رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فتنة الإنجليز التى تسببت فى انفصال «مصر والسودان»

محمد نجيب
محمد نجيب

مع احتلال الإنجليز لمصر عام 1882 بدأ السعي إلى تفتيت هذه الوحدة، إلى أن تمكن المستعمر من فرض اتفاقية 1899، التى نصت على أن يتولى الإشراف على السودان ممثل لحاكم مصر وممثل للإنجليز، وأن يرفع العلم الإنجليزى بجانب العلم المصرى، وسمح لمصر بتقديم معونات مالية للسودان، وإن كان هذا الحكم يتخذ شكلًا ثنائيًا إلا أن الواقع هو انفراد إنجلترا بحكم السودان رغم رفع العلم المصرى بالسودان بل ورغم وجود قوات للجيش المصرى هناك، وبدا هذا منطقيًا إذ أن مصر ذاتها كانت محتلة من الإنجليز.

ـ «الحكم الثنائي»:
وبدأت أزمة السودان بعد عقد هذه الاتفاقية: "اتفاقية الحكم الثنائى بين مصر وبريطانيا"، حتى قيام ثورة 23 يوليو بقيادة اللواء محمد نجيب، الذي كان يعتنق مبدأ حق السودانيين في تقرير مصيرهم، حيث ذكر محمد نجيب في مذكراته أن خطواته الأساسية الأولى كانت تستهدف جمع السودانيين بمختلف أحزابهم على موقف واحد تقوم مصر بمعاونتهم فيه.

ـ «الحزب الوطنى الاتحادي»:
وتمكن محمد نجيب من عقد اتفاق مرضٍ بين حزب الأمة السودانى، أحد الأحزاب المتمسكة باستقلال السودان، في 29 أكتوبر 1952 بعد أن وجه نجيب الدعوة لزعماء الحزب للحضور إلى القاهرة، ثم نجح في توحيد جميع الأحزاب الاتحادية السودانية المشتتة بعد أن حضروا إلى القاهرة في حزب واحد وهو ما أطلق عليه «الحزب الوطنى الاتحادى».

لم تلبث المفاوضات أن بدأت في القاهرة بين مصر وبريطانيا لتعديل دستور الحكم الذاتى في 20 نوفمبر 1952، وعندما تعثرت المفاوضات بين الوفدين بسبب العقبات التي ظهرت اقترح رالف ستيفنسون، السفير البريطانى بالقاهرة، على محمد نجيب قيام الرائد صلاح سالم عضو الوفد المصرى في المفاوضات بجولة في جنوب السودان ليرى بنفسه أحوال الجنوب.

زيارة «صلاح سالم»:
ونجحت المفاوضات بالفعل وقام الوفدان المصرى والبريطانى بتوقيع اتفاقية الحكم الذاتى للسودان في 12 فبراير 1953 بعد نجاح زيارة صلاح سالم للجنوب والتي قوبلت بالسرور من قِبل الأهالي، وفى 25 نوفمبر من العام نفسه اكتسح الحزب الوطنى الاتحادى الانتخابات البرلمانية وأصبحت له أغلبية ضخمة في مجلس النواب والشيوخ، إلى أن تم انتخاب إسماعيل الأزهرى رئيسًا للوزراء من قِبل المجلس في يناير 1954 وتشكلت الحكومة من 12 وزيرًا من الحزب، والذى قوبل من الجانبين المصرى والسودانى بالرضا والسرور، في انتظار إعلان اتحاد البلدين.

ـ «استقلال السودان»:
وبعد إعفاء محمد نجيب من منصبه في 14 نوفمبر 1954، ومع سياسة إسماعيل الأزهرى المتسمة بالجفاء والتباعد عن مصر، حدثت صدامات حادة في العلاقات بين البلدين من خلال وسائل الإعلام، وسافر بعدها الرئيس جمال عبدالناصر إلى الخرطوم ليعلن عن استقلال الشعب السودانى أمام البرلمان، ليصبح عبدالناصر بطلًا وزعيم الاستقلال، فيما اعتبر قرارا تاريخيا، وأعلن رئيس الوزراء إسماعيل لأزهرى استقلال السودان خلال جلسة البرلمان التاريخية التي عقدت في مطلع يناير 1956، موضحًا أنه تلقى اعترافًا من جمال عبدالناصر و"سلوين لويد" وزير خارجية بريطانيا بذلك، وبعد إعلانه استقلال السودان قام الرئيس جمال عبدالناصر بمنحها السلاح والكوادر والجنود المصريين.