الخروج من المأزق
الإعلان الدستورى الأخير أدى إلى انقسام المجتمع المصرى المنقسم أصلاً إلى تيارات مدنية والتى توحدت مع بعضها فى مواجهة تيار الإسلام السياسى وكل منهما ينظم مليونيات لاستعراض عضلاته أمام الآخر وأصبح البلد وكأنه فى صراع..
أيام عصيبة عاشتها مصر ومازالت نتيجة لتمسك كل طرف بموقفه وأصبح الأمر بالنسبة له مسألة كرامة، أزمة الإعلان الدستورى خلقت حالة كبيرة من الاحتقان بين أفراد المجتمع ومؤسسات الدولة الأمر الذى أدى بمحكمة النقض إلى أن تعلق جلساتها ولأول مرة فى تاريخها.
أما عن كيفية الخروج من هذه الأزمة فنحن نحتاج إلى حل يحفظ للطرفين كرامتهما ويحقق مطالبهما وإن كان من المفروض أن تكون كرامة الوطن وحقوقه فوق الجميع، هناك من يقترح العودة إلى دستور 71 لكى ننهى حالة الجدل حول الدستور والجمعية التأسيسية والمرحلة الانتقالية، هو اقتراح وجيه ويستحق الاهتمام خاصة لو أضفنا تعديلات 2011 التى تم استفتاء الشعب عليها وحذف تعديلات 2007 المشبوهة التى أدخلها مبارك على الدستور لتوريث نجله حكم البلاد من بعده، دستور 71 لم يكن سيئاً بشهادة الكثيرين سواء من التيارات السياسية أو القانونية هو فقط يحتاج إلى بعض التعديلات فى باب صلاحيات رئيس الجمهورية حتى لو اعتبرنا أن هذا الدستور مؤقت لمدة أربع سنوات حتى نصل إلى حالة توافق وطنى ونضع دستوراً دائماً للبلاد، من سار فى شوارع القاهرة خلال الأيام الماضية وجد أنها خالية من السيارات والمواطنين الذين فضلوا الجلوس فى منازلهم خوفاً ورعباً مما شاهدوه وسمعوه من طرفى الصراع.
حتى شوارع القاهرة حزينة ومبانيها وسيارتها وكباريها وأنفاقها، لمصلحة من حالة الرعب والخوف والانقسام التى سادت البلاد؟ أتمنى أن يأخذ اقتراح العودة إلى دستور 71 قدراً من الدراسة والاهتمام حتى نبدأ فى بناء بلدنا فبهذا الشكل الاقتصاد سوف يواصل الانهيار ولن يأتى إلينا مستثمرون ولا سائحون بل إن المستثمرين المصريين سوف يهربون بأموالهم خارج البلاد، والناس لن تأكل وتشرب دستور ولذلك فبالتوازى مع حل مشكلة الدستور يجب الإسراع فى الإصلاح الاقتصادى وكما قلنا مراراً وتكراراً إن مصر ليست دولة فقيرة.
مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم متعددة الموارد الطبيعية والصناعية وذات موقع جغرافى متميز وثروة بشرية هائلة واستغلال مواردها وإمكانياتها يحتاج خبرات وكفاءات كبيرة ومصر مليئة بهذه الكفاءات فهل يمكن الاستعانة بها؟ وأعتقد أن مصر فعلاً بحاجة إلى تشكيل حكومة إنقاذ وطنى تضم كل الخبرات المصرية المحترمة وهى كثيرة وكل التيارات السياسية لأن إدارة مصر مسئولية كبيرة أعتقد أن هذا أصبح واضحاً لجماعة الإخوان.
هناك أيضاً فائدة كبيرة من إشراك القوى السياسية فى إدارة مصر بجعلهم يتحملون المسئولية ويعلمون حجم التركة فكما يقولون فى المثل الشعبى من كانت يده فى المياه ليس كمن كانت يده فى النار.
أنا أعلم جيداً أن اقتراحى بالعودة لدستور 71 وتشكيل حكومة إنقاذ وطنى للخروج من مأزق الإعلان الدستورى هو اقتراح حالم ولن يؤخذ به، ولكن ألا هل بلغت، اللهم فاشهد.
■ مذيع بإذاعة الشرق الأوسط