رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نهاية العالم بين القرآن وعلماء الفيزياء «١-٢»


يحذر البروفيسور والعالم البريطانى ستيفن هوكينج، من احتمالية زوال الكون، واحتمالية انهياره، وقد تداولت وسائل الإعلام العالمية هذا التحذير على صعيد واسع.

لم يكن هوكينج بالطبع هو العالم الوحيد الذى يصرح بهذا، فالعالم والفيزيائى الدكتور جوزيف لايكين، بمختبر فيرمى الوطنى فى باتافيا، إلينوس بجامعة شيكاغو الأمريكية، قال خلال محاضرة له فى معهد سيتى فى الثانى من سبتمبر ٢٠١٤: «الشىء الأكثر إثارة لنا نحن الفيزيائيين أنه طبقًا لحسابات الفيزياء البحتة الصريحة المباشرة، يتبين لنا أننا على الحافة بين كون مستقر أو غير مستقر، وهذا قد يستمر طويلًا، لكن سيأتى الوقت الذى سينزلق الكون من تلك الحافة ونحن لا نعرف مبدأ أو قانونًا يبقينا على الحافة».

كما قال العالم والفيزيائى الدكتور بنيامين ألاناك، بجامعة كامبريدج ببريطانيا، إن «جسيمات (بوزون هيجز) تقدر كتلتها بـ١٢٦ مليار إلكترون- فولت، وهذه الكتلة بالضبط هى ما تبقى الكون على حافة عدم الاستقرار، إنما إذا كانت كتلة (بوزون هيجز) تقدر بـ١٢٧ مليار إلكترون- فولت لأصبح الكون فى وضع الاستقرار، وطبقًا لحسابات الفيزياء البحتة الصريحة المباشرة، يتبين لنا أننا على الحافة بين كون مستقر أو غير مستقر، وهذا قد يستمر طويلًا، لكن سيأتى الوقت الذى سينزلق فيه الكون من تلك الحافة ويزول وينهار».

إذن، كوننا طبقًا لحسابات الفيزياء البحتة، ووفقًا لما يقوله الفيزيائيون بالحرف الواحد، فى هذه الحالة الحرجة، وإن كوننا على الحافة بين الاستقرار أو غير الاستقرار، وإن احتمالية انهياره وزواله قائمة وموجودة.
وهذا ما يخبرنا به القرآن الكريم منذ أكثر من ١٤٠٠ سنة، فقد أخبرنا بطريقة صريحة أن كوننا على الحافة بين الاستقرار أو غير الاستقرار، وأن احتمالية انهياره موجودة وقائمة، «وَيمْسك السَّمَاءَ أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْض إلَّا بإذْنه»، (سورة الحج آية ٦٥)، وأن احتمالية زواله موجودة وقائمة، «إنَّ اللَّهَ يمْسك السَّمَاوَات وَالْأَرْضَ أَن تَزولَا، وَلَئن زَالَتَا إنْ أَمْسَكَهمَا منْ أَحَد مّن بَعْده» (سورة فاطر آية ٤١).
ولم يكن بإمكان علماء الفيزياء أن يصرحوا بمثل هذه التصريحات عن نهاية العالم إلا بعد أن تم رصد جسيمات هيجز، إذن فما هى جسيمات هيجز هذه؟
منذ نحو خمسين عامًا، طرح العالم البريطانى بيتر هيجز، نظريته حول تشكل الكون فيما يعرف بـ«الانفجار العظيم»، الذى يعتبر عودة إلى الوراء لمعرفة البدايات الأولى للخلق وتكون مادته، وقد احتدمت النظريات والتفسيرات بين علماء الفيزياء، كلهم يسعى إلى فك اللغز المحير فى الجسيم المسئول عن التحام المكونات الأولية للمادة، واكتسابها تماسكها وكتلتها.
بعد نصف قرن من الزمن قضاها العلماء والباحثون بحثًا عن هذا الجسيم المسئول عن نشأة الكون، أعلن علماء المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية (سيرن) رصدهم له، وذلك على هامش المؤتمر الـ٦٢ للفائزين بجوائز نوبل فى مدينة لينداو الألمانية مطلع يوليو ٢٠١٢.
إذ قالوا إنهم رصدوا جسيمًا له خصائص مشابهة لما يعرف بـ«بوزون هيجز» الجسيم المسئول نظريًا عن اكتساب المادة كتلتها، وشكل نشأة الكون، وقد تمت تسميته على اسم الفيزيائى الإسكتلندى «بيتر هيجز»، لأنه هو الذى كان قد تنبأ به عام ١٩٦٤ وتم اكتشافه فى ٢٠١٢.
وتقديرًا لهذا الاكتشاف العلمى، أعلنت الأكاديمية السويدية للعلوم، فى الثامن من أكتوبر فى ستوكهولم، منح جائزة نوبل لعام ٢٠١٣ فى الفيزياء للعالمين البلجيكى فرنسوا إنجليرت والبريطانى بيتر هيجز تقديرًا لأعمالهما التى أدت إلى «الاكتشاف النظرى لآلية تسهم فى فهمنا لأصل كتلة الجسيمات دون الذرية والذى تم تأكيده فى التجارب التى أجريت فى معامل سيرن فى سويسرا».
وكان وراء هذا الاكتشاف قصة شيقة للغاية، فى عام ١٩٩٣ ذهب مجموعة من أباطرة علماء الفيزياء البريطانيين إلى وزير العلوم البريطانى وقتها، ويليام والديجراف، من أجل أن يطلبوا منه أن يصرف لهم منحة مالية كى يتمكنوا من تمويل مشروع بناء «مصادم الهيدرونات الكبير» الذى سوف يتمكنون من خلاله رصد جسيمات «بوزون هيجز».
فراهنهم أثناء المقابلة على أنه سوف يعطى جائزة قيمة لمن يستطيع منهم أن يجد مثالًا سهلًا وبسيطًا يستطيع عن طريقه أن يفهم ما هى مسألة جسيمات هيجز بوزون هذه وكيف تعطى الكتلة لكل شىء نراه حولنا، وكانت الجائزة عبارة عن زجاجة شمبانيا من النوع الفاخر، فاز بها البروفسير ديفيد ميلر، لأنه استطاع أن يجد مثالًا سهلًا وبسيطًا، وكان أفضل وأسهل تشبيه يوضح طريقة عمل جسيمات «بوزون هيج»، وهذا التشبيه هو التشبيه الذى يحظى بقبول واسع بين الفيزيائيين إلى الآن ويرددونه بصورة مستمرة لشرح وتوضيح طريقة عمل جسيمات «بوزون هيجز» بسبب شموليته وسهولته الشديدة.
وعلى الرغم من أن جسيمات «بوزن هيجز» هى المسئولة عن إكساب الكتلة والوزن لكل شىء، إلا أن هى نفسها كتلتها حرجة جدًا قدرها العلماءبـ١٢٦ مليار إلكترون-فولت وكانت المفروض أن تكون ١٢٧ مليار إلكترون- فولت.
وبسبب كتلتها الحرجة هذه، فسوف تتسبب جسيمات «بوزون هيجز» فى زوال الكون وانهياره يومًا ما عن طريق إزالة كتلته وكتلة كل شىء فيه ليتفكك ويعود كما بدأ وذلك بحسب ما يقوله الفيزيائيون، أمثال كل من البروفيسور والعالم البريطانى ستيفن هوكينج، الفيزيائى جوزيف لايكين، الفيزيائى بنيامين ألاناك، ولذلك فطبقًا لحسابات الفيزياء البحتة الصريحة المباشرة، فإننا على الحافة بين كون مستقر أو غير مستقر.