واحد. لكن الثورة الثقافية تحتاج سنوات، لأنها تتعلق بالعادات والتقاليد والأعراف والميول والعواطف والوجدان والمشاعر.
لكننا لا بد، أن نبدأ الآن. البعض يرى أن البداية يجب أن تحدث بالتدريج. والبعض يرى، وأنا منهم، أنها «صدمة» حضارية، و«قفزة» نوعية، و«جرأة» جذرية، و«طفرة» جينية.
أيًا كان الرأى، لكن المهم، أن نبدأ والآن.

لو كان الأمر بيدى «٢»
لو كان الأمر بيدى، كنت أمنح مكافأة مجزية، للأسرة التى تحدد النسل، باثنين فقط، فى المدينة، وفى الريف. وتتضاعف المكافأة، إذا اكتفت بطفل واحد. هذه خطوة واقعية، لتغيير الثقافة.
أدرك جيدًا أن «البشر» ثروة للوطن، ولكن الوطن ما زال عاجزًا عن الاستفادة من هذه الثروة، وتحويلها من «نقمة» إلى «نعمة».
لسنا مثل الصين، أو الهند، حيث الاقتصاد الوطنى قادر على استيعاب العدد الضخم من السكان. وحيث التنمية الشاملة، توفر المشروعات ذات رأسمال منخفض، وعمالة كثيفة.
ولذلك فإن حتمية التقدم تقتضى أن نحد أو نوقف هذا الشلال البشرى الذى ينتج طفلًا كل عشرين ثانية، ويزيد من جيش الفقراء، والعاطلين، وأطفال الشوارع المتسولين لقمة العيش. من هؤلاء الفقراء والعاطلين والأطفال المتسولين، تجد المنظمات الإرهابية جنودها المثاليين.
إذن يكون الحد من الفقر، والبطالة، والتسول، ليس مطلوبًا إنسانيًا واقتصاديًا فقط. ولكن أيضًا، لحماية الأمن الوطنى، وتجفيف المنبع البشرى الذى يصب فى الإرهاب الدينى.

لو كان الأمر بيدى «٣»
فى فيلم «لحن حبى»، تأليف أبوالسعود الإبيارى، إخراج أحمد بدرخان، بطولة فريد، وصباح، هناك مشهد رائع بين البطلين، لو كان الأمر بيدى، لعرضته دائمًا على صُناع القرار. صباح أو بانيليا، تقول لفريد، أو على: «لازم تيجى الحفلة معايا وتغنى».
يرد على، رغم أنه فقير وفى أمس الحاجة إلى الفلوس: «أنا مقدر إحساسك الرقيق عشان تساعدينى». ترد بانيليا: «أبدًا يا على.. إنت مغنى كويس أوى». يقول على: «وإزاى أروح للناس بهدومى القديمة المتقطعة دى؟». ترد بانيليا: «ممكن أسلفك وتشترى بدلة».
يرد على: «أنا عمرى ما استلفت فلوس من حد». ترد بانيليا: «وإيه يعنى الدول بتستلف من بعض وتسدد بعدين». يرد على: «ده صحيح لكن أنا أفضل أكون دولة (فقيرة) عن أنى أكون دولة (مديونة)». هكذا بكل بساطة، وفى مشهد لا يتجاوز دقيقة واحدة، يوضح لنا المؤلف، أين تكمن كرامة الإنسان، وأيضًا كرامة الدول. إنها «روشتة» فى الاقتصاد وفى السياسة وفى الأخلاق. وهى «مسئولية» الكتابة، لكاتب يعرف خطورة الكلمة على الشاشة، حتى لو كانت، فى فيلم غنائى، استعراضى، يحمل قدرًا عاليًا من الرومانسية، واللمسات الكوميدية.