رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

‏"حكومة النقص العاجزة".. الوزارات ترفع شعار "الاختفاء خير من الاكتفاء".. نقص الأدوية يتلاعب ‏بحياة المرضى.. المدارس بلا كتب.. و"أنابيب البوتاجاز" على وشك الانفجار

جريدة الدستور

يبدو أن كلمة "نقص" باتت عنوانًا لحكومة المهندس "شريف إسماعيل"، فما من وزارة إلا وتعاني من ‏أزمة ما، يكون للاختفاء أوالنقص دور البطولة المُطلقة فيها ، وتحتل الوزارة دورًا ثانويًا في مواجهاتها، فلا تملك ‏سوى الإنكار والصدح هنا وهناك بكلمة "كله تمام"، بعدما فضلّت الوزارت جميعها التعويل على الاختفاء ‏الغامض لكل السلع والمنتجات بدلًا من البحث عن الاكتفاء.‏

"نقص الأدوية"‏
أزمة نقص ليست بجديدة، ولكنها تموت وتحيا كل فترة، في ظل عجز حكومي غير مسبوق، حيث تعاني ‏جميع الصيدليات منذ أشهر من نقص في الأدوية المستوردة، لكن الأزمة تفاقمت بشكل مؤلم مع قرار ‏البنك المركزي بتحرير سعر صرف الجنيه، ما أدى إلى انخفاض قيمته فعليًا أكثر من 50٪ مقابل الدولار‏‎.‎

الأمر دفع بدوره العديد من شركات الأدوية للإحجام عن الإنتاج نتيجة ارتفاع سعر التكلفة في ظل استمرار ‏التسعيرة الجبرية، وضرب نقص الأدوية بعض العلاجات الحيوية مثل: "الأنسولين"، وأدوية مرض ‏السكري الذي يصيب 17٪ من السكان، بالإضافة الى بعض أدوية أمراض القلب والسرطان، فضلًا عن ‏محاليل غسل الكلى لمرضى الفشل الكلوي‎.‎

وفي مواجهة هذا الوضع الخانق، اتهمت وزارة الصحة موزعي الأدوية بممارسة الضغط على السلطات ‏للحصول على زيادة في الأسعار التي تفرضها الحكومة، فيما يبرر الموزعون النقص بارتفاع تكاليف ‏الإنتاج والاستيراد الناجم عن انخفاض قيمة الجنيه‎.‎

وما كان من وزير الصحة الدكتور أحمد عماد الدين راضي، إلا أن تهرب كالعادة بالإدعاء أن نقص ‏الأدوية مشكلة مفتعلة عقب تحرير سعر الصرف، مؤكدًا أن الشركات العالمية التي تعمل في السوق ‏المصري لم تتقدم بأية شكاوى، كما أن الشركات المحلية القليلة هي التي تقدمت بشكاوى.‏

وإزاء ذلك العجز الحكومي المتفاقم، ظهر بالأمس طوق نجاة ربما ينقذ المرضى، وهي "صيدلية تويتر" ‏مبادرة شبابية أطلقها أحد رواد الموقع، بشكل تكافلي لتبادل الدواء الزائد عن الحاجة، ومنحه للمرضى ‏الفقراء غير القادرين على شرائه، بدأت كحساب شخصي ثم تحولت إلى "هاشتاج" غرد عبره الآلاف بحثًا عن ‏الأدوية الناقصة في السوق.‏‎ ‎

"نقص الكتب"‏
من الصحة إلى التعليم لم يكن الفارق كبيرًا، فمع مطلع العام الدراسي الحالي، صدحت وزراة التعليم بقيادة "‏الهلالي الشربيني" بإنها على أهبة الاستعداد لاستقبال الطلاب وتسيير العملية التعليمية لهم، ولم تمر سوي ‏أسابيع قليلة حتى تعرت الوزارة أمام الجميع بإهمال بيّن وأزمات متفاقمة.‏

وطال النقص أيضًا الكتب داخل المدارس، وتوقف طباعة الكثير منها، بعدما كشفت آخر إحصائيات ‏وردت إلى الإدارة المركزية لشئون الكتب من المديريات التعليمية، أن العجز فيها وصل إلى نحو 200 ‏ألف نسخة، بسبب عدم ورود الإحصائيات الكاملة قبل بدء العام الدراسي الحالي.‏

