رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نساء مصر فى مواجهة الترويع


تعددت أساليب ترويع الثوار حتى لا يخرجوا للتظاهر السلمى أو يعبروا عن رأيهم أو ينتقدوا الممارسات العنيفة و الانتهاكات التى تحدث جهارا نهارا للمصريين من قبل النظام، ولكن حظيت النساء بشكل خاص على نصيب وافر من هذه الأساليب،

فمن أجل تكميم الأفواه و عدم خروجهن للتظاهر، يواجهن التحرش المنظم و الهجوم الممنهج عليهن وسط المظاهرات السلمية، ولمس أجسادهن، وتمزيق ملابسهن من قبل مجموعة مشبوهة تندس وسط الثوار والمتظاهرين، والغريب فى أمر هذا الوطن أن الترويع يأتى بنتائج عكسية، فبدلا من أن تخاف نساء مصر فإنهن بدأن ينظمن الصفوف لمواجهة التحرش الممنهج بأساليب مبتكرة، وطرق جديدة، ولأن نساء مصر كن فى طليعة صفوف النضال فى ثورة يناير ومن قبلها فى ثورة 1919، فإنهن يعتبرن أنفسهن شريكا أساسيا فى ماضى وحاضر ومستقبل مصر، ولم يكن الهجوم على ياسمين البرماوى، هذه الشابة المصرية ذات الوطنية المتأججة، سوى محاولة لإسكات صوت ياسمين حتى لا تطالب بحريتها كإنسان فى هذا الوطن، وكثورية شاركت فى رفض الدستور غير التوافقى، حيث خرجت لتطالب بتنفيذ مطالب الثورة التى شاركت فيها، بل أرى أن ياسمين قد تحولت أيضا إلى رمز لمقاومة الاستبداد و صوت شجاع لحرية الوطن فى أوج أزمة طاحنة تكاد تعصف بالجميع نتيجة سوء ادارة الأزمة المتصاعدة، واللامبالاة بمطالب الثوار.

ومن ناحية أخرى يتعالى صوت المجلس القومى للمرأة برئاسة ميرفت التلاوى بضرورة ملاحقة العنف الذى تواجهه المرأة المصرية اليوم، وبخاصة جريمة التحرش، ولكن لا أحد يستمع من مسئولى النظام، كما حدث من قبل حينما طالبنا جميعا ككتاب وإعلاميين وحقوقيات بضرورة إدراج حقوق المرأة فى الدستور الجديد منذ أشهر وقبل إقراره، ولكن قوبلت المطالب كلها بالتجاهل، بل تم إلغاء المرأة من جميع مواد الدستور غير التوافقى، وأنا هنا أرى حقيقة مؤكدة مفادها أن غضبة النساء المصريات ستتصاعد فى الأشهر المقبلة وفقا لما لمسته من خلال تواصلى مع معظم المنظمات والائتلافات الخاصة بحقوق المرأة، ومن خلال انخراطى كعضو فى الاتحاد النوعى لنساء مصر، لأن المرأة المصرية لن تكف عن التعبير عن رأيها فى الانتقاص من حقوقها وستواجه جرائم التحرش الممنهجة والعنف ضدها بكل الوسائل القانونية والتى ستصل الى المستويات الدولية، وبما يعكس إرادة جماعية فى مواجهة التحرش لن تلين ولن تتوقف، كما تجىء مبادرة «فؤادة واتش» التى تشارك فيها عدة منظمات نسائية، كخطوة مبدئية ضد التحرش تحت عنوان «الشارع لنا...لا للتحرش والعنف ضد النساء» وذلك ردا على التحرش الجنسى والاعتداء على الناشطات السياسيات بغية إقصائهن عن المشاركة فى المسيرات السلمية والفعاليات السياسية أو حتى الغضب.

إن هذه المسيرة السلمية ستكون فى تقديرى نقلة نوعية فى طريق طويل و سلسلة كبيرة من الخطوات الشجاعة والثورية من أجل التصدى لظاهرة التحرش والعنف ضد النساء.

سقطت دموعى على رحيل ثلاثة من شهدائنا الأبرار من ثوار مصر الذين كانوا يشاركون فى المظاهرات السلمية، والذين كانت لديهم أحلام كبيرة لوطنهم، كانوا يحلمون بالتغيير إلى الأفضل من خلال الكلمة، ولا توجد أم مصرية لم تبكى بحرقة استشهاد محمد الجندى وعمرو سعد ومحمد كريستى، إنهم ثلاثة شهداء تحولوا إلى رموز لوطن مازال ينادى بالحرية و الكرامة الإنسانية