رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عزوة جو.. كيف صنع يوسف شاهين ملامح أبطاله على ‏عينه؟

جريدة الدستور

منذ أن بدأ «جو»، كما يُعرف فى الوسط الفنى، مسيرته مخرجًا فى فيلم «بابا أمين»، ١٩٥٠، حتى آخر أفلامه «هى فوضى»، ٢٠٠٧، فإن تميزه وعبقريته السينمائية واضحة للغاية.‏
ودون الدخول فى تفاصيل سينمائية دقيقة مثل الكادرات والسيناريو، يكفى أن نقول إن الممثلين معه يختلفون عن صورتهم وأدائهم مع أى مخرج آخر. ورغم أن هذه نقطة إيجابية بالطبع فإنها كانت ‏من أبرز أسلحة الانتقادات التى كانت توجه لـ«شاهين»، الذى مرت الذكرى العاشرة لرحيله أمس.‏
إن سطوته وعبقريته السينمائية كانت تمنع أى محاولة للاجتهاد خاصة من الممثلين الذين كانوا يذوبون فى شخصيته وأدائه وأفكاره، حتى إنك تحس بنَفس «جو» فى حوارهم ولفتاتهم. وقليلون فقط ‏من نجوا من هذا، ربما أبرزهم محمود المليجى الذى احتفظ- رغم براعته فى تحقيق متطلبات شاهين- بسطوته و«أسلوبه».‏
يوسف شاهين أسس دولته السينمائية على مدى ٥٧ سنة، لكنها دائمًا كانت متجددة وحيوية وتتماس مع قضايا العصر، إذ كان المخرج العبقرى قادرًا على تطوير أدواته دائمًا والاستعانة بالشباب ‏دائمًا، ويكفى أن نلاحظ أن بطلته الأولى كانت فاتن حمامة (١٩ سنة)، وبطلته الأخيرة كانت منة شلبى (٢٧ سنة)، وبينهما أجيال وأجيال دخلوا مملكة شاهين.‏
قدم يوسف شاهين مجموعة من الممثلين الجدد، كما أعاد اكتشاف عمالقة محنكين أيضًا، هم شخصيات يتراوح وصفهم بين الفانتازيا والحقيقة الكاملة التى تعبر عن صانعهم. ‏
صنعهم يوسف شاهين من داخل شخصيته الحقيقية ليسطعوا على شاشة السينما، يعبرون عنه، عن شاهين، فى صورة مصغرة لاستنساخ نسخ منه، كل منها يجسد جزءًا من شخصيته، لتجد أن ‏جميعهم يوسف شاهين.‏
اعتاد المخرج العالمى أن يقدم ممثلين جددًا فى كل أفلامه، لما آمن به من إتاحة الفرصة أمام المبدعين الجدد باعتبارهم المستقبل المقبل. وتنقسم الوجوه الجديدة التى استعان بها «شاهين» فى أفلامه ‏إلى ثلاث فئات، منها من استطاع استغلال فرصة وضع اسمه على تتر فيلم من إخراج «جو» وطوّر من أدائه وأكمل مشواره بنجاح، ومنها من تقاعد فى منزله بعد أن أنهى عمله مع المخرج ‏العالمى، شاعرًا بنشوة الانتصار على أبناء جيله من الذين لم تتح لهم فرصته، الثالثة لمن عاد بقوة بعد تقاعد مؤقت إلى الكاميرات مع مخرجين آخرين.‏

أحمد محرز

من الوجوه المميزة، الطبيب ورجل الأعمال الشاب أحمد محرز، فى فيلم «عودة الابن الضال»، كأول عمل له قبيل اختفائه عن الأضواء حتى عودته مجددًا مع شاهين أيضًا فى «سكوت هانصور».‏
استغرقت المسافة الزمنية ٢٥ سنة منذ العمل الأول حتى تلك العودة، فقد تمكن «محرز» من تجسيد واحدة من أهم الشخصيات التى رسمها يوسف شاهين وهى شخصية «على» فى «عودة الابن ‏الضال»، وأقول رسمها لأن «محرز» ممثل هاوٍ لم يقف أمام الكاميرا من قبل.‏
فى الفيلم، لعب «محرز» دور الشاب الذى يطارد الحلم خارج الوطن وعندما فشل عاد أدراجه خائبًا ليتفاجأ بأن كل أبناء قريته وأقاربه فى انتظاره للاستفادة من خبراته التى اكتسبها فى «بلاد بره»، لكن ‏روحه كانت قد انطفأت، ما زاد الأمر تعقيدًا. ولم يقدم أحمد محرز أعمالًا أخرى منفصلة عن يوسف شاهين، كما لم يكمل مسيرته الفنية من الأساس.‏

