"الدستور" تقتحم عالم «الكيف المشروع» فى مصر
«الصحة» تتعامل مع الفودو والفلاكا والاستراكس باعتبارها مواد سامة فقط وليست مخدرات
«الداخلية» تطالب بسرعة إدراجها بجدول الممنوعات.. واتخاذ الإجراءات القضائية ضد مروّجيها
ظهرت فى الفترة الأخيرة أنواع شديدة الخطورة من المواد المخدرة غير المنصوص على تجريمها فى قانون العقوبات، وانتشرت هذه الأنواع فى أوساط الشباب بديلًا عن أنواع المخدرات التقليدية، مثل الحشيش والترامادول، وتسللت إلى سوق المخدرات أسماء جديدة مثل «الفودو»، و«الاستراكس»، و«الفلاكا»، وهى عقاقير تصيب الجهاز العصبى لدى الإنسان بالتهيج الشديد، وفقدان الوعى.
الآثار الخطيرة المترتبة على تعاطى هذه العقارات دفعت بدورها مصادر أمنية فى الإدارة العامة لمكافحة المخدرات بأن تكشف لـ«الدستور» عن أن وزارة الداخلية طلبت من الصيادلة إدراج هذه العقاقير والنباتات المتطورة ضمن الجداول غير المصرح بحيازة المواد الموجودة بها، إلا بشهادة طبية.
وذكرت المصادر أن أجهزة الأمن ألقت القبض على أشخاص وقعوا تحت تأثير هذه العقاقير، وبعد تحرير محاضر ضدهم، وإحالتهم إلى النيابة العامة، تم الإفراج عنهم فى نهاية الأمر، دون مقاضاتهم جنائيًا، على الرغم من اعترافهم فى التحقيقات بتعاطى هذه المواد بغرض «الكيف»، وحصولهم عليها من التجار المحتكرين لبيع هذه الأصناف الجديدة.
واعترفت المصادر بالعجز عن اتخاذ أى إجراءات قضائية ضد هؤلاء الأشخاص، سواء المتعاطين، أو التجار؛ بسبب عدم وجود عقوبة فى القانون المصرى تجرّم تعاطى هذه العقاقير غير المدرجة ضمن جداول المخدرات، مما يكبل يد الشرطة عن ملاحقة هذه التجارة الآخذة فى النمو والانتشار، ويتم الترويج لها داخل الجامعات والنوادى، عن طريق «ديلرز» متخصصين فى ترويج تلك الأصناف.
وذكرت المصادر أن الإدارة ضبطت متعاطى الفودو منذ بداية انتشاره وطاردت التجار الذين يتولون جلبه، ولكن يتم الإفراج عنهم؛ بسبب صعوبة إثبات الواقعة خاصة مع عدم وجود تحاليل تثبت التعاطى أو قرار بإدراج هذه العقاقير ضمن جداول المخدرات، سواء من الصحة، أو الصيادلة.
وأكد المصدر أن مادة الـ«تى إتش سى» الموجودة داخل تلك المخدرات هى من أخطر المواد الضارة بالجهاز العصبى للإنسان، وأن مصر تمنع دخول الاستراكس الذى يأتى مهربًا بطرق غير شرعية، مشيرًا إلى أن سعره يصل إلى 13 ألف جنيه للكيلو.
ويضيف اللواء عبدالله الوتيدى، أحد أبرز القيادات السابقة بإدارة مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية، أن مخدرًا جديدًا بدأ بالظهور بين أوساط المتعاطين اسمه «الفلاكا» يأخذ شكل الحبيبات البيضاء التى تشبه الملح، أو الثلج المجروش، وله رائحة كريهة، وتتنوع طرق تعاطيه، ما بين الاستنشاق، والحقن، ووضعه بالسجائر العادية.
