رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجانب الآخر لمعبر رفح!

بغارات جوية على منطقة اليرموك وشرقى جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون، وبقصف عنيف لمدينة رفح الفلسطينية، دخل العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة يومه الـ٢١٤، وأكد وائل أبومحيسن، المسئول الإعلامى فى الجانب الفلسطينى لمعبر رفح، أن المعبر خرج عن الخدمة ولا يوجد به أى طواقم عمل، منذ عصر الإثنين، نظرًا لاستهداف مرافقه بشكل مباشر. ثم نشر الجيش الإسرائيلى، صباح أمس، الثلاثاء، لقطات لدباباته وهى تسيطر على ذلك الجانب من المعبر.

فى بيان، قال جيش الاحتلال إنه تمكن من «الاستيلاء» على المعبر بعد «عملية دقيقة» ضد حركة «حماس» فى «مناطق محدودة شرق رفح»، زاعمًا أن لديه «معلومات مخابراتية تفيد باستخدام منطقة المعبر لأغراض إرهابية». كما أشار إلى أنه قام، قبل إطلاق العملية، بـ«التنسيق مع المنظمات الدولية العاملة فى المنطقة»، غير أن ينس لايركه، المتحدث باسم مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، قال خلال مؤتمر صحفى عقده فى جنيف، صباح أمس، إن موظفى المكتب غير موجودين حاليًا عند الجانب الفلسطينى للمعبر، لأن السلطات الإسرائيلية رفضت السماح لهم بالوصول إلى هذه المنطقة. وبالتزامن، حذّرت الرئاسة الفلسطينية من عواقب السيطرة الإسرائيلية على المعبر، وطالبت الولايات المتحدة بالتدخل الفورى، لمنع قيام سلطات الاحتلال باجتياح رفح، وتهجير المواطنين منها.

الجهود المصرية لا تزال مستمرة لوقف التصعيد ومنع تفاقم الأوضاع أو خروجها عن السيطرة. ومن مصدر رفيع المستوى، عرفنا أن الوفد الأمنى المصرى، حذّر نظراءه فى إسرائيل من عواقب اقتحام الجانب الفلسطينى معبر رفح، مطالبًا بوقف هذا التحرك فورًا. ورسميًا، أدانت مصر، بأشد العبارات، العمليات العسكرية الإسرائيلية فى مدينة رفح الفلسطينية، وما أسفرت عنه من سيطرة إسرائيلية على الجانب الفلسطينى من المعبر، ورأت أن هذا التصعيد الخطير يهدد حياة أكثر من مليون فلسطينى يعتمدون اعتمادًا أساسيًا على هذا المعبر باعتباره شريان الحياة الرئيسى لقطاع غزة، والمنفذ الآمن لخروج الجرحى والمرضى لتلقى العلاج، ولدخول المساعدات الإنسانية والإغاثية إلى الأشقاء الفلسطينيين فى القطاع. 

مصر، الجاهزة للتعامل بحسم مع كل السيناريوهات المقلقة، دعت الجانب الإسرائيلى، فى البيان الصادر عن وزارة الخارجية، أمس الثلاثاء، إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، والابتعاد عن سياسة حافة الهاوية، ذات التأثير بعيد المدى، التى من شأنها أن تهدد مصير الجهود المضنية المبذولة للتوصل إلى هدنة مستدامة داخل قطاع غزة. كما طالبت جميع الأطراف الدولية المؤثرة بالتدخل وممارسة الضغوط اللازمة لنزع فتيل الأزمة الراهنة، وإتاحة الفرصة للجهود الدبلوماسية لتحقق نتائجها المرجوة. 

بتفاؤل كبير، كانت الأطراف الدولية المؤثرة تتابع الأنباء الإيجابية عن التقدم فى صفقة التهدئة، التى قطعتها رشقات صواريخ، أطلقتها حركة «حماس» على معبر كرم أبوسالم، عدّها جيش الاحتلال «تذكيرًا عنيفًا بحضور الحركة وقدراتها العملية فى رفح»، واتخذها ذريعة، لتنفيذ تهديده، أو مخططه، باجتياح الملاذ الأخير لحوالى مليون ونصف المليون فلسطينى. وعليه، لم تمض دقائق على إعلان «حماس» عن موافقتها على المقترح المصرى لوقف إطلاق النار، حتى دعا الأمين العام للأمم المتحدة الحكومة الإسرائيلية وقيادة الحركة إلى بذل جهد إضافى، لإتمام الصفقة أو «الفرصة التى لا يمكن تضييعها». 

الفرصة، أو الصفقة، التى اقترحتها مصر ووافقت عليها حركة «حماس»، تتضمن ثلاث مراحل متصلة ومترابطة، مدة كل منها ٤٢ يومًا، وتستهدف، إجمالًا، تبادل الأسرى والمحتجزين، ووقف إطلاق النار الدائم، وانسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة وصولًا إلى إعادة إعمار القطاع. وكان لافتًا أن الحكومة الإسرائيلية، التى قالت، فى بيان، إنها ستواصل «العملية فى رفح»، لممارسة الضغط العسكرى على «حماس»، قررت، وفقًا للبيان نفسه، إرسال وفد لاستكمال المفاوضات التى تستضيفها القاهرة.

.. وتبقى الإشارة، إلى أن الرئيس عبدالفتاح السيسى أكد أنه يتابع عن كثب التطورات الإيجابية، التى تمر بها المفاوضات الحالية، للتوصل إلى هدنة شاملة فى قطاع غزة، داعيًا كل الأطراف إلى بذل المزيد من الجهد للوصول إلى اتفاق يؤدى الى إنهاء المأساة الإنسانية، التى يعانى منها الشعب الفلسطينى الشقيق.