رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشعب يناشد البرلمان فتح هذه الملفات.. «3»



... وفى مقال اليوم نتطرق إلى الملف الحادى عشر عن الفن ..أو «القوة الناعمة» كما يحلو للكثيرين تسميتها..فهذا الملف من أخطر القضايا التى ساهمت فى ضياع شباب مصر..فهو بحاجة حقيقية إلى وقفة جادة للقضاء على «مرتزقة» و»سكلية» و«سماسرة» الدراما الذين شوهوا صورة المجتمع المصرى عربياً وعالمياً.. بل أشاعوا الفوضى وركزوا على السلبيات دونالإيجابيات..وأظهروا المصريين فى أعمالهم «غير المحترمة» وكأنهم مجموعات من البلطجية وتجار المخدرات والفهلوية والراقصات والخونة والعملاء والإرهابيين وبنات الليل..لقد حدث هذا العبث يا سادة فى غفلة من الزمن بعد 25 يناير 2011 ..لكن يظل السؤال: من سمح لتجار اللحوم الحمراء بالتجارة فى اللحم الأبيض؟!..أين الأجهزة الرقابية من هذه النوعية من الأعمال الفنية الهابطة؟!.

الجواب إن الرقابة الفنية عندنا بحاجة إلى رقابة من نوع خاص..فقد تأكدت أن هناك تخطيطاً متعمداً للقضاء على شباب مصر وتدمير مستقبلهم.. ودعونى أقولها بصراحة: لن ينصلح حال الفن المصرى إلا بتطهيره من «الخفافيش» و«الوطاويط» و«البعوض» وكل أنواع الحشرات الزاحفة التى علقت به وأنتجت لنا أعمالا تشبه إلى حد كبير أفلام البورنو بواسطة تُجار اللحم الرخيص ومخرجى وكتاب وممثلى السبوبة.. ولن ينصلح حال الفن إلا إذا ربطناه بالمصلحة العليا لأمننا القومى مقارنة بسينما هوليود الأمريكية وبوليوود الهندية..وهذا لن يحدث إلا إذا كانت لدينا رقابة صارمة على هذه الأعمال التى شوهت – عن عمد – تاريخ الدراما المصرية وعمالقة فننا الجميل.

الملف الثانى عشر عن الحد الأقصى للأجور والصادر به القانون رقم 63 فى 3 من يوليو سنة 2014 والذى دخل على ما يبدو إلى ثلاجة الأموات.. فالمعروف أن هذا القانون حدد سقفا للأجور بما لا يتجاوز 42 ألف جنيه شهريا لكل العاملين فى أجهزة ومؤسسات الحكومة والوحدات الإدارية المحلية والهيئات الاقتصادية والخدمية..كما أنه يسرى أيضا على الموظفين القانونيين العموميين والعمال الخاضعين للقوانين والنظم الخاصة دون أن يستثنى أحداً..لكن من الواضح-الواضح جداً- أن الحكومة ضربت به عرض الحائط...والسؤال الواجب طرحه فى هذا الملف الشائك: هل سيستطيع أعضاء البرلمان بمساعدة الرئيس أن يضعوا الجميع تحت مظلة هذا القانون بعد أن «فلت» منه المحظوظون فى:الشركة المصرية للاتصالات الذين تتجاوز رواتبهم الشهرية 250 ألف جنيه.. وكذلك قيادات وزارة الزراعة الذين تتجاوز رواتبهم الــ150 ألفاً .. ناهيك عن الرواتب الخيالية للعاملين فى القضاء والبترول والبنوك والشركات الاستثمارية..وغيرهم ممن يخرجون لسانهم للمادة 27 من الدستور التى تنص على «تقليل الفوارق بين الدخول والالتزام بحد أدنى للأجور والمعاشات بما يضمن الحياة الكريمة وبحد أقصى فى أجهزة الدولة لكل من يعمل بأجر وفقاً للقانون».

وهل يستطيع البرلمان أن يطبق القانون بعد أن قوبل بعشرات الدعاوى القضائية من جهات بعينها؟..وكيف سيتعامل البرلمان مع الفتاوى التى صدرت من هيئة الفتوى والتشريع بمجلس الدولة باستثناء فئات بعينها من الحد الأقصى مثل: العاملين فى بنك التعمير والإسكان والبنك المصرى لتنمية الصادرات ووزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وأعضاء السلطة القضائية والنيابة العامة والبنك الأهلى؟..أعتقد أن حل هذه المعضلة مرهون بمشاركة برلمانية-حكومية-رئاسية لتحصين النص الدستورى الخاص بالحد الأقصى للأجور بقانون خاص تلتزم محاكم القضاء الإدارى بتطبيقه حتى يتوافق الدستور مع القانون..لا أن يكون كل منهما بمعزل عن الآخر.

