رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ثورة 25 ينايرـ 30 يونيو


خلال مناقشة البرلمان لقانون الخدمة المدنية، وأثناء التصويت على تعديل إحدى مواده بإضافة مصابى «ثورتى ٢٥ يناير و٣٠ يونيو» لنسبة الـ٥% من ذوى الاحتياجات الخاصة الذين يتم قبولهم عند الإعلان عن الوظائف الحكومية، طلبت الكلمة لتصحيح واقعة، وأكدت خلالها أن الدستور قد أتى على ذكر ٢٥ يناير و٣٠ يونيو فى موضعين اثنين؛ نص خلالهما بعبارات بليغة وجامعة على أنهما ثورة واحدة سماها «٢٥ يناير - ٣٠ يونيو».

وبصرف النظر عن تصرف عدد من النواب خارج إطار اللائحة المنظمة لعمل المجلس، وسير الجلسات فى هذا اليوم وغيره من الأيام، فقد حرصت على تأكيد هذا المعنى مع عدم الدخول فى مهاترات حاول البعض افتعالها، وذلك لأسباب عدة أولها الالتزام بنصوص الدستور الذى كان قسمنا على احترامه شرطًا لاكتساب عضوية المجلس، وليس آخرها -وإن كان أهمها- محاولة من جانبى لرد الاعتبار لـ٢٥ يناير، والتى تشكل الأساس الدستورى لكل ما جاء بعدها حتى الآن.

 إن الفاصل الزمنى القصير ما بين ٢٥ يناير ٢٠١١ و٣٠ يونيو ٢٠١٣ يعنى أنه إذا ما اعتبرنا ٣٠ يونيو ثورة قائمة بذاتها لأصبحت ضمنًا ثورة على ٢٥ يناير، وهو معنى تضمره نسبة كبيرة من المسئولين حتى وإن صرح بذلك عدد قليل منهم، وهو ما يجب أن يحاسبوا عليه، والحقيقة أنه ليس من حق من يعتبر أن ٢٥ يناير مؤامرة أو ٣٠ يونيو انقلابًا أن يشارك فى النظام السياسى فى أى موقع، ذلك أن هذا النظام قد بُنيَّ على أساس الدستور الذى يمثل العقد الذى ارتضته الأغلبية الساحقة من أبناء الشعب المصرى لينظم شئون حياته، ولذلك فإنه وإن كان من حق أى مواطن فى هذا البلد أن يقيّم ٢٥ يناير، و٣٠ يونيو كما يشاء، فإن من واجب كل مسئول أن يحترم قسمه الدستورى، وإلا فقد الثقة والاعتبار، ولم يعد مستحقًا لتولى أى منصب رسمى.

 واليوم ونحن نستقبل العام السابع بعد الثورة، فإن المسئولية تفرض علىَّ كنائب عن الشعب أن أتحلى بالشجاعة الكافية لأن أصارح الناخبين الذين أحمل شرف تمثيلهم بتمسكى بحلم ٢٥ يناير فى «العيش -الحرية - العدالة الاجتماعية - الكرامة الإنسانية» حتى وإن أغضب ذلك قطاعًا من المواطنين المصريين الذين نقدر رأيهم، لكننا فى الوقت نفسه نؤكد أن احترامنا للجميع إنما يستلزم أن نحترم أنفسنا أولا، وألاً نبطن فى ضمائرنا غير ما نصرح بألسنتنا، حتى ولو كان ذلك ابتغاء مرضاة من نحبهم، وإن اختلفنا فى الرأى معهم.

 إن أى إنسان عاقل لا يستطيع أن ينكر أن الأوضاع المعيشية للغالبية العظمى من المواطنين، والأوضاع الاقتصادية للوطن نفسه، قد ساءت اليوم عما كانت عليه يوم ٢٤ يناير ٢٠١١، لكن كل منصف أيضًا لا يستطيع أن يدعى أن العيب فى ذلك -وغيره- كان ٢٥ يناير ذاتها، وإنما الأخطاء، بل الخطايا التى اُرتكبت بعد ذلك من كل الأطراف تقريبًا، وإن كانت المسئولية الكبرى تقع على عاتق كل من تولى أمرًا من أمور السلطة من يومها وحتى الآن.

 وإذا كانت الثورة يمكن اختصارها فى كلمة واحدة فهى «التغيير» والذى يجب أن يطال الأفكار والأهداف والبرامج والموازنات والسياسات والانحيازات.. قبل الأشخاص، فمن غير المقبول أن يثور شعب ليأتى بسلطة لتظل تطبق نفس المنهج الذى كانت تسير عليها سابقتها قبل الثورة، بل تعتمد فى التنفيذ أحيانًا على الفرز الثانى والثالث من قيادات النظام القديم.

 إن ثورة «٢٥يناير-٣٠ يونيو» قد بدأت فى ٢٥ يناير ٢٠١١ لكنها لم تصل إلى نهاية بعد، وإن كان التاريخ هو من سيحكم عليها فى المستقبل بعيدًا عن التقييمات الذاتية المرتبطة بشخوص من عايشوا الأحداث وتأثروا بها سلبًا وإيجابًا، فإننا ملزمون فى الحاضر باحترام إرادة الشعب، والالت زام بنصوص الدستور، بصرف النظر عن قناعات البعض من هنا أو هناك.. وأخيرا فإن أشواق المصريين المشروعة والمستحقة التى دفعتهم للثورة وإن لم تتحقق حتى الآن- فإن الفرصة لم تفت بعد.