«القدس للمسيحيين واليهود والمسلمين».. مدينة وفكرة
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية مقالًا للكاتب جايلز فريزر، يقول فيه إن القدس تمثل للأديان السماوية الثلاثة مكانا للأحلام والشوق، ولا يمكن أن يكون هناك سلام سياسي حتى تُفهَم القدس جيدا.
وأضاف أنه في محاولة لتنظيم حج المسيحيين إلى الأراضي المقدسة، كثيرا ما يرفض مسيحيون السفر إلى إسرائيل، وإلى القدس على وجه الخصوص، لأنهم لا يريدون أن يتدخل الواقع المؤلم مع المكان للتدخل في فكرتهم عن القدس.
وتابع أن هذا الانفصال يمكن أن يشعر اليهود بشكل أكثر وضوحا، فبالنظر إلى ما يقرب من 2000 سنة كانت القدس أملا ووعدا بالنسبة لهم، ولكن ليس مكانا للعيش فيه فعليا، بل إن الكثير من أدبيات الكتاب المقدس العبرية أخذت تتشكل في تلك الفترة، في الوقت الذي كان فيه منفى اليهود في بابل، ولم تكن هذه القدس مجرد حنين لعاصمة المملكة المتحدة، فالمعبد في القدس، المبني في موقع رؤية النبي يعقوب الشهيرة بكونها سلما يربط بين السماء والأرض، وهذا المفهوم يعني أن تكون بوابة بين الله والإنسانية مثل أي مكان آخر على وجه الأرض، وهذه البقعة المحددة هو المكان الذي من المفترض أنه مكان للوصول السماء والأرض، وتحية بعضهم البعض.
ولكن بعد تدمير المعبد من قبل الرومان في عام 70م، شهد الشعب اليهودي ما يقرب من 2000 سنة من المنفى بعيدا عن هذا المكان المقدس، وظلت فكرة القدس حية في القول والرواية المستمرة، والواقع أنه منذ تأسيس القدس، قضى اليهود مزيدا من الوقت لإخبار القصص عن المكان أكثر مما عاشوا فيه فعلا، وهذا هو السبب في أن الفكرة اليهودية هي جزء لا يتجزأ من التوق والعواطف لمدينة القدس.
فالقدس مكان وفكرة، ولكن كما أن هناك أولئك الذين يريدون أن تبقى فكرة مثالية في رؤوسهم، هناك أيضا أولئك الذين يمكن أن يروا القدس فقط من حيث الأزمة السياسية الحالية ومكان الجدران والاحتلال.
ومع ذلك، كانت القدس دائما بناء الخيال، فلقد استثمر اليهود والمسيحيون والمسلمون فيه آمالهم وأحلامهم ودموعهم وشوقهم، مما جعل مدينة القدس على هذا الحال الآن، ولا يمكن لأي سلام سياسي حقيقي أن يكون ممكنا من دون فهم لماذا وكيف هذا.