رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اضربوا الزوجات ولكن دون كدمات


على إحدى القنوات الفضائية، المنشغلة بزيادة التأسلم الذكورى، اعتدل الشيخ فى جلسته، فى الاستديو المكيف، بالهواء، الذى ينعشه هو، ويخنقنا نحن.
ومنْ نحن؟، ربما يتساءل البعض. «نحن» التيار المدنى، غير الذكورى، المستنير بالعقل، الرافض للازدواجيات الأخلاقية، والثقافية، والدينية، المؤمن بالعدالة والحرية والكرامة للجميع.
قال الشيخ: «المقصود بضرب الزوجة هو نوع بسيط خفيف جدا من الضرب الذى لا يعد عنفا، أو إيذاء، أو إهانة.. الزوج من حقه ضرب زوجته، إذا أخطأت، أو أذنبت، أو ابتعدت عن الصراط المستقيم الذى حدده شرع الله.. ما العيب فى هذا؟».
هل هذا الشيخ، يعيش معنا على كوكب الأرض، وفى القرن الحادى والعشرين؟. أم يعيش على كوكب آخر، فى قرن آخر من الزمان؟!.
لو هذا الشيخ، لا يعيش معنا، على كوكب الأرض، وفى القرن الحادى والعشرين، فالمصيبة عظيمة. وإذا كان يعيش معنا على كوكب الأرض، وفى القرن الحادى والعشرين، فإن المصيبة أعظم. والسبب هو أن أحوال المسلمين على كوكب الأرض، فى القرن الحادى والعشرين، لا تسر أحدًا، ولا تبعث على الرضا، أو الزهو. فإذا قرر هذا الشيخ، أن يتجاهل المشكلات، والأزمات السياسية، والاقتصادية، والثقافية، والأخلاقية، والعاطفية، والنفسية، التى تحاصر المسلمين، ولا يتكلم إلا عن حق الزوج، فى تأديب زوجته بالضرب، فليس هناك أدنى أمل، فى تجديد الخطاب الدينى المطلوب.

بعض المسلمين، لا يشتغلون إلا على «الحائط المائل»، الذى اسمه المرأة. بعض المسلمين، فيما يبدو، بينهم وبين النساء، «تار بايت» منذ قديم الأزل، ربما يرجع إلى أمنا حواء. بعض المسلمين، فيما يبدو، لا يرون الإسلام، إلا مرادفًا لكل ما «يقهر»، و«يحجب»، و«يكبت»، و«يضرب»، و«يلعن»، و«يعاقب»، و«يؤدب»، و«يتهم»، و«يهين»، و«يعكر صفو» النساء.
قد نفهم مثلًا، أن يدعو هذا الشيخ، الرجل المسلم، إلى احترام إنسانية زوجته. يحترم حقوقها فى التعليم، والعمل، والطموح العلمى، أو الفنى. قد نفهم أن يقدم هذا الشيخ، نصائحه للأزواج المسلمين، ألا يمارسوا العقد الذكورية، على أجساد، وعقول الزوجات. وبالتالى، يصبح الزواج، إضافة حقيقية، لسعادة، وكرامة، وحرية المرأة. وليس مطرقة حديدية، تضرب حقوقها، وإنسانيتها، وطموحها.
متى يصبح فى بلادنا، وعى نسائى، وكرامة نسائية، وشجاعة نسائية، تتابع كل ما يؤذى المرأة، فى جميع وسائل الإعلام، والرد عليه، وتفنيده، ورفضه؟. لقد اتصلت زوجة هاتفيا بالشيخ، على الهواء، لكى تؤكد كلامه، وتوضح أن من مسئولية الزوج أن يضرب زوجته إذا أساءت الأدب.. وأنها لا ترى عيبا فى ذلك.. بالعكس فهى تحترم مثل هذا الرجل كامل الرجولة، وكامل الشرع.
أود أن أسأل هذا الشيخ، ومثل هذه الزوجة: «وإذا الزوج أساء الأدب وأخطأ، وابتعد عن الصراط المستقيم، هل تضربه الزوجة دون إحداث كدمات، لكى تؤدبه، وتعيده إلى رشده؟». ومنْ الذى يحكم أن هذا أدب، وذاك إساءة للأدب؟.