ويطالب الوتيدى بالتنسيق الفورى بين الأجهزة المختصة بوزارة الصحة، وقطاع مكافحة المخدرات لتحليل هذه المادة المخدرة، ثم إدراجها بجدول المخدرات، لتنطبق عليها التشريعات والقوانين المغلظة لمعاقبة مروجيها ومتعاطيها، كما طالب الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية بالعمل على مكافحتها فى مهدها حتى لا تنتشر، وذلك بتنشيط أجهزة الجمارك واتباعها الفحص والتفتيش الدقيق بالموانئ، ورصد إدارة مباحث تكنولوجيا المعلومات والإنترنت لعمليات البيع على مواقع التواصل الاجتماعى من قبل المافيا الدولية التى تستدرج الشباب المصرى لشراء هذه الأنواع من المخدرات القاتلة.
أما اللواء مجدى كمال، الخبير الأمنى، مساعد وزير الداخلية السابق، فيقول إن خطوات مكافحة أى عقار مخدر جديد ترصده الأجهزة الأمنية تتم أولا عن طريق تحديد نوعه، والاسم العلمى له، وثانيا تحديد بلد المنشأ، وما إذا كان ينتج داخليا أو خارجيا، وثالثا البحث عن وسائل ترويجه، ورابعا رصد الفئة المتعاطية.
وأضاف اللواء كمال أن المخدر المعروف باسم «الفلاكا» من أكثر ما يتم ترويجه على الإنترنت، ويصل حتى باب المنزل بواسطة «الديلر»، وهنا يكون الدور الأكبر على إدارة مباحث تكنولوجيا المعلومات لتحديد مصادر الترويج، مشددا على دور التوعية الإعلامية عبر وسائل الإعلام.
وعلى المستوى القضائى، أكدت مصادر قضائية لـ«الدستور» أن أعضاء النيابة العامة فوجئوا أثناء تحقيقهم مع أحد الأشخاص بعد ضبطه أثناء ترويجه هذه العقاقير، بتقرير صادر عن المعمل الجنائى بمصلحة الطب الشرعى يفيد بعدم ثبوت مادة الاستراكس، والفودو، ضمن المواد المخدرة المدرجة بالجدول.
وتعود الواقعة، عندما ألقى القبض على أحد تجار المخدرات وبحوزته كمية كبيرة من المواد المخدرة تحتوى على ١٠٠ قرص مخدر، وكيس آخر يحتوى على نصف كيلو من مسحوق الاستراكس، وبناء عليه قرر وكيل النائب العام عرض الحرز على المعمل الجنائى، لكنه فوجئ بأن قرار المعمل جاء بأن خلاصة الأجزاء النباتية خالية من المواد المدرجة بالقرار رقم ٦٩١/١٩٦٠ المضافة إلى القسم الثانى من جداول المخدرات رقم ١٨٢١٩٦٠.
وفيما يخص الشأن الطبى، يقول الدكتور عبدالرحمن حماد، مدير علاج الإدمان بمستشفى العباسية، إن ظاهرة انتشار وتعاطى الاستراكس، والفودو، من أخطر الظواهر التى شهدتها مصر فى الفترة الأخيرة، لأن هذه العقاقير مصنعة من نبات القنب، بينما تكمن خطورته فى المواد الكيميائية التى تحتويه.
وأكد حماد على أن أعراض الاستراكس والفودو هى أعراض ذهانية، تسبب انفصاما بالشخصية، وتؤدى إلى موجات هياج وعنف شديد، وينتج عنها آثار نفسية أسرع من تأثير مخدر الحشيش بنسبة 200%؛ بسبب احتوائها على مواد سامة.
وحول عدم إدراج الفودو والاستراكس حتى الآن ضمن جدول المواد المخدرة، يقول الدكتور حماد إن هذه العقاقير لا تحتوى على مواد مخدرة بالمعنى المجرم فى القانون، وإنما بها مواد سامة، بالإضافة إلى أنه فى حال الإعلان عن أنها مواد مخدرة، من الممكن أن يؤدى هذا إلى مزيد من الإقبال عليها من الشباب الذين يبحثون عن الأنواع الجديدة من المخدرات.