الملف الثالث عشر عن فساد وزارة الثقافة وارتباطها آنذاك بالمجلس الأعلى للآثار منذ أيام الوزير فاروق حسنى عندما صرح بأن «جميع مثقفى مصر دخلوا حظيرة الوزارة».. لقد نجح «حسنى» بالفعل فى تحييد أى معارض لسياسته بشكل أو بآخر..وهذا ما أكده لى شخصياً عندما كنت أجرى معه حواراً صحفياً فى بداية عام 2010.. واليوم لن أتكلم عن عطاءات الوزارة للشركات الأمريكية وتوقيع عقود منفردة مع شركة ibm ومؤسسة «فورد»- القريبة من المخابرات الأمريكية- وغيرهما –بحسب ما نشر قبل ذلك - ولن أتطرق إلى اختفاء سجلات جرد المخطوطات المهمة.. أو الفساد فى ترميم المسرح القومى والأموال التى أُنفقت فيه.. ولا عن إهدار المال العام بأكاديمية الفنون التى تترأسها أحلام يونس شقيقة الفنانة إسعاد يونس.. «بقول أخت الممثلة إسعاد يونس بتاع برنامج صاحبة السعادة»..ولا عن التجاوزات المالية فى مهرجان القاهرة السينمائى.

ولا عن استئثار أصحاب الحظوة والسطوة بالمناصب القيادية بالوزارة..ولا عن كيفية اختيار حلمى النمنم وزيراً للثقافة..ولا عن نوعية الكُتب «التافهة» التى توافق عليها الجهات المعنية بطباعتها من ميزانية الدولة ..ولكنى ألقى الضوء على حالة الانحطاط الثقافى التى وصلنا إليها مؤخراً بسبب تفشى الفكر المنحل..والألفاظ البذيئة التى ملأت الكتب ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعى..والتى تحاصرنا الآن أينما نذهب..فى الشارع وفى الجامعات والمعاهد والمدارس والمواصلات..ناهيك عن دور العرض وما يتلفظ به الفنانون تحت زعم «الإبداع»..يا أخى «ملعون أبو ده إبداع» ..وهذا ما أطالب به أعضاء البرلمان فى اللجان: الثقافية والإعلامية والأمنية..عليهم أن يدرسوا أسباب وعلاج هذا التغيير الكارثى جيداً ..ثم يضعوا لنا تشريعات فاعلة وقابلة للتنفيذ حتى نستعيد هويتنا المهددة بالاندثار عن طريق عملاء وخونة وأنصاف وأرباع مثقفين فرضوا علينا فرضاً من خلال إعلام موجه.

الملف الرابع عشر هو «المعاشات»..وحتى لا أطيل على القارئ لأنه ملف خطير جداً..سأتستشهد بما كشفته الوزيرة الوطنية السابقة ميرفت التلاوى وهى تقول: «عندما كنت وزيرة للتأمينات ..حاول يوسف بطرس غالى أن يأخذ أموال التأمينات إلى خارج مصر ليستثمرها فى السوق الدولى.. وكان موقفى واضحاً ومحدداً..وهو أننى لا يمكن أن أسمح بخروج أموال المعاشات التى تقدر حينها بـ400 مليار جنيه من مصر»..موضحة أن يوسف بطرس غالى حينما زارها فى مكتبها بمقر الوزارة كان برفقته فى هذه المقابلة رئيس «سيتى بنك الأمريكى» وحاولا –كذباً- الادعاء بأن امتيازات البنك الأمريكى ستكون أعلى من البنوك المصرية..وهذا غير صحيح على الإطلاق..لأن بنك الاستثمار فى مصر كان يعطى نفس الامتيازات..لكنها المؤامرة التى خطط لها يوسف بطرس وصديقه الأمريكى بإخراج فلوس التأمينات خارج مصر..فما كان منها إلا أن رفضت هذا العرض وبشدة حتى قيل حينها إنها طردتهما من مكتبها.

ورغم أن يوسف بطرس غالى استطاع الهرب إلى الخارج بعد أن نجح فى مخططه بعد رحيل «التلاوى»..لكنه ترك خلفه أذنابه الذين يتولّون حتى هذه اللحظة ملف التأمينات والمعاشات..وقد ترتب على ذلك إلغاء وزارة التأمينات وضُموها إلى وزارة المالية..وكما كشفت «التلاوى أنها تركت صندوق المعاشات وبه 400 مليار جنيه فى التسعينات..وقد وصل الآن إلى 634 ملياراً ..أى أن هذا الرصيد –بحسب الخبراء-يُغنى الدولة عن مد يدها للخارج إذا تم استثماره فى شراء شركات مساهمة لصالح 8 ملايين من أرباب المعاشات مثل قطاعات الأسمنت أو الاتصالات أو الحديد..لا أن يستثمر فى شركات ومضاربات بالبورصة مثلما فعل «بطرس» الهارب..وللحديث بقية.