رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ماذاسيحدث في25يناير..أبدا هيخرجوا "يهيصوا"ويرجعواقبل الغدا


مصر تحبس الأنفاس.. هذا باختصار أقل ما توصف به حالة الترقب والحذر التي تسود بين المواطنين هذه الساعات التي تسبق حلول الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، وقد بات السؤال الذي يشغل بال كل مصري هو ما الذي سيحدث في هذا اليوم الذي يصادف يوم جمعة تلي الاحتفال بالمولد النبوي الشريف وتسبق جلسة النطق بالحكم ضد متهمي مجزرة ستاد بورسعيد.

البعض يرى أنها يجب أن تكون احتفالية خيرية على طريقة جماعة الإخوان التي قررت حشد مئات العيادات المتنقلة المدجة بآلاف الأطباء المحسوبين على الجماعة لتوقيع الكشف الطبي على المرضى، على طريقة الزيت والسكر التي اشتهرت بها إبان الانتخابات.

في حين يرى البعض الآخر أنها يجب أن تكون ثورة جديدة أو مكملة للثورة "المبتسرة" التي اندلعت قبل عامين.. مستشهدين في ذلك ببوادر حالة العصيان المدني التي قامت بها مجموعات الألتراس الأربعاء والتي اعتبرتها مجرد "قرصة دون" أو بروفة لما سيحدث يومي 25 و26 يناير من سيناريوهات الفوضى المتوقعة والتي تتراوح أهدافها ما بين القصاص لدماء شهداء المجزرة والإطاحة بالنظام الإخواني الحاكم الذي فرض سيطرته على كافة مفاصل الدولة.

وعزز من هذها الاتجاه انتشار دعوات على الإنترنت وبعض وسائل الإعلام الأخرى من بينها رسائل ال "sms" لتحويل يوم 25 يناير الذي كان يعتبر ثبل نحو عامين يوم أجازة هادئ ضمن احتفالات مصر بعيد الشرطة، إلى يوم عاصف "مكركب" بالأحداث الساخنة، كما تولت رموز سياسية عملية "تسخين" المشاعر.

وتأتي هذه الأحداث في أعقاب حالة احتقان وغليان خطيرة سادت بين عدة قطاعات من المجتمع وعبرت عنها حالة من الغليان فجرها شباب الألتراس الذين أشعلوا شرارة الثورة ضد عدة أوضاع اجتماعية واقتصادية وسياسية رأوا أن وراءها جماعة الإخوان التي تسيطر على كافة مفاصل الدولة وتنفرد بتقرير مصير البلاد.

وقد بدأت الأحداث الساخنة بالوقوف أمام مترو الأنفاق بعدة محطات وكذلك إشعال الإطارات فوق كوبري 6 أكتوبر وغيرها من الوقائع التي تشير إلى أن شيئاً ما يتم التجهيز له تحت السطح، خصوصاً مع حلول الذكرى الثانية لثورة 25 يناير وحلول موعد النطق بالحكم ضد متهمي مجزرة بورسعيد.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن هل تمر هذه الأحداث كمرور الكرام أم أنها ستشعل ثورة تصحيح جديدة ضد جماعة سياسة "الأخونة" هذه المرة.

الواقع يشير إلى أن الاحتمال الأرجح هو مرور هذه الأحداث بدون أي تأثير إيجابي، فلا يجب أن نرفع سقف التوقعات والطموحات أكثر من اللازم، وذلك ليس تهويناً من شأن أحد ولكنه مجرد قراءة منطقية للأحداث.. فهؤلاء الذين يبشرون بثورة جديدة هل يصدقون أنفسهم أن هذا وارداً؟!

فهل يمكن تحديد موعد لقيام ثورة وتنجح..مثال هل يجوز أن تخطر خصمك بأنك ستضربه يوم كذا ويمكن الساعة كذا إلا وستجد نفسك قبله في المستشفى، ثم أن هؤلاء المعولين على اندلاع ثورة جديدة نسوا شيئاً غاية في الأهمية هو طبيعة الشعب المصري الذي تغلب عليه مشاعر العاطفة والسكينة.. فإحدى السمات الهامة التي تميز سلوك المصريين أنهم من أشد الكارهين لكلمة "لا" التي يعتبرونها "وحشة المعصية" بل وقمة الجحيم.

