ألاعيب رئيس الوزراء الإسرائيلي للهروب من عملية السلام بانتخابات مبكرة
زرع المبعوث الخاص للرئيس الأمريكى للشئون الدولية جيسون جرينبلات، خلال زيارته إلى تل أبيب الأسبوع الماضى، لغمًا فى قلب الحكومة الإسرائيلية وجعلها على حافة الانتخابات المبكرة؛ حيث كشفت الزيارة عن اختلافات جوهرية حول قضية بناء المستوطنات.
وزار «جرينبلات» القدس فى 13 مارس الجارى، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو وكذلك الرئيس الفلسطينى محمود عباس.
ويريد الرئيس الأمريكى دونالد ترامب تجميد البناء فى المستوطنات، كخطوة أولى وممهدة لاستئناف المفاوضات مع الفلسطينيين، من أجل إتمام «الصفقة» التى أعلن عنها فى لقائه نتنياهو فى البيت الأبيض.
على الجانب الآخر، لا يستطيع نتنياهو أن يلبى طلبات ترامب فى ظل الائتلاف اليمينى الحالى لأنه -بحسب تقديرات إسرائيلية- إن اتخذ خطوات فى اتجاه التجميد، فإنه سيفتح الطريق أمام حليفه الداعم لاستمرار الاستيطان وزير التعليم «نفتالى بينت»، ليس فقط لإسقاط الحكومة التى سيتهمها بالتفريط فى «أرض إسرائيل التاريخية»، لكنه سيقنع ناخبى نتنياهو بالتصويت له.
وعلى ذلك، فضّل «نتنياهو» السير فى طريق حل الحكومة؛ لأنه لا يستطيع أن يقف فى وجه الرئيس الأمريكى الحالى من خلال الكونجرس، كما فعل مع سابقه أوباما، حتى لا يجازف بخسارة البيت الأبيض، وقد وجد ضالته فيما يعرف بقانون «هيئة البث».
وتتمثل فكرة القانون فى استبدال هيئة البث القديمة بهيئة أخرى أصغر ويغلب عليها الطابع التجارى. وتقتضى تلك الخطوة، بطبيعة الحال، الاستغناء عن عدد كبير من العاملين فى الهيئة القديمة، ولذلك ظل موعد إطلاقها متعثرًا منذ بداية طرح الفكرة.
وتراجع نتنياهو عن إقرار القانون، يتسبب فى أزمة داخل الائتلاف الحاكم، لأن كحلون- وزير المالية- شريك رئيسى فى الائتلاف ويصر على تنفيذ الاتفاق وإنشاء هيئة البث، وهدد بالانسحاب من الائتلاف الحاكم وإسقاط الحكومة.
كان نتنياهو داعمًا شديدًا للفكرة فى بداية طرحها فى 2013، حيث قال حينها: «هذا الإصلاح ضرورى.. والنتائج مضمونة»، لكن نتنياهو تراجع الأسبوع الماضى قائلًا: «إن المؤسسة الجديدة كانت خطأ، لكن ليس من المتأخر إصلاحه».
وكتب نتنياهو على صفحته فى «فيسبوك»، بعد لقائه العاملين فى الهيئة، رسالة عاطفية جاء فيها: «لقد سمعت خلال اللقاء حكايات تمزق القلب عن موظفين مخلصين ذوى خبرة سيتم إرسالهم إلى البيت بسبب اتحاد البث العام الجديد».
أما «موشيه كحلون» وزير المالية، شريك «نتنياهو» فى القانون المذكور، فقد رأى أن «نتنياهو» يضعه بتلك الخطوة فى مواجهة العمال فى هيئة البث، حيث صدّر نتنياهو صورة إلى الجمهور وكأن كحلون هو المسئول عن إقالة العمال.
وكرد فعل على ذلك «الملعوب»، صرّح «كحلون» لوسائل الإعلام الإسرائيلية قائلًا: «لست مستعدًا لألاعيب نتنياهو. قانون مؤسسة البث هو قانون حزب الليكود (حزب نتنياهو) وليس قانونى أنا». وكتب روعى بولكمان، زميل «كحلون» فى الحزب، «كم هو شائن، نتنياهو الذى لم يهمه لثانية واحدة شأن العاملين بسلطة البث. الآن يقود حملة إعلانية على ظهرهم». أما المحلل فى صحيفة «هآرتس»، يوسى فيرتر، فقد كتب «إن نتنياهو اعتاد على الكذب. إنه لا يكذب من أجل الدولة، بل من أجل مصالحه الشخصية». فيما رأى المحلل عوزى برعام أن نتنياهو أقبل على تلك الخطوة لعدة أسباب: أولها التملص من التحقيقات الجارية معه، وثانيًا توريط معارضيه أمام الجمهور، وثالثًا إضعاف الإعلام والسيطرة عليه.