رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر فى حاجة إلى منقذ


من منا لا يشعر بحجم الفقر الذى يتسع كل يوم من حولنا، وبعشرات المتسولين الذين يظهرون فى كل شارع ليمدوا الأيدى طلبا للمساعدة، إن البطالة قد ارتفعت إلى معدلات غير مسبوقة وصلت إلى 13% وهذا فى حد ذاته ناقوس خطر لابد أن يكون أولوية للحكومة، ولأى مسئول فى موقع من مواقع المسئولية فى وطننا.

إن ما يدهش فى المشهد خلال الأيام الماضية هذا التجاهل المتعمد من قبل المسئولين لأى مطالب مشروعة للشعب، والتى فى مقدمتها لقمة العيش والأمن، إلا أننا فوجئنا بالدعوة بتحديد موعد الانتخابات البرلمانية، وأتساءل أى انتخابات برلمانية يمكن أن تتم مع افتقاد الأمن ولقمة العيش؟ وأى انتخابات برلمانية ستتم فى ظل انقسام مصر وفى ظل دستور كان هو السبب فى هذا الانقسام؟ وفى ظل غضب شعبى عارم، من عدم الاستجابة للمطالب الأساسية لأبناء الوطن، وفى ظل عصيان مدنى فى مدينة قتل عشرات من أبناء شعبها رغم أنها مدينة الشجعان، ومنذ الأمس بدأت مدينة الإسماعيلية أيضًا تعلن رغبتها فى المشاركة فى العصيان المدنى، بالإضافة إلى هذا فدعوات العصيان يبدو أنها ستمتد كما أتوقع إلى القاهرة والجيزة، وأتساءل أى انتخابات ستتم فى ظل شباب مصرى يتم القبض عليهم فى كل يوم بدعوى إثارة الشغب أو أى دعاوى أخرى ملفقة؟ أى انتخابات ستتم فى ظل فصيل يهمل حزن الثكالى على أبنائهن الذين قتلوا بيد النظام، وشباب يتحدثون كل يوم بأدلة دامغة عن تعذيبهم وسجنهم وإهانة كرامتهم لأنهم تجرأوا وعبروا عن مطالبهم المشروعة فى حياة أفضل فى وطنهم؟ أى انتخابات برلمانية ستتم فى ظل دعاوى تهين المرأة وتتعمد سب المحصنات والسخرية من الأمهات اللاتى يرضعن أبناءهن، وأساليب تحرش ممنهجة بالفتيات والسيدات اللاتى يخرجن للمطالبة بالحرية والكرامة؟ إن أخشى ما أخشاه الآن أن تتصاعد حدة الغليان مع حدة التجاهل فنجد أنفسنا أمام قسمين يتقاتلان، ناهيك عن انعدام الخدمات وتردى المرافق فى كثير من الأحياء والمحافظات، ورغم أن هناك بوادر أزمة واضحة فى رغيف الخبز ومعلومات أكيدة بانهيار الاحتياطى النقدى المصري، إلا أننا مرة أخرى لا نجد بوادر لمحاولة الاستعانة بالكفاءات المصرية المناسبة لإنقاذ مصر من الانهيار، فها هى مناطق بها أفران للعيش تخفض من إنتاجها مما ينذر بنقص فى رغيف الخبز خلال الأيام المقبلة، وما من بادرة لتوفير هذا الغذاء الأساسى للمصريين فى القريب العاجل، ناهيك عن تحديد العدد المخصص لكل فرد، واتجاه بات واضحا لتغيير مناهج التعليم لتناسب فكر فصيل واحد، ومن دواعى الاندهاش أيضًا فى المشهد أن معظم قيادات هذا الفصيل الواحد الذى يسيطر على مقدرات المصريين يخرجون علينا بلغة تجاهل لمطالب الثوار والمتظاهرين والفقراء بل وتهديد ووعيد يتزايد ويتصاعد يوما بعد يوم.

إن مصر حاليا فى حاجة إلى منقذ أو زعيم وطنى يظهر من بين الصفوف ليجمع المصريين حول مطالب ثورتهم وحول إنقاذ مصر من الانهيار والانقسام، إننا فى حاجة إلى منقذ يعلن احترامه لهذا الشعب المصرى الذى يئن ويتظاهر فى كل أسبوع دون أن يجد من ينصت له، إن مصر فى حاجة عاجلة إلى منقذ يضمد جراح المصريين ويعلى مصلحة الوطن فوق مصلحة أى فصيل، وينتشل مصر قبل أن تقوم ثورة جياع تقتلع الأخضر واليابس إن لم يتم تدارك الأمر بحلول عاجلة