رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إلى ناجح إبراهيم.. العوا رسول الشيطان


أنا واحدٌ من الناس الذين كانوا يعتقدون أن سليم العوا مفكر ومجدد، ولكننى اكتشفت بعد ذلك أن هذا الرجل «لا شىء». عشتُ فى الوهم فترة، ثم وقع الرجل أمام عينى، وبمعنى أصح سقط من نظرى، ولكن غيرى لا يزالون يظنون أن العوا مفكر ومجدد ومُحكم دولى وفقيه دستورى، ومن هؤلاء الذين وقعوا فى هذا الوهم الأخ الدكتور ناجح إبراهيم.
دهشتى كانت كبيرة عندما كتب ناجح منذ أيام فى صحيفة «الشروق» أن العوا «فقيه أصولى»! والفقيه الأصولى هو الذى يكون قد تخصص فى علم أصول الفقه، والعوا لم يتخصص فى هذا العلم فى أى وقت من الأوقات ولا يوجد له أى مُؤَلف فى أصول الفقه ولو بالتقريب، والشىء الوحيد الذى يعرفه سليم العوا عن الأصول هو قدرته على استقبال ضيوفه مثل الدكتور ناجح وفقا للأصول ويقوم بضيافتهم كما تقتضى الأصول، فهل لهذا ظنّ أخونا ناجح أن العوا أصولى؟!.
يقول أخونا ناجح، صاحب الظن الحسن، إن العوا أستاذ للقانون الدستورى، والحقيقة أن ظن ناجح هو الظن الخائب بنفسه، لأن العوا ليس متخصصا فى القانون الدستورى وموقعه الإلكترونى يقول إنه متخصص فى القانون التجارى، مع أنه يقول فى مواضع أخرى إنه حصل على الدكتوراه عن دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون بخصوص العقوبات، ومع ذلك فإنه يا أخ ناجح هو صاحب البلوى الشهيرة التى «أغرق» الإخوان فيها عندما نصحهم بإصدار قانون للانتخابات البرلمانية على نسق معين، وعندما وقعوا فى الظن الحسن مثل ظن أخينا ناجح وقعوا فى شر أعمالهم وصدر حكم من المحكمة الدستورية بعدم دستورية هذا القانون وبطلان مجلس الشعب، الأمر الذى جعلهم يتخبطون كالدجاجة المذبوحة، وهو أيضا كان صاحب اقتراحات تعديل الدستور المصرى بعد ثورة يناير، مع ما فى هذا الأمر من جريمة كبرى فى حق مصر شاركه فيها طارق البشرى، عدو الشعب، ومجموعة أخرى من الإخوان الأقزام.

ويقول أخونا ناجح، للدلالة على عبقرية العوا فى الفقه، إن الذى قام بتدريس الشريعة له فى كلية الحقوق الدكاترة بدران خليل ومصطفى خفاجة والشيخ الشركسى! وعلى هذا الأساس فى تقويم الرجال فإننا نستطيع القول إن مأمون الهضيبى، مرشد الإخوان الأسبق، كان فقيها أصوليا لا نظير له، لأن الذى قام بتدريس الشريعة والفقه له فى كلية الحقوق هو الشيخ العلاَّمة «أبوزهرة» والشيخ «الخفيف» فلتة زمانه! ثم يزيد أخونا ناجح الطين بِلة وهو يقول إن العوا تعلّم أيضًا على يد والد زوجته الإخوانى المتطرف «حسن العشماوى» فنفعه العشماوى وزاده علمًا على علم، ثم ختم بأن العوا تعلم أيضًا على يد أبيه الذى كان من الإخوان وكان صديقا لحسن البنا، إمام التطرف والإرهاب، والحقيقة أصدقكم القول إننى ظننت أن ناجح إبراهيم إنما يقدم بمقاله هذا بلاغا للجهات الأمنية ضد العوا لأنه رضع من الإخوان مذ كان طفلا صغيرا، ولكننى طردت هذا الظن من رأسى عندما قرأت باقى المقال فوجدت ناجح يرفع الرجل إلى مقامات عليا وهو يصفه بالمجدد الذى أضاف لمقاصد الشريعة مقاصد جديدة كان الفقهاء يجهلونها، فيقول: «يقول د. العوا فى حوار أجراه معه فى لندن صديقى الأديب محمد عبدالشافى القوصى ما نصه: ومقاصد الشريعة تدور حول حفظ أمور خمسة وهى: حفظ الدين والنفس والنسل والعقل والمال.. ولكن هذه الأصول الخمسة ليست نهائية وليست قائمة محصورة.. ولكنها مفتوحة يمكن أن يضاف إليها إلى يوم القيامة من خلال النظر المتجدد فى أصول الإسلام من القرآن والسنة.. فهناك مقاصد جديدة يمكن أن نضيفها للمقاصد الخمسة.. ومنها مقصد العرض وليس المقصود به الشرف.. وإنما السمعة أيضا.. ومقصد العدل الشامل فرديا واجتماعيا، وكذلك مقصد الحرية وليس المقصود به العتق من الرق، كما كان يحدث فى صدر الإسلام».

