رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فهم جديد لتحديد عيد القيامة.. شرح قرار بطاركة الشرق

الكنائس
الكنائس

طرحت أحد نقاط بيان بطاركة الكنائس الشرقية والذي عقدوا اجتماعهم الاسبوع بالقاهرة، والخاصة بمسألة إعتماد موعد مشترك للإحتفال بعيد القيامة المجيد من قبل جميع الكنائس فدعا مجلس البطاركة من خلال بيانه الكنائس الأرثوذكسية والفاتيكان ومجلس الكنائس العالمي ومجلس كنائس الشرق الأوسط إلى إعادة النظر في هذا الموضوع كما حثوا الكنائس على النظر جديَا إلى هذا الموضوع كيفية تحديد عيد القيامة المجيد 

موعد عيد القيامة فى القرن الثانى الميلادى

ومن جهته قال كريم كمال الباحث القبطي في تصريحات خاصة لـ الدستور،  سجل القرن الثانى للمسيحية جدلا طويلا بين فريقين من الكنائس حول تحديد موعد عيد القيامة.

وتابع: فالمسيحيون فى آسيا الصغرى وكيليكيا وبين النهرين وسوريا كانوا يعيدون فى اليوم الرابع عشر من شهر نيسان العبرى تذكارا للصلب واليوم السادس عشر من الشهر المذكور للقيامة وذلك فى أى يوم من أيام الأسبوع سواء صادف الجمعة للصلب والأحد للقيامة أو لم يصادف.

وكانوا فى يوم 14 أبريل عندما يجرون تذكار الصلب يفطرون اعتقادا منهم أن هذا اليوم هو يوم تحرير الجنس البشرى من العبودية، فيصرفون يوم الصلب فى الحزن وبعض الفريق يقول أنه تسلم هذه العادة من القديسين يوحنا وفيلبس الرسولين.

وتابع: أما المسيحيون فى بلاد اليونان ومصر والبنطس وفلسطين وبلاد العرب فلم يجعلوا اليوم (14، 16 ابريل أهمية بقدر اهمية الجمعة كتذكار للصلب والأحد كتذكار للقيامة واستندوا فى ذلك الى تسليم القديسين بطرس وبولس الرسولين.

وأضاف كمال ولقد استمر هذا النزاع بين الفريقين ولكن لم يؤثر على سلام الكنيسة، ولم يقطع رباط المحبة والأتحاد بين أعضائها ولقد سافر بوليكربوس أسقف أزمير نحو سنة 160م الى روما لينهى بعض المسائل ومن بينها عيد الفصح، أملا بأن يقنع أنكيطوس أسقف روما وجهة نظره والسير على منوال كنائس أسيا، وبالرغم من طول الجدل..

مجامع مكانية لحسم الخلاف

وأضاف كمال لقد استمر الحال على هذا المنوال الى أواخر القرن الثانى، وأوائل القرن الثالث الميلادى فعقدت مجامع مكانية مختلفة بعضها حكم بأن يعيد المسيحيون عيد القيامة فى يوم الأحد ولا يحل الصوم قبل ذلك ومن هذه المجامع انعقد مجمع روما سنة 198م برئاسة البابا فيكتور الذى أيد رسالة البابا ديمتريوس الكرام.

وتابع أما مجمع افسس برئاسة بوليكراتس Polycrate اسقفها فحتم بوجوب تعييد الفصح فى اليوم الرابع عشر من الشهر القمرى وتبعه مجمع فلسطين المؤلف من أربعة عشر إسقفا يتقدمهم نرقيسوس Narcisse أسقف أورشليم وكسيوس Cassius أسقف عكا وقرر مبدأ أعضاء الأربعة عشر.

ولفت ولكن مجمع فرنسا الذى عقده إيرناؤس سنة 197م اتبع طريقة كنيسة الإسكندرية التى أقرها فيكتور بابا روما وهى التى أققرها المجمع النيقاوى وأعتمدها (فيما بعد).

واضاف كمال ولكن بقيت كنائس أسيا غير رأضية عن هذا القرار وظلت متمسكة بعادتها.. ولم يحسم هذا الخلاف بين الكنائس سوى مجمع نيقية سنة 325 م.

وفى أبريشيات أسيا والبنطس وكيليكية. يجب أن تنظروا فى هذه القضية ليس لأن عدد الكنائس فى الابرشيات المذكورة هو الأوفر فحسب بل لأن العقل يدل على صواب خطتهم

إذ يجب ألا يكون لنا شركة مع اليهود. ولنخلص الأمر بكلمات محدودة أنه، باتفاق حكم ا

واختتم، بعد أن أقر المجمع موضوع تحديد الفصح وأصدر القيصر قسطنطين منشورا بضرورة الاحتفال بالفصح فى وقت واحد كما رسم ذلك بابوات الإسكندرية، ظل المسيحيون يعتبرون هذا الحساب بقواعده الى اليوم ماعدا من استعمل التقويم الغربى (الغريغورى) من التابعين لكنيسة روما إذ انفصلوا سنة 1582 م فى أيام البابا الرومانى غريغوريوس الثالث عشر الذى أجرى تعديلا للتقويم كما غير موعد عيد القيامة..وبذلك أنفرد الغربيون فى نظامهم إذ جعلوا حسابهم تابعا لسنتهم المعروفة الآن بالسنة الإفرنجية، ولذلك يتقدم عيدهم غالبا على عيد الشرقيين.

