رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

«عِذاب الركابى» يُعاين الإيقاعات السردية فى الأردن

جريدة الدستور

في كتابه «إيقاعات سردية» الصادر مؤخرا عن الآن ناشرون وموزعون في عمّان، يعاين الناقد والشاعر العراقي عِذاب الركابي، بعض التجارب السردية الأردنية منها تجارب في القصة القصيرة للكتّاب: يشرى أبو شرار في (من يوميات الحزن العادي)، وجعفر العقيلي في (ضيوف ثقال الظل)، ومجدولين أبو الرُّب (الرجوع الأخير).

وفي الرواية تناول تجارب كل من: بشرى أبو شرار في (شهب من وادي رم) و(العربة الرماديّة)، وصبحي الفحماوي في (على باب الهوى)، وهزاع البراري في (أعالي الخوف).

يفتتح الناقد كتابه بعبارة للكاتب بولو كويلو «الأرواحُ المعذبة تتعارفُ إحداها إلى الأخرى»، مشيرا إلى أنها هي ما هيأ أبجدية الكتاب، ويقول: إنها كانت الإيقاع للخطوة الأولى الخجلى، كقرنفلةٍ تغيِّرُ أثوابَها... جاءت الكلماتُ فيه ببلاغةٍ احتفائية، لا تخلو من جمالٍ وهيبةٍ، تؤرِّخُ للقاءِ مبدعين، يجمعُ بينهم سحرُ الحكي، وعظم المعاناة، ونهرٌ دافقٌ من الأحلام والأسرار التي مرهون فكُّ شيفرتها على إغواء أنثى طافحة بالرغبة.

وعن الكتّاب الذين تناول أعمالهم بالدراسة يقول: هؤلاءِ المبدعون - كتّاب قصَّة قصيرة ورواية، لهم حضورهم في السرد الأردني والعربي وهم «بشكلٍ سرِّي مصاصو حيوات الآخرين» بتعبير آندرس نيومان.. ثروتهم في بنك الحياة كلمات، برصيدٍ لا ينفد، وهي تنسابُ من أنهار قرائحهم بنكهة الفانتازيا، منطادهم الخيال -قلعة الجمال، وشطآن اللانهاية- برؤى دستوفسكي، يرسمون عوالمهم، ويرصدون حركاتِ أبطالهم بلغةٍ «من الروحِ إلى الروح، تلخص كلّ شيءٍ»- بحسب تعبير الروائي الكبير آرتور رامبو.. تميزها وردة أسرارهم، وهي تفوح بعطر أهليهم ومواطنيهم البسطاء الظامئين لحياةٍ لا تشكو مِنَ الحياة!

عن مجموعة الكاتبة بشرى أبو شرار «من يوميات الحزن العادي» يقول، إنها قصَص الذات المتوحدة في الذوات الأخرى! بل هي قصَّة واحدة، لراويةٍ واحدة تسكبُ ماء همومها في حوض هموم الآخرين، مَنْ ترتبط بهم بنبض الدم، وتتواصلُ معهم عبر أثير الهوية الضائعة، وعرق المعاناة، وأبجدية الدعاء بكلِّ لغات العالم الفاعلة والمندثرة للعيش الأفضل الآمن.. تتحدَّث عن ذاتها، وهي تتحدّث عنهم في الوقت نفسه.. تحكي حكايتها الطويلة، حكاية وطن الشتات، ومواطنه المرهون -حتّى الغياب- بهواء الحدود والبوّابات الخريفيّة.

وعن مجموعة «ضيوف ثقال الظل» للكاتب جعفر العقيلي، يقول: إنها قصص الواقع المعيش، بلغة الفانتازيا المموسقة بشاعرية دافئة وعالية.

والقاص جعفر العقيلي في أولى قصص هذه المجموعة «الرأس والمرآة»، يكتب ويرسم! يكتب ليستنطق ذاته والآخر، عبر القصة (الصورة- المشهد)، والأسلوب، وخليط متناغم من الواقعي والفانتازي والسريالي والمتخيّل، والبطل - رأسه نواة جسده الذي بدا خلية نحل، وهو يرمز لحالة التشظي والتهدم الروحي التي يعيشها الراوي.

وأخيرا، يقدم لنا الناقد رواية الكاتب هزاع البراري (أعالي الخوف)، ويصفها بأنها رواية مشاهد! ويقول عنها، إن شخصياتها تكتبُ نفسَها بنفسِها، يأخذُ الروائي من خلالِها مهمّة الرسَّام والموسيقي، فتنزف أصابعهُ ألوانًا وخطوطًا وكلماتٍ وأفكارًا، لتنتجَ (بورتريهات) يُمكنُ قراءتها بمشاعرَ لا حصرَ لها، وكأنَّ الروائي قدْ أخذَ بوصيةِ (مويان) وهوَ يسعى في سردهِ المُثيرِ إلى (استخدام أسماءً حقيقية، لأنقلَ شعورًا حقيقيًّا)، ولأنَّ محورَ هذهِ الشخصيات شخصية (الراوي - البطل) بكلِّ همومهِ وأحلامهِ وتطلعاتهِ، فهي (الشخصية الأعلى مِنَ الأخريات)"، ويضيف أن (أعالي الخوف) رواية واقعية، لشخصياتٍ حقيقية، تنوء بأعبائها ذاتُ الكاتب، يصبحُ فيها الخيالُ واقعًا مركزًا.. رواية الواقع - الخيال، والخيال- الواقع، أليسَ «الأدبُ بمجموعهِ مُتخيل» - كما يرى أندريه مالرو؟

يذكر أن عِذاب الركابي كاتب وشاعر من العراق، ينتمي إلى جيل السبعينيات من القرن العشرين، يمتلك نبرة شعرية كثيفة، صاحب أول تجربة (هايكو عربي) في الشعر المعاصر، وصاحب رؤية فلسفية تأمّلية متمردة، ولد عام 1950، شاركَ في العديد من المؤتمرات الأدبية والندوات الثقافيّة العربيّة.

وهو عضو اتحاد كتّاب الإنترنت العرب، عضو اتحاد كتّاب مصر، عضو مختبر السرديات بمكتبة الإسكندرية.