رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نحن و«ألوان الطيف»


هى حدوتة ملتوتة وبايخة لتكرارها الممل دون تناول موضوعى، ودون مشاركة فى التعامل مع وجوهها السلبية والجارحة.. حدوتة مشهد كان قد ورد بأحد المسلسلات التى تم إنتاجها وعرضها منذ عامين «ألوان الطيف»، ولم يتوقف عنده أحد عند عرضه فى فترة مزدحمة بكم الأعمال المعروضة.. وحوار «المشهد الأزمة» كان بين أم تخطب فتاة مسيحية لابنها المسلم وتسوق حديثًا بلهجة ناعمة مرغبة تدعم حرية الاختيار وتبيض وجه وطبيعة الزواج المختلط.
وللاقتراب من أبعاد ما يطرحه المشهد (الأزمة) وهو رئيسى ومهم فى بناء ذلك العمل الدرامى، تعال عزيزى القارئ نحدد معًا كل أطراف تلك الأزمة المتكررة لنتبين مدى حجم وخطورة وأبعاد تلك الإشكالية.. الطرف الأول: مؤلف العمل الذى بدوره أقنع المنتج وأسرة العمل بمنتجه.. الطرف الثانى: الحركة النقدية.. الطرف الثالث: الإعلام بكل وسائطه بشكل عام والدينى بشكل خاص.. الطرف الرابع: الإعلام الساخن الأهوج الذى يمثله كل وسائل التواصل الاجتماعى.. الطرف الخامس: مراكز البحوث الاجتماعية والنفسية والأمنية والسياسية.. الطرف السادس: المؤسسات الدينية.. الطرف السابع: الكُتّاب الكبار والنخبة التنويرية.. الطرف الثامن: أهل التشدد ومؤسساتهم على الأرض.. الطرف التاسع: المبلغون والعرضحالجية.. الطرف العاشر والأخير وكان لا بد أن يأتى أولًا: مؤسسات الدولة المعنية بالإنتاج الدرامى، والأخرى المعنية بالرقابة الفنية، والثالثة المعنية بالمؤسسات النيابية والتشريعية.
أما عن المؤلف والسيناريست وأسرة العمل، فأنتظر الإجابة عن تلك الأسئلة:
نعم، الموضوع له أبعاد ووجود على أرض الواقع، ولكن يفترض أن تكون البداية لإقامة بناء درامى سليم لمبدع كمل تعليمه فى دراسة فنون الدراما وأصول الفن السابع، أن يطرح المعطيات وجوانب تأسيس الدراما على المعرفة والدراسة والفحص والتمحيص لكل أبعاد القضية على أرض الواقع، وبشكل صالح للبناء والتطوير.. المشهد يؤكد الغياب التام عن معرفة تعاليم المسيحية وطقوسها والجوانب التربوية فى البيت المسيحى، والتى أبسطها أن زواج المسيحية من غير المسيحى وخارج الطقس المسيحى، يعنى بلا جدال أنها باتت غير مسيحية، ولذلك فالحوار هو توجيه دعوة إلى بنت مسيحية للخروج عن دينها، والبنت لا تتحدث عن ذلك، بل توافق الزائرة على أن المشكلة فى العادات والتقاليد، كأنها تحدثها عن فستان فرح مكشوف، ثم الزج بكلمة «التعايش»، ليبدو أن أهل البنت عند رفضهم تلك الزيجة هو رفض لمبدأ التعايش!. لو أننا أمام كاتب صاحب قضية وحرفى شاطر، لكان له من الحلول الدرامية الذكية الكثير حتى يغفر له المتلقى إشعال تلك «الحريقة»، من بينها أن المشهد والدراما تذهبان لإثارة قضية الزواج المدنى الذى يتيح زواج المسلم بالمسيحية أو المسيحى بمسلمة، لنخرج خارج دوائر تعاليم الأديان التى تكفر المسلمة وتخرج المسيحية عن مسيحيتها، ولتتحمل تبعات تلك الزيجات المحرمة دينيًا أطرافها ومن يروج لها.. أما حكاية المؤلف حسن النية والدعوة للتحاب والتعايش، فأظن أن حضرة المؤلف يدرك أنها أمور باتت تناقش على صفيح ساخن فوق أرضية طائفية ينبغى الابتعاد فيها عن السلوك العارية!.
الطرف الثانى: الحركة النقدية، فقد تركوا الحدوتة بكل مخاطرها لمراسلى الأخبار الفنية وبرامج المساء والسهرة بغية الشعللة وجلب الإعلانات.
الطرف الثالث: الإعلام، ليجد المتلقى نفسه أمام تركيبة باتت غير مفيدة لعدة أسباب من أبرزها اعتماد مقدم الحلقة على صديق مسيحى، ويقدمه على أنه الكاتب والمفكر القبطى حتى لو ثار الرجل وقال له عيب أنا هنا باعتبارى مواطنا مصريا ولو ابتدينا الحلقة قبطى ومسلم نروّح أفضل!!.. ما علينا ويستمر الحوار الذى أعد له بغير دراسة أو تعرف على التعاليم المسيحية، يعزز فشلها الخيارات غير المتوازنة وغير المتخصصة للضيوف، وضحالة فكر ومعلومات نسبة لا بأس بها من مجموعة الإعداد ومقدمى تلك البرامج، فضلًا عن غياب المسئولين التنفيذيين القادرين على تحويل الأفكار المعالجة لقرارات تنفيذية على الأرض..
الطرف الرابع: وسائل التواصل الاجتماعى التى باتت ساحات لحروب كان ينبغى التعامل معها عبر خروج أهل الاختصاص والمسئولين ليعلنوا للجماهير رد فعلهم على حالة غضب من أصابهم الضرر وتم جرحهم، بما يفيد الخطوات المعتزم اتخاذها للتعامل مع الأزمة، وتوضيح مناطق الخلل والعبث بمشاعر الناس عبر الاستهانة بتعاليم أديانهم أو العكس لو كان فهم الغاضبين وتصورهم لحجم المشكلة مبالغًا فيه على سبيل المثال.
الطرف الخامس: مراكز البحوث الاجتماعية والنفسية وغيرها لأهمية تناول كل أبعاد مثل تلك المشاكل بشكل علمى وموضوعى دونما تهوين أو تهويل.
الطرف السادس: المؤسسات الدينية وعليها الدور الأبرز فى نشر تعاليم الأديان الصحيحة واحتضان الحالات التى تقترب من المشاكل برسائل ترغيب لا ترهيب بالنار وحديث البكاء وصرير الأسنان.وللمقال تتمة إن شاء الله.