الأمر الذي تسبب في غضب الطلاب وأولياء الأمور، لاستخدامهم الكتب المدرسية بديلًا عن الخارجية، وفي هذا السياق، فإن لجنة التعليم بالبرلمان، أعلنت عن أنها ستستدعي وزير التربية ‏والتعليم، ومندوبي الوزارة، لمناقشة أسباب عجز الكتب‎.‎

ومن قلب الوزارة، أكدت هيئة شؤون الكتب آواخر أكتوبر الماضي، أن أزمة طباعة الكتب المدرسية لا ‏تزال قائمة، رغم مرور أكثر من شهر على بدء العام الدراسي الجديد، وأن الوزارة لم تنته من طباعتها ‏وتوريدها للمديريات التعليمية بسبب نقص الورق.‏

وتقدم عدد من‎ ‎أصحاب‎ ‎المطابع بمذكرة إلى رئيس مجلس الوزراء يطالبونه بالتدخل وتعديل سعر ‏المناقصة التي تم ترسيتها منذ عدة أشهر لتتواكب مع الأسعار الحالية، حتى يتم السيطرة على أزمة نقص ‏الكتب قبل انتهاء الفصل الأول من العام، ورغم ذلك أكد "الشربيني" بالأمس أن الأزمة مفتعلة وليست ‏موجودة .‏

"نقص أنابيب البوتاجاز"‏
وها هي أنابيب البوتاجاز على وشك الانفجار قريبًا في وجه الحكومة بسبب النقص الحاد فيها، حيث ‏احتدمت الأزمة الموجودة منذ سبتمبر الماضي وحتى الآن، فلا زالت مستودعات الأنابيب ببعض المناطق ‏الشعبية تعاني من نقص شديد، الأمر الذى جعل تجار السوق السوداء يرفعون سعر الأنبوبة حتى وصلت ‏إلى 30 جنيهًا وفي مناطق أخرى إلى 60 جنيهًا‎. ‎

وعادت الكثير من الطوابير في محافظات الدقهلية والمنوفية ودمياط، تزامنًا مع رفع أسعار المشتقات البترولية، وسط ‏شكاوى متكررة من قبل المواطنين، وتناقضت الحكومة كعادتها بشأن الأزمة إذا أكدت أن أنابيب الغاز ‏متوفرة لكن تجار السوق السوداء هم من يستغلون الموقف ويشعلوا الأزمة، وقامت أيضًا بضخ مليون و100 ألف ‏أسطوانة بوتاجاز خلال الشهر الماضي للسيطرة على الأزمة.‏

"نقص السكر"‏
وتشهد الأسواق المصرية حاليًا أزمة كبرى في نقص سلعة السكر الحر والتمويني، بدأت منذ ثلاث أشهر ‏ولازالت مستمرة حتى الآن، بارتفاع أسعاره بشكل مخيف وصل إلى 12 جنيهًا للكيلو، وعدم تواجده في ‏المجمعات الاستهلاكية والأسواق التجارية.‏

وأعلنت وزارة التموين مؤخرًا أنها تعاقدت على استيراد 134 ألف طنًا من السكر الأبيض جاهز للضخ ‏مباشرة في السوق المحلي إلا أن شيئًا لم يحدث، بل لجأت الحكومة إلى رفع سعر السكر التمويني ومساوته ‏بالحر بدعوى تقويض السوق السوداء.‏

"نقص الألبان"‏
ولحقت وزارة التموين خلال شهر أغسطس بقطار "النقص الحكومي"، بعدما شهدت الأسواق ارتفاعًا غير ‏مسبوقًا في ألبان الأطفال واختفاء الكثير منها لاسيما المدعم، ما دفعهم للتظاهر والاحتجاج على صرخات ‏أطفالهم الصغار، ووقفت الحكومة في دور المتفرج.‏

وأعلن وقتها المركز المصري للحق في الدواء من بدء نفاد المخزون الاحتياطي للألبان، وبدأت المنافذ ‏بصرف عبوة واحدة فقط للأم بدلًا من ثلاث عبوات، وجاء ذلك بالتزامن مع صدور تعليمات من وازرة ‏الصحة، بصرف علبتين لكل مواطن، وإلغاء الدعم عن مواليد من يوم إلى ستة شهور.‏‎ ‎

وعلى الفور تداخل الجيش لحل الأزمة بعد ثورة الأهالي ولجوئهم لقطع الطريق أمام الشركة الموزعة، وتم ‏ضخ نحو 30 مليون علبة لبن للأطفال بالصيدليات بأسعار 30 جنيهًا للعبوة بدلًا من 60 جنيهًا، من قبل ‏القوات المسلحة.‏