"حكومة النقص العاجزة".. الوزارات ترفع شعار "الاختفاء خير من الاكتفاء".. نقص الأدوية يتلاعب بحياة المرضى.. المدارس بلا كتب.. و"أنابيب البوتاجاز" على وشك الانفجار
يبدو أن كلمة "نقص" باتت عنوانًا لحكومة المهندس "شريف إسماعيل"، فما من وزارة إلا وتعاني من أزمة ما، يكون للاختفاء أوالنقص دور البطولة المُطلقة فيها ، وتحتل الوزارة دورًا ثانويًا في مواجهاتها، فلا تملك سوى الإنكار والصدح هنا وهناك بكلمة "كله تمام"، بعدما فضلّت الوزارت جميعها التعويل على الاختفاء الغامض لكل السلع والمنتجات بدلًا من البحث عن الاكتفاء.
"نقص الأدوية"
أزمة نقص ليست بجديدة، ولكنها تموت وتحيا كل فترة، في ظل عجز حكومي غير مسبوق، حيث تعاني جميع الصيدليات منذ أشهر من نقص في الأدوية المستوردة، لكن الأزمة تفاقمت بشكل مؤلم مع قرار البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه، ما أدى إلى انخفاض قيمته فعليًا أكثر من 50٪ مقابل الدولار.
الأمر دفع بدوره العديد من شركات الأدوية للإحجام عن الإنتاج نتيجة ارتفاع سعر التكلفة في ظل استمرار التسعيرة الجبرية، وضرب نقص الأدوية بعض العلاجات الحيوية مثل: "الأنسولين"، وأدوية مرض السكري الذي يصيب 17٪ من السكان، بالإضافة الى بعض أدوية أمراض القلب والسرطان، فضلًا عن محاليل غسل الكلى لمرضى الفشل الكلوي.
وفي مواجهة هذا الوضع الخانق، اتهمت وزارة الصحة موزعي الأدوية بممارسة الضغط على السلطات للحصول على زيادة في الأسعار التي تفرضها الحكومة، فيما يبرر الموزعون النقص بارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد الناجم عن انخفاض قيمة الجنيه.
وما كان من وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين راضي، إلا أن تهرب كالعادة بالإدعاء أن نقص الأدوية مشكلة مفتعلة عقب تحرير سعر الصرف، مؤكدًا أن الشركات العالمية التي تعمل في السوق المصري لم تتقدم بأية شكاوى، كما أن الشركات المحلية القليلة هي التي تقدمت بشكاوى.
وإزاء ذلك العجز الحكومي المتفاقم، ظهر بالأمس طوق نجاة ربما ينقذ المرضى، وهي "صيدلية تويتر" مبادرة شبابية أطلقها أحد رواد الموقع، بشكل تكافلي لتبادل الدواء الزائد عن الحاجة، ومنحه للمرضى الفقراء غير القادرين على شرائه، بدأت كحساب شخصي ثم تحولت إلى "هاشتاج" غرد عبره الآلاف بحثًا عن الأدوية الناقصة في السوق.
"نقص الكتب"
من الصحة إلى التعليم لم يكن الفارق كبيرًا، فمع مطلع العام الدراسي الحالي، صدحت وزراة التعليم بقيادة "الهلالي الشربيني" بإنها على أهبة الاستعداد لاستقبال الطلاب وتسيير العملية التعليمية لهم، ولم تمر سوي أسابيع قليلة حتى تعرت الوزارة أمام الجميع بإهمال بيّن وأزمات متفاقمة.
وطال النقص أيضًا الكتب داخل المدارس، وتوقف طباعة الكثير منها، بعدما كشفت آخر إحصائيات وردت إلى الإدارة المركزية لشئون الكتب من المديريات التعليمية، أن العجز فيها وصل إلى نحو 200 ألف نسخة، بسبب عدم ورود الإحصائيات الكاملة قبل بدء العام الدراسي الحالي.
الأمر الذي تسبب في غضب الطلاب وأولياء الأمور، لاستخدامهم الكتب المدرسية بديلًا عن الخارجية، وفي هذا السياق، فإن لجنة التعليم بالبرلمان، أعلنت عن أنها ستستدعي وزير التربية والتعليم، ومندوبي الوزارة، لمناقشة أسباب عجز الكتب.