وكان اعتقاد ناجح أن العوا من فلتات الزمان، لأنه أضاف مقاصد جديدة للشريعة، ولكن يبدو أن ناجح لم يقرأ فى هذا الباب كثيرا، لأن ما قاله العوا هو من الأشياء القديمة المكررة التى قال بها عدد كبير من الفقهاء، بل إننى أنا العبد الذى لم أدرس أصول الفقه سبق أن كتبت هذا الكلام نفسه فى مقالات كثيرة بذات العبارات التى كتبها العوا ولكننى سبقته بخمس سنوات، وقبلى كتب الكثيرون، فلذلك ليس للعوا كرامة فى ذلك ويجب على الأخ ناجح أن يراجع معلوماته قبل أن يكتب حتى لا يظن أحد أن ناجح يخلط الأمور عمدًا لسبب فى نفسه لا نعرفه.
ولكى يعرف ناجح تخبطات وتخرصات صديقه المجدد سليم العوا فإننى سأسرد عليه وعليكم الآتى: فقد أفتى «المجدد» وقت انتخابات الرئاسة الكئيبة التى نجح فيها مرسى بالتزوير، ثم من بعد ذلك وقت حكم الإخوان الكارثى، بأنه يجب أن يتم تطبيق حد الحرابة على من يقطعون الطرق ويشعلون النار فى ممتلكات الدولة، بل إنه طالب بإصدار قانون سماه قانون الحرابة، ونشرت الصحف عنه آنذاك: «أؤيد بشدة وقوة تطبيق الحرابة خاصة فى ظل الانفلات الأمنى الذى نعيشه والترويع، وأضاف: لا يوجد رادع أقوى مما جاء فى سورة المائدة، ويجب أن يتم تطبيقه وفقا لمذهب معين يتم تحديده فى القانون، ورجح العوا أن يتم تطبيق حد الحرابة وفقا لمذهب الإمام مالك لأنه يجيز تطبيقه داخل المدن وليس فقط فى قطع الطرق، كما أنه يطبق على من يسرق أو يقتل، وطالب العوا بسرعة تطبيق الحد فى القريب العاجل».
وفى أثناء المظاهرات السلمية التى قام بها الشعب ضد الإخوان ومرسى قال العوا بالحرف: «يجب أن نطبق فى هؤلاء قول الله تعالى (إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون فى الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزى فى الدنيا ولهم فى الآخرة عذاب عظيم)» ثم استرسل قائلا: «إن كل أعمال قطع الطرق التى يقوم بها المتظاهرون جريمة، يسميها الشرع حد «الحرابة». وأضاف العوا أنه ليس من حق أحد أن يقوم بتعطيل المؤسسات والمصلحة العامة من أجل مصلحته الخاصة، موضحًا أنه ليس من الشرع أن تقطع الطرق، لأنك مختلف مع الدولة فى شىء، وأن ذلك يعتبر جريمة فى الشرع.
أما أثناء الاعتصام المسلح للإخوان فى رابعة وقطعهم الطريق واعتداءاتهم على المؤسسات فإننا انتظرنا أن يخرج علينا العوا، أحد مجددى العصر، ليفتى بمثل ما قاله من قبل بوجوب إقامة حد الحرابة على الإخوان الذين يخرجون فى مظاهراتهم الإرهابية، إلا أنه سكت، وكأنه يترسم خطى أجداده من رسل الشيطان الذين استخدموا الدين لتحقيق مآربهم، وتنمية ثرواتهم، وتوطيد أركان سلطانهم! والعوا يا أخ ناجح هو المحامى الذى ترافع عن رموز نظام مبارك الفاسدين، وهو الذى أثار فتنة طائفية عندما ادعى أن الأقباط يخبئون فى الكنائس أسلحة ومفرقعات، وأن فى الأديرة أسودًا وسباعًا، وأن ابن أحد كهنة بورسعيد قام بتهريب قنابل من إسرائيل ليضعها فى الكنائس، وكادت تقوم بسببه حرب أهلية بعد أن أخذ السلفيون يرددون ترهات العوا ويثيرون أتباعهم حتى وقعت الجريمة النكراء بتفجير كنيسة القديسين.
وإذ يظن ناجح أن العوا من المجددين، فإننى أريد أن أعرف أين هو تجديد العوا؟ أين الذى قاله ولم يقله من سبقوه؟ لن تجد شيئا ولكن للنفوس هوى، والغرض مرض، وإن كنت أوقن أن ناجح سليم النية، لكن الآخر سليم العوا!.