محمد فودة يكتب: أسير البلطجي.. كيف سقط محمد رمضان في فخ التكرار والغرور؟
لا يختلف اثنان على نجومية الفنان الشاب محمد رمضان، ولا يمكن لأحد بأى حال من الأحوال أن يغفل تلك الموهبة الطاغية التى يتمتع بها فى التمثيل، وظهرت لديه بشكل لافت للنظر منذ بداياته، حينما قدم محاولاته الأولى على مسرح المدرسة. صحيح أنه بدأ حياته بأدوار صغيرة فى عدد من المسلسلات، من بينها «السندريلا»، لكن الظروف خدمته فيما بعد، وقدم دورًا متميزًا فى فيلم «احكى يا شهرزاد» الذى جعل الجميع يطلقون عليه «أحمد زكى الجديد»، ليصبح هذا الوصف «وش السعد» عليه، إلى أن أصبح من نجوم الصف الأول.
ورغم أن بطولته فى مجموعة من الأفلام جعلته نجمًا جماهيريًا، وحققت إيرادات عالية للغاية، وانتظار الملايين لمسلسله الرمضانى كل عام، إلا أنه وقع فى فخ التكرار والغرور الفنى.
حصر نفسه فى أسوأ منطقة فنية وفشل فى الخروج منها حتى الآن.. وانساق وراء رغبات المنتجين
محمد رمضان فنان حقيقى نستطيع أن نطلق عليه «ظاهرة فنية»، بعد أن تمكن فى وقت قياسى من وضع قدميه على الطريق نحو النجومية السينمائية، بمجموعة أفلام، من بينها «الألمانى»، الذى كان بطولته المطلقة الأولى، وعرض فى موسم صيف ٢٠١٢.
ورغم أن الفيلم لم يحقق نجاحًا كبيرًا فى شباك التذاكر، لكنه فتح الطريق أمام الآخرين لاكتشاف موهبة «رمضان»، ليقدم فى موسم عيد الأضحى من نفس العام فيلمه «عبده موتة»، بطولته الثانية المطلقة، والذى أحدث ضجة فى شباك التذاكر.
ورغم ذلك، إلا أن الفيلم لم يلق إعجاب كثير من النقاد، واتهمه فنانون وإعلاميون بتقديم أعمال «هابطة» للوصول للنجاح، معتبرين إياه أحد الأسباب القوية فى غرس مفاهيم العنف فى فكر وثقافة الشباب الصغير، خاصة بعد تقليدهم طريقة رقصه و«استايله».
ثم جاء فيلمه الثالث «قلب الأسد»، ليستمر فى النجاح بشكل كبير، ويتصدر به إيرادات أفلام العيد للمرة الثانية على التوالى، وتتوالى نجاحاته وصولًا إلى فيلم «شد أجزاء».
لم يتوقف عطاء «رمضان» عند هذا الحد، واتجه إلى التليفزيون بمجموعة مسلسلات، من بينها «ابن حلال» أولى بطولاته التليفزيونية المطلقة، الذى أثار جدلًا واسعًا حول ما إذا كان يمثل قصة مقتل نجلة المطربة ليلى غفران أم لا، وقدم كذلك مسلسل «الأسطورة» الذى حقق نجاحًا كبيرًا، كما نجح فى لفت الأنظار إليه فى مسرحيته «أهلًا رمضان».
ورغم تحول «رمضان» إلى ما يشبه «الظاهرة الفنية»، إلا أنه ودون أن يشعر أصبح يكرر نفسه بعد أن حصرها فى أسوأ منطقة فنية يمكن أن يقبع فيها فنان موهوب، وذلك بالتركيز فقط على تقديم أدوار البلطجة والانحراف والعنف.
وهذا فى تقديرى أكبر خطأ ارتكبه محمد رمضان فى حق نفسه أولًا قبل أن يكون فى حق جمهوره، بل يمكن القول إنه خطأ فادح ارتكبه فى حق المجتمع ككل، حتى وإن كان المبرر هو: «نقل ما يحدث فى الواقع» وأن «الشخصيات التى يقدمها موجودة فى المجتمع».
كان يجب على «رمضان» ألا ينساق وراء رغبات المنتجين فى تحقيق العائد المادى الكبير بأى شكل ووسيلة، وللأسف هو انساق وراء تلك الرغبات الإنتاجية فى الثراء السريع، ربما عن نقص خبرة أو لإشباع رغباته فى كسب المزيد من الشهرة والنجاح الذى حققه، واستطاع من خلاله أن يحجز لنفسه مكانًا متميزًا فى قطار النجومية السريع.
قد يعتبر البعض أن انتقادى تصرفات «رمضان» يعد تجاوزًا وتجريحًا لا يصح وغير مقبول، باعتباره نجمًا له اسمه وبريقه الذى لا يمكن لأحد مهما كان أن ينكره، لكن فى حقيقة الأمر إننى أكتب منتقدًا إياه حبًا فيه وحرصًا عليه باعتباره فنانًا موهوبًا وإنسانًا طيب القلب يتصرف بتلقائية ودون تكلف أو افتعال.
وللأسف الشديد، فإننى حينما أكتب عن نجم أو نجمة منتقدًا بعض سلوكياته، أفاجأ ببعض أنصاف وأرباع الموهوبين، يملأون الدنيا صراخًا وعويلًا، معتبرين ما أكتبه «تجاوزًا» فى حق هذا النجم، رغم تأكيدى أكثر من مرة أننى حينما أنتقد أحدًا فإن ذلك لا يعنى على الإطلاق أننى ضده.
