عبدالرحيم طايع يكتب: القدس ووزيرة الثقافة ومعرض الكتاب
تولت عازفة الفلوت العالمية إيناس عبدالدايم، حقيبة الثقافة، وهى أول امرأة مصرية تنال الحقيبة الغالية، تولتها بين يدى قضية كبرى وحدث شديد الأهمية، القضية المسماة «صفقة القرن»، هى قرار ترامب الخَطِر بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، والحدث هو معرض القاهرة الدولى للكتاب فى دورته التاسعة والأربعين، المزمع إقامته أواخر الشهر الحالى والممتد إلى العاشر من فبراير القادم.
للسيدة الفنانة، قبل الخوض فى سر ارتباطها بالقضية والحدث، حرب متوقعة مع طائفتين شِرّيرتين ابتداء، الأولى: طائفة جاهلة ستحارب توليها المنصب من جهة كونها امرأة، وليست الحرب سهلة كما قد يتخيل المتفائلون؛ لأن المجتمع المصرى ما زال ممتلئًا بعقول بائسة دون عقول الناضجين الواعين.. الحرب الثانية: حرب سيجتهد فى فرضها عليها المتشددون الدينيون؛ لأنها كانت من أوضح محاربى التشدد الدينى ومن أكثر الحاشدين ضده بجسارة كاملة.
هناك حرب ثالثة لم أشأ التنويه عنها والتركيز فيها، هى حرب الفساد المستقر على الوافد الجديد النقى، وما أطول جملة الفساد فى وزارة الثقافة! غير أن الوزيرة، بحكم عملها المتواصل بالقطاع الثقافى وخبراتها الكبيرة فيه، تملك أسلحتها الفعّالة لمقاومة الخلل والضعف، وتستطيع التغيير للأفضل بتعاون الشرفاء ذوى الضمائر اليقظة، وما أكثرهم فى الوزارة أيضًا!.
الموقف الحقيقى للمثقفين والمبدعين من الحروب المذكورة، سيكشفه تحديث المنصب الرفيع لا محالة؛ فكثيرون منهم بلا موقف، وكثيرون مواقفهم غاية فى النبل والسمو.
ولندخل إلى صلب مقالنا.. القدس قضية ثقافية، فى العمق، مقدار تاريخيتها المهيمنة، وأمرها يشغلك، بالضرورة، كما يشغل كل مثقفينا ومبدعينا، والفرق أنك الآن فى المقدمة؛ فتقدرين على دعمها بصورة معنوية تعلى رايتنا العربية فوق مساجدها وكنائسها وبناياتها.. أما معرض الكتاب فهو دعوة لقاء واستماع وحوار واقتناء مطبوعات وإصدارات شتى تسد نقص المكتبات الشخصية، وتفيد الباحثين وتثرى محبى القراءة والاطلاع.. بغيته الاجتماعية حصول التعارف وتبادل الخبرات وجذب الناس إلى العلوم الإنسانية والارتقاء بأذواقهم وتنبيههم لمجريات الواقع بمضارّها ومنافعها.. وبغيته الاقتصادية متحققة لا ريب، ولا أرى معنى انتهاز فرصة حضوره غائبًا عن يقينك النابه!
المسئولية ثقيلة، يا قائدة أوركسترا المتميزين الطواويس، لكن تكون خفيفة لو تعاون فى حملها المعنيون تعاونًا صادق العزم سليم النّيّة.. نستطيع، من مصر التى هى درّة تاج العالم كما نتمناها وهى جديرة بالأمنيات الحلوة، أن نبيّن للدنيا ما العدالة وما الظلم وما الأمان وما الإرهاب.. نستطيع فعل هذا وأكثر، بلا صياح فارغ ومهاترات دوّارة تزيد الأحبال المعقدة تعقيدًا.. نعم نستطيع بعزفك الأخّاذ المرجوّ استمراره، وبأقلامنا وأفلامنا ولوحاتنا واستعراضاتنا ومسارحنا وأغانينا وفلكلورنا وقوتنا الناعمة كلها. تهنئتى وخالص تقديرى.. والسلام.