ومن قلب الوزارة، أكدت هيئة شؤون الكتب آواخر أكتوبر الماضي، أن أزمة طباعة الكتب المدرسية لا تزال قائمة، رغم مرور أكثر من شهر على بدء العام الدراسي الجديد، وأن الوزارة لم تنته من طباعتها وتوريدها للمديريات التعليمية بسبب نقص الورق.
وتقدم عدد من أصحاب المطابع بمذكرة إلى رئيس مجلس الوزراء يطالبونه بالتدخل وتعديل سعر المناقصة التي تم ترسيتها منذ عدة أشهر لتتواكب مع الأسعار الحالية، حتى يتم السيطرة على أزمة نقص الكتب قبل انتهاء الفصل الأول من العام، ورغم ذلك أكد "الشربيني" بالأمس أن الأزمة مفتعلة وليست موجودة .
"نقص أنابيب البوتاجاز"
وها هي أنابيب البوتاجاز على وشك الانفجار قريبًا في وجه الحكومة بسبب النقص الحاد فيها، حيث احتدمت الأزمة الموجودة منذ سبتمبر الماضي وحتى الآن، فلا زالت مستودعات الأنابيب ببعض المناطق الشعبية تعاني من نقص شديد، الأمر الذى جعل تجار السوق السوداء يرفعون سعر الأنبوبة حتى وصلت إلى 30 جنيهًا وفي مناطق أخرى إلى 60 جنيهًا.
وعادت الكثير من الطوابير في محافظات الدقهلية والمنوفية ودمياط، تزامنًا مع رفع أسعار المشتقات البترولية، وسط شكاوى متكررة من قبل المواطنين، وتناقضت الحكومة كعادتها بشأن الأزمة إذا أكدت أن أنابيب الغاز متوفرة لكن تجار السوق السوداء هم من يستغلون الموقف ويشعلوا الأزمة، وقامت أيضًا بضخ مليون و100 ألف أسطوانة بوتاجاز خلال الشهر الماضي للسيطرة على الأزمة.
"نقص السكر"
وتشهد الأسواق المصرية حاليًا أزمة كبرى في نقص سلعة السكر الحر والتمويني، بدأت منذ ثلاث أشهر ولازالت مستمرة حتى الآن، بارتفاع أسعاره بشكل مخيف وصل إلى 12 جنيهًا للكيلو، وعدم تواجده في المجمعات الاستهلاكية والأسواق التجارية.
وأعلنت وزارة التموين مؤخرًا أنها تعاقدت على استيراد 134 ألف طنًا من السكر الأبيض جاهز للضخ مباشرة في السوق المحلي إلا أن شيئًا لم يحدث، بل لجأت الحكومة إلى رفع سعر السكر التمويني ومساوته بالحر بدعوى تقويض السوق السوداء.
"نقص الألبان"
ولحقت وزارة التموين خلال شهر أغسطس بقطار "النقص الحكومي"، بعدما شهدت الأسواق ارتفاعًا غير مسبوقًا في ألبان الأطفال واختفاء الكثير منها لاسيما المدعم، ما دفعهم للتظاهر والاحتجاج على صرخات أطفالهم الصغار، ووقفت الحكومة في دور المتفرج.
وأعلن وقتها المركز المصري للحق في الدواء من بدء نفاد المخزون الاحتياطي للألبان، وبدأت المنافذ بصرف عبوة واحدة فقط للأم بدلًا من ثلاث عبوات، وجاء ذلك بالتزامن مع صدور تعليمات من وازرة الصحة، بصرف علبتين لكل مواطن، وإلغاء الدعم عن مواليد من يوم إلى ستة شهور.
وعلى الفور تداخل الجيش لحل الأزمة بعد ثورة الأهالي ولجوئهم لقطع الطريق أمام الشركة الموزعة، وتم ضخ نحو 30 مليون علبة لبن للأطفال بالصيدليات بأسعار 30 جنيهًا للعبوة بدلًا من 60 جنيهًا، من قبل القوات المسلحة.