وأجد دائمًا أصحاب الأفق المحدود والرؤى الضيقة يقزمون الأشياء، ويحصرون هذا النقد فى زاوية بعيدة كل البعد عن الحقيقة ويتهموننى بالقسوة فى الانتقاد، وهو ما يصيبنى بخيبة أمل فى أصحاب الأقلام الناقدة، ويشعرنى بأنه لا يزال أمامنا الكثير حتى نصل إلى العيش فى مناخ صحى يمنحنا القدرة على الكتابة بحرية والانتقاد بصراحة تامة دون أى قيود فى الكتابة.
فضل أموال الإعلانات على جماهيريته.. و«نسر الصعيد» فرصته الأخيرة
بجانب وقوعه فى أسر العنف والبلطجة، سمح محمد رمضان لنفسه بأن يتحول إلى هذا الكائن كثير الظهور والكلام والتهور، دون إدراك أن الظهور الإعلامى دون تركيز يحرق النجم ويحوله مع مرور الوقت إلى شخص غير مرغوب فيه، يعيد ويزيد فى نفس الكلام عن أعماله وصولاته وجولاته فى نفس المكان الذى يقف فيه.
تارة نجده يقوم ببطولة فيلم أو مسلسل، وتارة أخرى يملأ الدنيا صخبًا وضجيجًا من خلال إطلالة غريبة فى إعلانات تجارية، وعلى وجه الخصوص لشركات الاتصالات والهواتف المحمولة، بينما تفرض عليه النجومية أن يكون ظهوره محسوبًا بدقة، وأن تكون طلته عزيزة على المشاهدين، حتى يستطيع بسهولة وبأقل مجهود تحقيق نسب مشاهدة عالية جدًا.
نراه حريصًا كل الحرص على «زغللة» أعين شركات الدعاية التى تبحث دائمًا عن النجم الذى يمتلك القدرة على جذب المشاهدين، وبالتالى جذب العائد المالى الكبير.
وبعيدًا عن أفلامه وتصرفاته تلك، فإن محمد رمضان يتمتع بصفات استثنائية، تتمثل فى شخصيته التى تمتلئ بطيبة ورجولة وجدعنة الشاب المصرى الأصيل، وهو على المستوى الشخصى شخص بسيط، دائمًا ما يعترف بأصوله الطيبة، ويتحدث عن بدايته الصعبة، سواء على المستوى الشخصى أو الفنى، مع تأكيد أنه لم يولد وفى فمه ملعقة ذهب.
هو من مواليد محافظة قنا بالصعيد، فى ٢٣ مايو ١٩٨٨، وشئنا أم أبينا هو واحد من نجوم الشباك القلائل الحقيقيين، كما يعد أفضل من جسد الأسطورة الراحل أحمد زكى فى نظر كثيرين، ولِمَ لا فهو يجسد قدوته ومثله الأعلى فى عالم الفن والإبداع؟، وهو ما دفعه إلى تجسيد شخصيته بعد رحيله بعام فى مسلسل «السندريلا» أمام النجمة منى زكى.
وفى ديسمبر ٢٠١٣، مثلًا، نشر «رمضان» صورته على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك»، يظهر فيها وهو يرتدى «جلبابًا»، وكتب معلقًا عليها: «لولا الماضى.. ما جاء المستقبل».
وهنا يمكن أن نضع أيدينا على شخصيته الحقيقية التى تتوه من بين أيدينا أحيانًا بسبب خطواته غير المدروسة التى يحرص عليها مؤخرًا، ربما نتيجة اندفاع وعدم وضوح رؤية، وربما بسبب «الغرور الفنى» الذى يصيب النجوم.
ورغم ذلك، كان مادة خصبة للحوادث الغريبة والعجيبة، ففى ٢٠١٣، تم القبض عليه بعد توقيفه فى كمين واتهامه بحيازة الأسلحة والذخيرة دون ترخيص، إلا أن النيابة قررت الإفراج عنه وحفظ التحقيقات لعدم كفاية الأدلة.
مشكلته الثانية والشهيرة، التى كانت محل اهتمام إعلامى كبير حينما تعاقد على فيلم «واحد صعيدى» فى بداية مشواره الفنى، وقبل أن تحقق أفلامه مع «السبكى» نجاحها الكبير.
كان من المفترض أن يكون الفيلم أولى بطولاته السينمائية، ووقع وقتها عقدًا بأجر ٧٠ ألف جنيه، وبعد اتخاذ القرار باستئناف التصوير، طالب بتعديل أجره ليصل إلى ٣ ملايين جنيه، أى ضعف أجره القديم ٤٣ مرة.
وفى ٢٧ أكتوبر ٢٠١٤، أصدرت نقابة المهن التمثيلية قرارًا تؤكد فيه إيقاف صدور أى تصاريح عمل له، تأكيدًا للقرار الذى أصدرته بتاريخ ٢٤ سبتمبر من العام ذاته، بسبب تعاقده مع شركتى إنتاج فى نفس الموسم، وهما «المتحدين - صباح إخوان» و«فيردى».
لم أرغب أن أكتب مثل تلك الأشياء عن محمد رمضان، لكننى أردت فقط الإشارة إلى أنه على الرغم من كل تلك النجومية، إلا أن ثقته الزائدة أفقدته القدرة على ضبط النفس و«فرملة» تصرفاته التى بكل تأكيد تأخذ من رصيد حبه لدى جمهوره العريض.
وهنا أحب تأكيد مسألة فى غاية الأهمية، وهى أن محمد رمضان أمامه فرصة ذهبية لإعادة الأشياء إلى وضعها الطبيعى، وذلك بأن يقدم دورًا جديدًا فى مسلسله الرمضانى المقبل «نسر الصعيد» الذى أعلم أنه قارب على الانتهاء من تصويره.. وأهمس فى أذنه قائلًا: «ثقة فى الله نجاح».