رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

تبعات شعبية تمرد


لا شك أن لكل فعل ثورى تبعات لم تكن فى الحسبان ونتائج غير منظورة، ولا شك أن حملة «تمرد» هى فعل ثورى سلمى لمجموعة من الشباب الثائرين الذين يحلمون لبلدهم، والرافضين للأوضاع المتردية والتى وصلت إلى أننا نصحو كل يوم على مجموعة من الكوارث والحوادث والأزمات فى كل مجالات الحياة الحيوية.

ومن المؤكد أن الغضب المشتعل بداخل صدور غالبية المصريين قد وصل إلى ذروته، فلا يوجد قطاع واحد فى مصر لم يتدهور بفعل «الأخونة»، و لم تشهد بلادنا مثل هذه المعاناة فى أبسط متطلبات الحياة وفى مقدمتها رغيف الخبز، حتى إن صحيفة الجارديان البريطانية الشهيرة قد جاء فى عددها بتاريخ ٧ يونيو ٢٠١٣ تقرير مهم كتبته الصحفية الاقتصادية المعروفة «لويزيانا فيلاك» من القاهرة، تدق ناقوس الخطر من مجاعة قادمة لا محالة، تقول فى التقرير تحت عنوان «مصر تشهد أسوأ أزمة اقتصادية منذ ١٩٣٠» : إن استمرار الأزمة الاقتصادية فى مصر سيدفع الملايين من المواطنين إلى مواجهة مشكلات نقص الغذاء والفقر، مشيرة إلى أن مصر بعد الثورة تشهد أسوأ أزماتها الاقتصادية على الإطلاق منذ ١٩٣٠، حيث زادت معدلات سوء التغذية والفقر بين صفوف المواطنين، وإن طوابير المواطنين أمام مخابز العيش باتت أطول وأصعب من الماضى، ونقلت عن مدير مكتب الغذاء العالمى بالقاهرة عبير عاطف قولها «إن حدة الأزمة الاقتصادية بمصر تزداد يومياً وهو ما ينعكس على المواطنين بصورة كبيرة، وحذرت المؤشرات من أن هذا سيؤدى إلى إصابة الأطفال بسوء التغذية، ورصد البرنامج العالمى للغذاء مؤخراً أن أكثر من نصف الأطفال المصريين الذين تقل أعمارهم عن ٥ سنوات يعانون من فقر فى الدم، وهو ما ينعكس على نموهم الجسدى والذهنى فى المستقبل...«انته المقال.

ومن المؤكد فى الداخل والخارج أن معاناة الشعب المصرى قد أصبحت فوق طاقة احتماله، وأن هناك تجاهلاً فى سماع شكاوى الفقراء حول ارتفاع الأسعار ونقص الغذاء من جانب النظام الحاكم.

لقد أصبح واضحاً لكل فئات الشعب انه ليس لدى السلطة الحاكمة حلول لمطالب الجماهير وليس هناك نية لخفض الأسعار أو لتوفير الغذاء بشكل إنسانى للطبقات الفقيرة، لأن الأولوية لدى النظام الحاكم هى تنفيذ مخطط الأخونة، أما الشعب ومشاكله وأزماته اليومية فى رغيف الخبز والسولار والماء والكهرباء، أو باختصار فإن كل مستلزمات الحياة اليومية الأساسية من غذاء ودواء وعناصر للمعيشة اليومية ليست واردة على أجندة النظام الحاكم، ولكن نسى النظام الحاكم أن المصريين قد تمردوا وثاروا وغيروا نظاماً سابقاً فى ١٨ يوماً فقط .

لذلك فإن ما حدث من هجوم وحرق لمقر حملة «تمرد» فإنه ليس إلا إحدى تبعات فعلهم الثورى، وازدياد شعبيتهم واتساعها لتشمل معظم المحافظات وانتقالها من حى إلى آخر ومن مدينة إلى أخرى، لذلك فإن حرق المقر والهجوم عليه قد أكسب حركة «تمرد» تعاطفاً متزايداً فى الشارع المصرى، لقد تحولت هذه الحملة السلمية إلى حركة ثورية سلمية تجمع المصريين على أمل التغيير من مختلف الفئات، وفى اعتقادى ان الأيام القادمة ستشهد المزيد من الحرب ضد «تمرد»، ولكنها فى الحقيقة ليست حرباً ضد حملة «تمرد» بل هى حرب ضد غالبية المصريين، ولكن البعض لا يريد أن يرى الحقيقة ولا يريد أن يفتح أبواب الحرية لشعب قرر أن «يتمرد» من أجل التغيير...