رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

يا نائمون ماذا أنتم فاعلون؟


ونحن على أعتاب فترة الولاية الثانية للرئيس عبدالفتاح السيسى يجب أن تضع كل مؤسسة من المؤسسات خطتها الرامية إلى إعادة بناء الإنسان المصرى، ذلك الإنسان الذى تم استهدافه منذ عقود طويلة فأفسدوا ذوقه وتعليمه ودينه وجعلوا مثله الأعلى شخصيات غاية فى الإسفاف مثل زعيط ومعيط ونطاط الحيط، فكان من السهل آنذاك على جماعات الشر والإرهاب أن تخترق تلك الشخصية الهشة، وأصبح من السهل على الإخوان أن يخترقوا مصر من خلال تدمير الإنسان أولا، ولذلك فإن أجهزتنا الأمنية وإن استطاعت اختراق جماعات الشر الإخوانية إلا أن السؤال الأهم هو: هل استطاعت جماعات الشر الإخوانية أن تخترق مصر؟. أو قل: من الذى اخترق من؟.
هذا هو السؤال الأهم، وللإجابة أقول إن خطة جماعة الإخوان كانت ترمى منذ عقود إلى اختراق مؤسسات الدولة، والاختراق لا يكون إلا بشيئين، إما أن تزرع الجماعة أعضاءً منها داخل المؤسسات المختلفة للدولة، أو تقوم بشراء عدد معتبر من الموظفين المهمين فى مؤسسات مختلفة عملا بالمثل القائل: «شراء العبد أولى من تربيته» وهذا المثل كان هو شعار خيرت الشاطر، أو قل هو شعار كل صاحب مال يبحث عن طريق لتحقيق مصالحه غير المشروعة، فهذا العبد فى الحقيقة ليس عبده هو ولكنه عبدالدرهم والدولار والاسترلينى، وطالما الدرهم فى الخزائن العامرة، سيظل عبده ناظرًا إليه متمنيًا قربه، وصاحب الخزائن هو القادر على نقل الدرهم من الخزينة إلى جيب هذا العبد، ليشتريه بثمن بخس دراهم معدودة، وتعس عبدالدرهم.
لذلك عندما نتحدث عن أفراد كانوا عبيدا للإخوان فى السر، يحققون لهم مآربهم، فإننا نتحدث عن فريقين، الفريق الأول هو الجهاز السرى التابع مباشرة للجماعة والذى يضم أعضاء الجماعة الذين تدخرهم للنوائب، وهؤلاء هم أهل الثقة الكبرى، كان منهم على سبيل المثال حسام الغريانى وآل مكى وطلعت عبدالله وعباس مخيمر وغيرهم، هؤلاء وغيرهم انكشفوا وعرفهم الناس إلا أن غيرهم وغيرهم ظل إلى الآن مخفيًا عن الناس. ومن الفريق الذى كان يتم شراء ولائه عدد من قيادات الدولة المصرية، تدخل الجماعة معهم فى مصاهرات ونسب، ومن خلال جو المصاهرات يلتقى الجِد مع الجِد، وتتلقى الخدود القبلات الحارة، وتنتقل الأموال فى الحسابات الخاصة، وحين تحدثت فى مقالات قديمة عن زوج ابنة حبيب العادلى الذى يتقلد موقعا هاما فى التنظيم الدولى للإخوان لم يكن قصدى أن أتهم العادلى بالانتماء للإخوان تنظيميا، ولكننى كنت أضرب مثلا عن واحد، مجرد واحد يا سادة، من فريق المصاهرات والولاءات، وفى زمن مبارك وحبيب العادلى كان سليم العوا يعطى محاضرات لضباط أمن الدولة، وفى هذه المحاضرات كان العوا يلقنهم أن جماعة الإخوان هى من الجماعات الوسطية المعتدلة التى لا تنتهج العنف ولا تقربه، وأن الجماعات المتطرفة الأخرى هى الجماعات التى يجب أن تنتبه لها الدولة وتقاومها، وقد أخبرنى سليم العوا شخصيا ومباشرة فى مكتبه بأن علاقته بحسن عبدالرحمن ساعدت الإخوان كثيرا فى زمن حسنى مبارك، وقال لى فى جلسة حضرها معى الصديق مختار نوح: «أنا ساعدت الدكتور القرضاوى قبل ثورة يناير أن يدخل مصر بشكل طبيعى لأن أمن الدولة فى المطار كان يستوقفه لساعات، وعندما أخبرت حسن عبدالرحمن بذلك ضحك وقال لأن التعليمات التى عند الضابط الصغير فى المطار لم تتغير وهو لا يعرف- أى الضابط- أن علاقة الدولة بالإخوان قد تحسنت، ثم اتصل حسن عبدالرحمن بأحد مساعديه وطلب منه إلغاء التعليمات القديمة بخصوص القرضاوى».