ومن جهته، قال القمص يوحنا نصيف كاهن كنيسة السيّدة العذراء بشيكاجو في دراس له بخصوص تحديد موعد عيد القيامة، فهذا له حساب فلكي طويل، يُسمَّى حساب "الإبقطي EPACTE”، وهي كلمة معناها: "عُمر القمر في بداية شهر توت القبطي من كل عام".

وتابع تمّ وضع هذا الحساب في القرن الثالث الميلادي، بواسطة الفلكي المصري "بطليموس الفرماوي" (من بلدة الفرما بين بورسعيد والعريش) في عهد البابا ديمتريوس الكرّام (البطريرك رقم 12 بين عاميّ 189م - 232م) وقد نُسِبَ هذا الحساب للأب البطريرك، فدُعِيَ "حساب الكرمة".

ولفت وهذا الحساب يحدِّد موعد الاحتفال بعيد القيامة المسيحي بحيث يكون موحَّدًا في جميع أنحاء العالم. وبالفِعل وافق على العمل به جميع أساقفة روما وأنطاكية وأورشليم في ذلك الوقت، بناء على ما كتبه لهم البابا ديمتريوس الكرَّام في هذا الشأن. ولمّا عُقد مجمع نيقية عام325م أقرّ هذا الترتيب، والتزمت به جميع الكنائس المسيحيّة حتى عام 1582م كما سنذكر فيما بعد..

هذا الحساب يراعي أن يكون الاحتفال بعيد القيامة موافقًا للشروط التالية:

1- أن يكون يوم أحد.. لأن قيامة الرب كانت فِعلًا يوم أحد.

2- أن يأتي بعد الاعتدال الربيعي.. [مع ملاحظة التغيير الذي حدث في التقويم الميلادي بمقدار 13 يومًا فصار الاعتدال الربيعي يوافق 3 أبريل بدلًا من 21 مارس، مثل عيد الميلاد الذي تحرّك من 25 ديسمبر إلى 7 يناير].

3- أن يكون بعد فصح اليهود.. لأن القيامة جاءت بعد الفصح اليهودي..

وحيث أن الفصح يكون في يوم 14 من الشهر العبري الأول من السنة العبريّة (القمريّة).. فلابد أن يأتي الاحتفال بعيد القيامة بعد اكتمال القمر في النصف الثاني من الشهر العبري القمري..

وأيضًا لأن الفصح اليهودي مرتبط بالحصاد، عملًا بقول الرب لموسى (لا4:23-12)، والحصاد عند اليهود دائمًا يقع بين شهرَي أبريل ومايو (وهي شهور شمسيّة).. لذلك كان المطلوب تأليف دورة، هي مزيج من الدورة الشمسة والدورة القمريّة، ليقع عيد القيامة بين شهري أبريل ومايو.. فلا يقع قبل الأسبوع الأول من شهر أبريل أو يتأخّر عن الأسبوع الأول من شهر مايو.

 ولكن الحساب في مُجمله هو عبارة عن دورة تتكوَّن من تسعة عشر عامًا، وتتكرَّر.. وعلى أساس هذا الحساب لا يأتي عيد القيامة قبل 4 أبريل ولا بعد 8 مايو... ثمّ يأتي عيد شمّ النسيم تاليًا له..وقد استمرّ موعِد الاحتفال بعيد القيامة موحَّدًا عند جميع الطوائف المسيحيّة في العالم، طِبقًا لهذا الحساب القبطي، حتى عام 1582م حين أدخل البابا غريغوريوس الثالث عشر بابا روما تعديلًا على هذا الترتيب، بمقتضاه صار عيد القيامة عند الكنائس الغربيّة يقع بعد اكتمال البدر الذي يلي الاعتدال الربيعي مباشرةً، بغض النظر عن الفصح اليهودي [مع أن قيامة المسيح جاءت عقب فصح اليهود حسب ما جاء في الأناجيل الأربعة] فمِن ثَمّ أصبح عيد القيامة عند الغربيين يأتي أحيانًا في نفس اليوم احتفال الشرقيين به، وأحيانًا أخرى يأتي مبكرًا عنه [من إسبوع واحد إلى خمسة أسابيع على أقصى تقدير] ولا يأتي أبدًا متأخِّرًا عن احتفال الشرقيين بالعيد.

وجدير بالذِّكر أن البروتستانت لم يعجبهم التعديل الكاثوليكي على موعِد الاحتفال بعيد القيامة، وظلُّوا يعيِّدون طبقًا لتقويم الإبقطي الشرقي حتى عام 1775م، ولكن مع ازدياد النفوذ الغربي اضطرّوا لترك التقويم الأصيل وموافقة التقويم الغريغوري..!

إذن فالغرض من حساب الإبقطي هو تحديد يوم عيد القيامة تبعًا للفصح اليهودي، وعليه يمكن تحديد الأعياد التالية له.