سيف عبدالرحمن

كان الفنان سيف عبدالرحمن الذى يعد من أكثر الوجوه ظهورًا على شاشة أفلام شاهين، إذ منحه أدوار بطولة لا يحلم بها من هم أكثر منه موهبة وحضورًا أمام الكاميرات.‏
أول بطولة له كانت أمام سناء جميل فى فيلم «فجر يوم جديد»، وظهر فى التتر كالتالى: «الوجه الجديد سيف»، كما حصل على دور مهم فى فيلم «العصفور» ثم توالت أعماله أمام كاميرا «جو» لاحقًا ‏فى ١١ فيلمًا، قبل أن ينسحب تدريجيًا من تحت الأضواء ويكتفى بالأدوار الثانوية فى أعمال منفصلة عن يوسف شاهين فيما بعد.‏

عمرو عبدالجليل

قدم يوسف شاهين عمرو عبدالجليل فى «إسكندرية كمان وكمان»، ليمثل مرحلة من سيرته الذاتية بدقة وبراعة تحسب له، ما دفع المخرج لتكرار التجربة معه فى «المهاجر» و«هى فوضى».‏

محمود المليجى

رغم تخصص «شاهين» فى اكتشاف الوجوه الجديدة، فإنه كان بارعًا أيضًا فى إعادة اكتشاف عظماء السينما من خلال تقديمهم فى أدوار مختلفة عما اعتادوا عليه من قبل.‏
من أبرز هؤلاء العملاق محمود المليجى الذى أدى أحد أدوار عمره فى فيلم «الأرض» بشخصية محمد أبوسويلم، ثم استعان به «شاهين» فى أدوار الأب فى بعض أفلام السيرة الذاتية له، فأثمر تعاونهما ‏عن ١٠ أفلام هى الأشهر فى رحلة شاهين على الإطلاق.‏

النبوى وسلامة

خالد النبوى حصل على أولى بطولاته فى فيلم «المهاجر» فى دور «رام»، الذى انطلق بعده إلى عالم السينما العربية وصولًا إلى العالمية، والفنان هانى سلامة على شاكلته أيضًا بدأ كوجه جديد فى ‏‏«المصير» وبعدها أصبح هانى سلامة الذى نعرفه الآن، كواحد من نجوم الشاشة الصغيرة.‏

محسن محيى الدين

محسن محيى الدين كان العلامة الفارقة فى اكتشافات يوسف شاهين، ذلك الشاب المراهق الذى تتناثر بثور حب الشباب على صفحة وجهه، الذى جُنّ عشقًا فى السينما وأضوائها ليتقابل مع واحد من أشهر ‏صناعها. وجد يوسف شاهين فى «محسن» ضالته التى يبحث عنها، عندما وجد فيه جزءًا يشبهه شخصيًا، فقدمه لتجسيد شخصيته أثناء فترة مراهقته فى دور يحيى شكرى مراد فى «إسكندرية ليه»، ثم فى ‏أفلام منها «حدوتة مصرية، الوداع يا بونابرت، اليوم السادس».‏

أحمد وفيق

الفنان أحمد وفيق، هذا الوسيم الذى أحبه المشاهدون فى عدة أدوار درامية فى السنوات الأخيرة بعد أن ظهر لأول مرة فى فيلم «الآخر» فى دور «فتح الباب» ثم ثانى أعماله مع شاهين فى «سكوت ‏هانصور» فى دور «لمعى»، ومن ثم «العاصفة»، ثم الانقطاع عن شاشة السينما نحو ثمانى سنوات قضاها بين الأعمال التليفزيونية وأحيانًا المسرحية ليعاود الظهور مجددًا فى فيلمى «دكان شحاتة» ‏و«بنتين من مصر» وغيرهما.‏

داليدا

قدم «جو» داليدا كممثلة فى دور فلاحة مصرية، فى فيلم «اليوم السادس». أما عن يسرا وليلى علوى ومحمود حميدة ومحمد منير ولطيفة، فقد شاركوا مع «جو» فى عدة أفلام كأبطال ونجوم متحققين ‏من قبل.‏