رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إذا فقد الناس الثقة لم يبقَ أى أساس للدولة


كنتُ مرهقة، وبالكاد أستطيع أن أنجز ما علىَّ من واجبات يومية.. وقررت أن أعتذر عن بعض المواعيد وبعض المهام.. استسلمت لهذا الإحساس خمس دقائق، وقررت أن أتخلى عن كل ما بعقلى.
كانت الحمولة ثقيلة متراكمة، بمجرد أن قررت التخلى عنها لا أدرى كيف فك التشابك بين كل ما بعقلى من مهام، وأصبحت كل مهمة موضوعة على رف كأنها كتب أو أغراض بقالة، تراصت متجاورة على أرفف بطريقة منظمة.. بمجرد أن رأيتها وعرفت أبعادها حتى عدت للعمل ولم أؤجل أى شىء.
يحتاج المرء بين الحين والآخر لأن يقف ويلتقط أنفاسه، كى يواصل مسيرته، أحيانًا يحتاج أن يترفق بنفسه وأن نثق فى أنفسنا وفى قدرتنا.. حتى عندما نغفو أو نستريح فعلى عقلنا ألا يغفو عن حقيقة قوته، وأن دقائق الراحة هى وقود للاستمرار.. إن العقل البشرى يمتلك إمكانيات وقدرات خيالية ونحن لا نستغل سوى جزء يسير منها، على أن نستثمر ما لدينا من قوى عقلية وتجريب كل جديد، فالخوف من التجربة سيحجم عقولنا، ويقلل من نسبة ذكائنا.. إن الدعوة إلى التفكير والتدبر فى الكون التى يتردد صداها فى آيات الذكر الحكيم هى دعوة للصحة العقلية والنفسية، فالعقول المفكرة التى تمتلك خيالًا هى العقول القادرة على تحليل معطيات الواقع وتجاوزها إلى مستقبل أفضل.
إن التفكير السلبى الذى ينتشر على مواقع التواصل الاجتماعى لا يؤدى فقط إلى البلبلة والاضطراب بين أفراد المجتمع، لكنه على المستوى الفردى يعمل على قتل الخلايا العصبية ويوقف إنتاج أى خلايا جديدة منها، بعكس التفكير الإيجابى الذى يقلل من التعب والإجهاد بشكل كبير.
قد يكون ما نحتاج إليه فى هذه اللحظة أن نفكر بهدوء قليلًا، وأن نزرع فى روحنا بعض الثقة بأنفسنا وبمن حولنا.
رسالة خاصة لأصحابها..
سأل أحد التلاميذ كونفوشيوس عن واجب السلطة تجاه الناس..
فأجاب الحكيم: على السلطة أن تؤمّن أشياء ثلاثة:
١- لقمة العيش الكافية لكل فرد.
٢- القدر الكافى من التجهيزات العسكرية.
٣- القدر الكافى من ثقة الناس بحكامهم.
سأل التلميذ: وإذا كان لا بد من الاستغناء عن أحد هذه الأشياء الثلاثة فبأيها نضحى؟
أجاب الفيلسوف: بالتجهيزات العسكرية.
وإذا كان لا بد من أن نستغنى عن أحد الشيئين الباقيين، فبأيهما نضحى؟
أجاب الفيلسوف: فى هذه الحالة نستغنى عن القوت، لأن الموت هو دائمًا مصير الناس، لكنهم إذا فقدوا الثقة لم يبقَ أى أساس للدولة.