رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الأزهر": أحاديث "الآحاد" تعد "متواترة" إذا أفادت العلم اليقيني

 الإمام الأكبر الدكتور
الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب،

قال الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، إن مصادر معرفة العقيدة الصحيحة، وهي الحواس السليمة، والعقل، والخبر الصادق، والتي تسمى أسباب العلم.

وأوضح الإمام الأكبر خلال برنامج "الإمام الطيب"، أن الخبر الصادق على قسمين: الخبر المتواتر؛ وهو الذي يصل إلينا عن طريق جمع كبير من الناس يتفقون في حكايته، ولا يتصور العقل إمكان اتفاقهم -فيما بينهم- على الكذب فيما يقولون، وذلك مثل علمنا بالفتوحات الإسلامية التي وصلت إلينا أنباؤها عن هذا الطريق، أو بالثورة الفرنسية، أو بوجود القطب الشمالي، فإننا بالرغم من أنه لم يسبق لنا أن شاهدنا هذه الأحداث، إلا أنه لا يخامرنا أدنى شك في اليقين بأنها حدثت بالفعل، وصارت حقيقة من حقائق الأشياء الثابتة، والذي أفادنا هذا اليقين هو دليل التواتر، وهو دليل خبري قاطع، أي هو خبر من الأخبار التي لا يملك العقل إزاءها إلا ضرورة التصديق والتسليم.

وأضاف الإمام الأكبر أن النوع الثاني من الأخبار الصادقة هي أخبار الرسل عليهم الصلاة والسلام، والعقل يحكم بضرورة صدق أخبارهم؛ لأنه -عن طريق المعجزات التي يظهرها الله على أيديهم- لا يمكن له أن يتردد في صدقهم، وفي استحالة الكذب عليهم في أقوالهم وأفعالهم، لأنهم معصومون، مضيفًا أن المعجزات الحسية التي أتى بها الأنبياء السابقون تكون مفيدة للرسالات المحدودة المرتبطة بجيل معين يشاهدها، لأن الأجيال التالية لها لا تشاهد هذه المعجزات، ولذلك كانت معجزة النبي صلى الله عليه وسلم خالدة ولا تنقضي بانقضاء الأجيال وهي القرآن الكريم، وهي المعجزة الكبرى والباقية.

وبيَّن "الطيب" أن أخبار النبي صلى الله عليه وسلم ليست كلها متواترة، فهناك ما وصل إلينا من أخبار الرسول عن طريق الآحاد: أي الخبر الذي نقله عنه واحد يجوز أن يكون قد نسي أو أخطأ؛ فإنه -من حيث إفادة العلم- يكون في مرتبة أقل من مرتبة الخبر المتواتر، ومما ينبغي أن نعرفه في هذا المقام أن حديث الآحاد -الذي يتضمن بعض العقائد- إذا تلقته الأُمة بالقَبول نظرًا لتعدد طُرقه وتكرار روايته؛ فإنه يرتقي بهذه القَرائن إلى مرتبة الحديث المتواتر في إفادته العلم اليقيني في مجال العقيدة والاعتقاد.

وتابع شيخ الأزهر، قد يقال: إذا كان "العقل" يجوز الخطأ على "الشخص الواحد" فيما ينقله ويرويه من أخبار، فكيف يصير خبر "الواحد" إذا قبلته الأُمة وعملت به خبرًا يفيد اليقين، مثله مثل الخبر المتواتر الذي لا يتطرق إليه احتمال الخطأ بحالٍ؟! والجواب: أن "اليقين" الذي يفيده خبر الواحد أو "خبر الآحاد" حين تجمع عليه الأُمة، هذا اليقين ليس مصدره هو "خبر الواحد" الذي يحتمل الخطأ بحكم العقل، بل مصدره "إجماع الأُمة"؛ أي قَبول الأُمة ورضاؤها بهذا الخبر والعمل به.