رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نهاية العالم بين القرآن وعلماء الفيزياء «٢-٢»



لقد توعد القرآن أن يوم نهاية العالم سيفقد كل شىء كتلته، قال تعالى «وَإذَا الْجبَال سيّرَتْ»، «وَأَخْرَجَت الْأَرْض أَثْقَالَهَا»، «وَإذَا النّجوم انْكَدَرَتْ»، «وَإذَا الْكَوَاكب انتَثَرَتْ»، «يَوْمَ يَكون النَّاس كَالْفَرَاش الْمَبْثوث»، «وَتَكون الْجبَال كَالْعهْن الْمَنْفوش»، «وَإذَا السَّمَاء كشطَتْ».
وفى سورة وصفت بالتحديد يوم نهاية العالم، وهى سورة «التكوير»، أقسم القرآن بمجموعات مقرون بها فقدان الكتلة ونهاية العالم لا نراها، تجرى وسرعان ما تختفى وتعود إلى مكانها الأصلى كما كانت.. قال تعالى «فَلَا أقْسم بالْخنَّس. الْجَوَار الْكنَّس» (سورة التكوير الآية ١٥ و١٦)، إن ما يحدث به محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إنما هو الوحى الذى يوحيه الله إليه عن طريق جبريل- عظيم الملائكة- حيث كان يأتيه به، ويقرئه إياه. وإن القرآن ليس بكلام الشياطين، وإنما هو ذكر للعالمين. قال تعالى فى سورة التكوير: وَإذَا السَّمَاء كشطَتْ. وَإذَا الْجَحيم سعّرَتْ. وَإذَا الْجَنَّة أزْلفَتْ. عَلمَتْ نَفْسٌ  مَّا أَحْضَرَتْ . فَلَا أقْسم بالْخنَّس. الْجَوَار الْكنَّس.».
حيث تعنى «الخنس» أننا لا نراها، وتعنى «الجوار» أنها تجرى، أما «الكنس» فتعنى أنها تختفى عائدة إلى مكانها الأصلى كما كانت، فما هى هذه المجموعات التى لا نراها وتجرى وسرعان ما تختفى وتعود إلى مكانها الأصلى كما كانت، والتى استوجبت هذا القسم القرآنى التفخيمى‏،‏ وجاءت مقرونة بيوم نهاية العالم؟ خاصة أن القسم فى القرآن الكريم يأتى من أجل تنبيهنا إلى أهمية الأمر المقسوم به‏، وإلى ضرورته لاستقامة الكون ومكوناته‏، أو لاستقامة الحياة فيه‏، أو لكليهما معا‏،‏ وذلك لأن الله‏ (‏تعالى‏)‏ غنى عن القسم لعباده‏.
إن هذه المجموعات هى جسيمات «بوزون هيجز» التى تعطى الكتلة والمادة لكل شىء نراه حولنا بما فيها نحن، ودونها لا توجد كتلة لأى شىء، وستتسبب جسيمات «بوزون هيجز» فى زوال الكون وانهياره يوما ما عن طريق إزالة كتلته وكتلة كل شىء فيه ليتفكك ويعود كما بدأ، وهذا أيضًا يتفق مع قول الله تعالى «كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ  خَلْق نعيده» الأنبياء آية ١٠٤.
لابد أن يعتذر من قال عن «الخنس الجوار الكنس» إنها الثقوب السوداء التى تكنس كل ما يصادفها من أجسام مادية وغيرها، وذلك لأنه يحاول أن يقنع الناس أن «الكنس» الذى هو اسم ومضموم الكاف ومشدد النون أنه هو الفعل «كنس» الذى على كل حرف منه فتحة، فلم يقل القرآن على (الخنس الجوار الكنس) إنها حتى نجوم أو كواكب، لكن عليك أن تفهم حين تسمع (الخنس الجوار الكنس) أنه فى سورة تحدثت عن نهاية العالم بالتحديد قد أقسم الله عز وجل بـ: مجموعات لا نراها (الخنس) أول ما تجرى (الجوار) تختفى وترجع مكانها الأصلى مرة أخرى (الكنس).
فالعلم فعلًا أثبت أن هناك مجموعات لا نراها أول ما تجرى تختفى وترجع مكانها الأصلى مرة أخرى، وحتى العلم لم يجد لها اسما فأسماها العلماء على اسم مكتشفها «جسيمات هيجز»، وهى سر التحرك الكونى، وهى التى وهبت صفة الكتلة لكل شىء نراه حولنا بمن فيها نحن، وبدونها لا توجد كتلة لأى شىء، وعندما وصفها البروفيسور ديفيد ميلر استخدم تشبيهًا لمجموعات العمال التى تجرى حول مارجريت تاتشر ثم تختفى هذه المجموعات سريعًا عائدة إلى مكانها الأصلى مرة أخرى على أنها جسيمات «بوزون هيجز».
معذرة «ناسا»، فنحن المسلمين بالطبع لا نخاف من تصريحاتك المستمرة المثيرة للقلق، مثل وجود كوكب ما على وشك الاصطدام بالأرض وتدميرها، أو وجود نجم ما على وشك الانهيار والسقوط على كوكب الأرض وتدميره أو ما شابه، فالعالم من منظور المسلمين لن ينتهى باصطدام كبير أو برياح عاتية أو بزلزال مدمر أو بحرارة عالية أو غرقًا أو بصواعق السماء الحارقة. فنحن نعلم كيف سينتهى العالم. نعم.. فالمسلمون مثلهم مثل ستيفن هوكينج، جوزيف لايكين، بنيامين ألاناك وبقية أباطرة الفيزياء الحديثة، فهم يؤمنون مثلهم بأن العالم سينتهى بطريقة واحدة فقط، هى فقدان الكتلة mass loss أى أن يفقد كل شىء نراه حولنا كتلته بما فيه نحن وذلك على حد وصف القرآن الكريم بالحرف الواحد.