وذكر العوا لى أيضا أن علاقته القوية بحسن عبدالرحمن سمحت له بأن يساعد واحدة من زوجات قيادات الإخوان فى السفر خارج البلاد، إذ كانت قد ركبت الطائرة من مطار الإسكندرية متجهة خارج البلاد وفوجئت قبل قيام الطائرة بضابط أمن دولة يصعد إليها ويطلب منها الهبوط، وعندما هبطت أخبرها بأنها ممنوعة من السفر بسبب هروب زوجها من قضية ميليشيات الأزهر، فاتصلت بالعوا الذى اتصل بحسن عبدالرحمن، وبعد دقائق معدودة عادت السيدة للطائرة!.
ثم حدّث بلا حرج عن اقتحام الإخوان مؤسسة الأزهر الشريف، وقد كان هذا الاختراق هو الأسهل لهم، والآن أصبح الإرهابى محمد عمارة عضوا فى هيئة كبار العلماء، ومهيمنا على مجلة الأزهر ينشر فيها ما يشاء من مقالات تحض على الفتنة الطائفية، وهو فى ذلك يلقى رعاية وحماية تامة من شيخ الأزهر، وغير ذلك كثير من أشياء نعف عن ذكرها احتراما للشهر الفضيل، ثم لك أن تتحدث عن اختراق الإخوان بعد ذلك وزارات المالية والكهرباء والبترول والحكم المحلى والتعليم والجهاز المركزى للمحاسبات وهكذا دواليك، يحدث هذا الاقتحام منذ سنوات بعيدة وتحديدا منذ أواخر الثمانينيات، ولذلك أصبح لدى الإخوان قسم جديد لم يكن موجودا من قبل اسمه «قسم الوزارات»، وللعلم فإن أشهر أقسام الجماعة هو «قسم الأخوات وقسم الطلبة وقسم التربية وقسم الدعوة وقسم المهنيين و.. و.. و..» ثم انضم لها كما قلت قسم الوزارات، والأنكى من هذا وذاك كان فرع «الإعلام» فى الإخوان الذى استهدف ماسبيرو، وأظنكم قرأتم منذ شهور عن خبر القبض على محمود خليل، كبير مذيعى إذاعة القرآن الكريم بتهمة انضمامه للإخوان واشتراكه فى إدارة عمليات إرهابية، ومنذ أشهر أيضا قرأنا عن خبر إحالة حمزة المسير المذيع بالقرآن الكريم وهو ابن الشيخ المسير للنيابة الإدارية لارتكابه جرائم نصب، وفى الحقيقة لو استكملوا التحقيقات أمام نيابة أمن الدولة لانكشف لهم وكر الإخوان فى ماسبيرو، فجرائم حمزة المسير كانت متعلقة بجمع المال وتوظيفه ثم توجيهه للعمليات الإرهابية، وسبق أن قدمت لرؤساء ماسبيرو المتعاقبين منذ فترة كشفا بأسماء إخوان المبنى وأدوارهم التخريبية التى قاموا بها، وسرقتهم كنوز الإذاعة القديمة ونقلها إلى قطر، فعلوا هذا بعد أن شكلوا لجنة لجرد الشرائط القديمة ثم قالوا إنها تالفة وإنه سيتم إعدامها، ثم إذا بها تذهب إلى قطر!.
والآن أيها الأصدقاء يا من كان الواحد منكم يقول إن فلانا يبالغ فى تضخيم جماعة الإخوان، وهى أهون من ذلك بكثير، وإنه يبتغى إخافتنا، ويا من تعانون للآن من ميليشيات الجماعة، وإرهاب الجماعة، وطلبة الجماعة، وحالات «التأخون» اللا إرادى التى أصابت جمعا لا يستهان به من النخبة المصرية، حيث ينتقدون الإخوان ويحاربونها ثم يرددون أفكارها فى ذات الوقت، قولوا ذلك أيضا عن الذى قلته لكم اليوم، قولوا إننى أبالغ لأخوفكم من الجماعة، ثم افرحوا بقانون مباشرة الحقوق السياسية غير الدستورى الذى وضعه من وضعه وهو نائم فى العسل، ولى أن أسأل: إلى متى سنظل غافلين ونائمين؟!.