رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

المخرج صلاح أبو سيف يكشف بداياته الفنية وسبب مصادرة أول أفلامه السينمائية

صلاح أبو سيف
صلاح أبو سيف

صلاح أبو سيف، أحد أبرز مخرجي تيار الواقعية في السينما المصرية، وهو أيضا صاحب أفضل وأشهر الأفلام السينمائية عبر تاريخها الذي تجاوز المائة عام، بينها بداية ونهاية، شباب امرأة، بين السما والأرض، القاهرة 30، الطريق المسدود، الفتوة، الوسادة الخالية وغيرها الكثير.

شكرا لبولاق التي رعتني

ولعل من أبرز سمات أفلام صلاح أبو سيف، انشغاله بهموم الفئات المهمشة في المجتمع، وتناوله لقضايا المحرومين، ومن ثمة اهتمام “أبو سيف” بالمناطق والحارات الشعبية التي اتخذها مكانا بارزا يجعل منه موقعا لتصوير أفلامه وإخراجها، وهو ما فسر أسبابه بنفسه.

ففي عددها الـ 86، نشرت مجلة الكواكب لقاء مع صلاح أبو سيف والمنشور بتاريخ 24 مارس من عام 1953. استهل حديثه: ولدت في حي بولاق، هذا الحي الشعبي الذي لم يفقد شعبيته منذ أجيال، ولن يفقدها، وقد حصلت علي دبلوم التجارة المتوسطة. ولم أكن أعرف شيئا عن التمثيل أو عن السينما، بل كنت "متفرجا" مواظبا، في حدود إمكانيات "مصروفي" الذي كنت أتقاضاه من أهلي.

وأحسست أن ثقافتي الفنية قد بدأت تتكون عندما التهمت كل الكتب التي كانت تبحث في صناعة السينما، وكنت أطبق ما اقرأه علي ما أشاهده من أفلام البطولة ورعاة البقر. ورأيت أن أبرز هذه الثقافة عن طريق الصحف، فعملت ناقدا ومحررا للفن في "الصباح"، و"أبو الهول"، و"العروسة".

 

صلاح أبو سيف محرر فني وموظف

ويمضي صلاح أبو سيف في حديثه للكواكب عن بدايات مسيرته العملية: تخرجت فعملت محررا فنيا بالأجر، ولكن الأجر الضئيل لم يشبع معدتي، فعدلت عن العمل الصحفي وبحثت عن وظيفة، ووجدت ضالتي المنشودة في سكرتارية شركة مصر للغزل والنسيج في المحلة الكبري. فسافرت إليها ورحت أقضي أوقات فراغي في التهام الكتب والمجلات التي تكتب في شئون وصناعة السينما حتي استوعبت الكثير منها.

 

نيازي مصطفى وبداية صلاح أبو سيف

وعن دخوله المجال السينمائي وكواليسه، يتابع صلاح أبو سيف: كان الأستاذ نيازي مصطفى قد قدم إلي المحلة لإخراج فيلم عن مصنعها، فاتصلت به وساعدته داخل المصنع وخارجه حتي أتم عمله علي ما يرام، وانتهزتها فرصة فرجوته أن يلحقني باستديو مصر ففعل، ونقلت من سكرتارية مصانع المحلة إلي استديو مصر، في وظيفة مساعد في قسم المونتاج، وفي هذا القسم تعلمت فعليا كل شيئ عن الإخراج والسينما ودقائق هذه الصناعة.

 

مصادرة أول أفلام صلاح أبو سيف 

وعن أولى محاولاته الفنية وأفلامه السينمائية، قال صلاح أبو سيف: أخرجت أول فيلم في عام 1943 وقام بالدور الأول فيه إسماعيل ياسين، وقد بدزت به ظاهرة جديدة في صناعة الأفلام وهي الاستغناء عن "الجنس اللطيف"، فلم تظهر فيه ممثلة واحدة، وكان اسم الفيلم "العمر واحد"، إلا أن مصير الفيلم كان المصادرة للأسف الشديد.

ويضيف أبو سيف: لم أتقاض مليما في هذا الفيلم، بل كان "تجربة". ثم بدأت في إخراج أفلام قصيرة ناجحة. أما أول فيلم أخرجته بمعني الإخراج الكامل، فكان فيلم "قلبي دليلي"، بطولة عقيلة راتب وعماد حمدي، والذي أنتجه استديو مصر عام 1945، وكنت موظفا في الاستديو بمرتب قدره ستون جنيها، وقد تقاضيت في إخراجه مرتب عامين علاوة و500 جنيه مكافأة.

ويذهب الكاتب الروائى خيري شلبي، في كتابه “عناقيد النور”، إلي أن: أفلام صلاح أبو سيف واقعية تعبيرية انتقادية، إنه يقدم رؤية فنية للواقع تتضمن رأيا نقديا يستشعره المتلقي مبثوثا في الصورة الفنية، وفي الحوار بعبارات خاطفة كومضات إشارية غير خطابية وغير مقحمة علي السياق وحتي إذا لم يلحظ المتلقي هذه الإشارات فإن الشحنة العاطفية المنحازة للموضوع تضع المتلقي تلقائيا وبصورة حاسمة في الموقف الإيجابي الذي يستهدفه العمل.

ويلفت “شلبي” إلى أن أفلام صلاح أبو سيف يمكن إدراجها ضمن ما يمكن تسميته بأدب السينما، ليس بمعني تعمد أنها تعتمد في معظمها علي أعمال أدبية معروفة، وإنما باعتبارها أدب في ذاتها، فإذا كان الأدب هي الارتفاع بمستوى التعبير فإن سينما صلاح أبو سيف تعتبر أدبا من هذه الزاوية.