رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عبدالرحيم طايع يكتب: الإلحاد في مصر.. مقاربة مبدئية للفهم

عبدالرحيم طايع
عبدالرحيم طايع

ليس من المقبول أن يُقال لاعتقادى بسيط حاقت به كارثة من الكوارث، ولم يجد كلمة يقولها، تهوينًا على نفسه، غير مناداة السماء ومناجاتها (لعلها تلتفت إليه بالرعاية).. لا يصح أن يُقال له: ليس وراء الغيم شىء يا هذا؛ فابحث لمصيبتك عن حل آخر.. الملحدون وحدهم قد يقولون مثل ذلك، غير مبالين بالعواقب الوخيمة لأقوالهم العبثية، التى لا تعنى أن الميكروب وجد هكذا حلًا، بل لا بد أن همّه تضاعف بالصدمة الجديدة العنيفة.

صحيح هم أيقاظ وانتقائيون؛ فلا يقولون مثل ذلك للجميع، لكن مثله خطير بالجملة؛ فالسماء عند الأكثرين، على اختلافهم وتنوعهم، ليست لعبة فى يد البشر اللاهين، وأمرها أعلى وأكبر من أى سخرية واستهانة.. لا أدخل هنا فى مهاترة مع الملحدين، بل أرى من حقهم أن يختاروا ما تطمئن له عقولهم وتستريح به نفوسهم، لكن أوصيهم بالكتمان من باب الحرص عليهم لا القمع، ومن باب العدل أيضًا؛ فهم لا يحبون أصوات الداعين إلى الله بطبيعة الحال.

وأقول: إلحاد الملحدين لهم لا للناس، وعليهم لا على الناس.. ومن جهتى لم أجافِ أحدًا لأنه ملحد قط ولم أُسِئ إلى شخصه (مع درايتى بالتناقض الجوهرى بيننا) ولا بأس بالأمر؛ فهو عندى كما أنا عند نفسى: عبد من عباد الله، خلقه الله حرًا فيما يشاء ويختار!.. الملحد المندمج فى المجموع، المنشغل بنفسه الذى لا تستفزه قناعات الآخرين ولا يهاجمها ولا يعاديها، وليست لديه دعوة يوجهها للناس بشأن ما ارتضاه لنفسه.. والذى كان أسس إلحاده، أصلًا، على قواعد علمية وعقلية تستحق النقاش، وخلا جوفه من المشاعر الدينية لأسباب يبدو بعضها منطقيًا؛ هو النموذج المثالى فى إطاره، وليس من ترك الدين لأنه أفلس، أو فقد عزيزًا، أو أصابه مرض عضال، أو استمع لملحدين وراقه نظامهم وأدهشه؛ فقلّدهم افتتانًا وسمعة، أو قرأ كتابًا أو اثنين فى الإلحاد؛ فتأثر ووجد نفسه صارخًا: وجدتها.. وجدتها..! (مع تقديرى لظروف هؤلاء).

لغير هذا كله، صرخ «أرشميدس»: أوريكا.. أوريكا (هكذا باليونانية) أى وجدتها وجدتها؛ فقد كان لاحظ ارتفاع منسوب المياه بعد انغماسه فيها وهو يستحم؛ فاكتشف الطّفو ووضع قاعدته خدمة للإنسانية، أما نحن فغرقنا فى شبر ميه!.. الإلحاد فى اللغة: الطعن فى الدين.. وفى الفلسفة والتّصوّف: مذهب من ينكرون الألوهية، ويتضمن رفض أدلة المفكرين على وجود الله.. فى ظنى أن الإيمان بوجود الله من عدمه يقين قلبى خالص خاص فوق ما هو عقلى وعلمى (لا ينفى رأيى الاعتراف بالأدلة العقلية والعلمية على الوجود الإلهى)؛ وعليه لا يصح أن نحاسب إنسانًا على يقين فؤاده، لكن يمكننا أن نسأله لو نظّم تنظيمًا وحشد حشودًا وفرض يقينه الشخصى على الخلق وسفّه المختلفين عنه على الملأ!.

ليست لدى إحصاءات دقيقة ولا غير دقيقة بأعداد الملحدين عندنا وأحوالهم، ولا أظن غيرى يملكها (لا يعنينى الأمر إلا من جهة الرصد والبحث والمعرفة) فلا يملك معظمنا ذلك؛ لأن الموضوع غامض وحسّاس ويثير المخاوف والرِّيَبَ، وأكثر الملحدين، بالذات فى البلاد التى تُعلى شأن الدين، لا يجرأون على إعلان تنصلهم من الدين، ويجعلون ما تبنّونه مغلقًا عليهم دون الباقين.. كان علوّ الأصوات، مع الثورتين المتعاقبتين اللتين مررنا بهما وبأحداثهما الجسام، سببًا (مفهومًا) للجهر بالأفكار والمعتقدات المغايرة للسياق العام، لكنه الجهر الخافت وليس الصاخب للأمانة، وإنما الصخب صخب الأوصياء والرقباء!.

الرد على الملحدين فى الدين بالدين نفسه أمر يثير الشفقة، وهو ما تفعله المؤسسة الدينية الرسمية عندنا للأسف (واضعة نفسها موضع المعنى الوحيد بالأمر)؛ فكيف ترد على شخص يدعى أنه لا يراك، وأنت أمامه، بقولك إنك أمامه ولكنه لا يراك؟!.. عليك حينها أن تبحث عن شىء سواك.. يمثّلك نعم.. لكنه سواك وخارجك للرد على هذا الذى يدّعى أن عينيه لا تريانك، بينما أنت ماثل فى حدقتيهما مثولًا كاملًا واضحًا!.
القضية أكثر شمولية من الدين (ولو مسّته بذاته فى الصميم)، تشمل أيضًا التربوى والنفسى والاجتماعى والثقافى على وجه الخصوص.. والمطلوب بإزائها الصدق لا التجنى، واللطف لا القسوة.. أما السماء، وهى الاستغناء المطلق، فلا يفيدها الإيمان ولا يضرها الجحود والنكران.

دوري ابطال اوروبا

365Scores.comمزود من

الدوري السعودي

365Scores.comمزود من

الدوري الانجليزي

365Scores.comمزود من

الدوري الاسباني

365Scores.comمزود من