في حين يرون في نعم "أنس الطاعة" وهذا ما تراهن عليه بعض الفصائل السياسية التي تصور المعارضة على أنها مرادف للشيطان.. لذلك ننشر على قرائنا الأعزاء التوقعات المرئية لأحداث 25 و26 يناير.. الناس ستخرج إلى الميادين تهيص وتحرق كام كاوتش عربية ويمكن تتهور وتقف أمام قضبان المترو أو يزيد شطحها لإلقاء عدة زجاجات مولوتوف.. ثم سرعان ما يعودون لمنازلهم بحلول موعد الغذاء للحاق بما تبقى من الطعام هذا إن لم يطبق الشعار المشهور "الغائب مالهوش نايب".

ولم تكن مصر بمنأى عن هذه الأحداث حيث شهدت الأيام الماضية سلسلة من مظاهر الاحتجاجات والتظاهرات التي خرجت تطالب بتحسين مستوى المعيشة للمواطنين وإيجاد حل للأزمات المتلاحقة من فقر وبطالة واشتعال أسعار.

وقد توالى اشتعال عمليات التذمر حتى شهدت مصر ثماني حوادث محاولات انتحار قام خلالها مواطنون بحرق أنفسهم لتوصيل رسالة مهمة للمسئولين مفادها أن الأوضاع لم تعد تحتمل الانتظار، وأن المسكنات لم تعد تجدي نفعا.

تظاهرات الأردن.. الخبز قبل السياسة دائما

الأمر المثير في هذه الأحداث هو تعويل محاولي الانتحار على نموذج التجربة التونسية الذي نجح خلاله "البوعزيزي" الذي أحرق نفسه في تغيير أمور لم تكن لتتغير في سنوات، إلا أنهم أصيبوا بخيبة أمل عندما أدركوا أن مشاكل مصر لا يمكن حلها حتى لو احترق ثلثي الشعب.

وربما يرجع تفسير ذلك لعدة أمور لعل أولها الذكاء الحاد الذي يتمتع به المسئولون المصريون في إدارة الأزمات مع الشعب، حيث تسمح السلطات المصرية بوجود ما يعرف ب"منظمات البخار" التي تمنع الانفجار وذلك عبر تأمين خروج التظاهرات بل وحراستها ويتحلى مسئولو الأمن خلالها بدرجات كبيرة من ضبط النفس.

وذلك في الغالب أسلوب ناجع في منع اندلاع الثورة، خصوصا وأن المسئولين في مصر ربما وصلوا إلى قناعة مهمة تؤكد أن نفس الاحتجاجات في مصر قصير جدا، وأن أعتى تظاهرة لا بد أن تنفض بحلول وقت الغداء أو على الأكثر العشاء ليكمل المتظاهرون عشاءهم بالنوم.

حرق الذات يغير التاريخ أحيانا

والدليل على ذلك لمن لا يصدق أين إضرابات سائقي النقل وأين تظاهرات الانتخابات وأين احتجاجات الأقباط التي وصلت لدرجة خطيرة، الواقع أن كل هذا نسيه المصريون ولم يعد هناك إلا الحديث عن لقمة العيش غير الموجودة.

لذا ومن مقعدي هذا أحب أوجه رسالة طمأنة إلى جميع المسئولين لن يحدث شيء يوم الثلاثاء ولن يتعدى الأمر بعض التجمعات المحدودة التي ستقتصر على الشباب الطموحين الواهمين.

ويا سلام بقى لو حكومتنا الرشيدة كلمت مسئولا في الأرصاد الجوية يطلع على الناس يوم الاثنين ليحذرهم من هطول أمطار شديدة وتكاثف الشبورة مع تحذير المواطنين من مغادرة منازلهم، وكل مظاهرة وانتم طيبون.