بنك الأفكار الخائبة
أود أولاً أن أشير إلى إعلان وزارة التموين استيراد 55 ألف طن من اللحوم لتلبية احتياجات الشهر الفضيل، ولكن الوزير حولها أمام الكاميرات والصحافة إلى 55 مليون كيلوجرام واضحك بصوت عالى ولا يهمك؟! هذا هو خالد حنفى وزير التهويل واشتغال الشعب، فاللحوم تُستورد بالطن ولكنه محترف مبالغة واشتغاله للناس وسهل الحسبة على الشعب، فقد أدرك الشعب أن التسعين مليون مصرى عليهم أن يستهلكوا 55 مليون كجم فقط من اللحوم فى الشهر الفضيل أى نصف كيلوجرام للفرد يعنى لو الأسرة أربعة أفراد لن تزيد حصتها من واردات اللحوم عن أثنين كيلوجرام فقط فى الشهر الفضيل بمعدل 66 جرام لحمة فى اليوم أو عليهم أن يطبخوا نصف كيلو لحمة كل أسبوع. هذا الوزير هو نفسه الذى صرح من قبل بأن مخصص الفرد من الخبز 150 رغيفًا فى الشهر وكأن الخبز يصرف بالشهر حتى لا يفرط فى المبالغة والمخادعة، ثم أخيرا الادعاء باستلام 600 ألف طن قمح قبل نهاية إبريل من المناطق الحارة والنائية والتى لا يزيد فيها المحصول على 12 إردبًا للفدان يعنى أنها تخص 350 ألف فدان صحراوية وهذا مستحيل بما يشكك أنها اقماحا مستوردة موردة على أنها محلية.
أن يكتب بعض غير المتخصصين فى الزراعة فهذا أمر تعودناه كثيرًا كما حدث من قبل لخريجة كلية الآداب التى ملأت الدنيا ضجيجًا على أنها عالمة القمح الأولى فى مصر، والآن يحذو حذوها آخرون ممن فشلوا فى تخصصاتهم ويتحدثون فى الزراعة. المشكلة أنهم يتحدثون عن قواعد علمية بخلل كبير وينطبق عليهم قول الرئيس السادات بأنهم يستقون معلوماتهم من «بتوع البطاطا». خرج علينا صاحبنا بتقويمة للشعب المصرى على الحكومة التى تُطعه فولا بنما هناك مليار رأس من الأبقار على حدودنا الجنوبية فى إثيوبيا والسودان وتشاد ولا أدرى من أين جاء بهذا الرقم المهول ثم كيف ربط بين أكل الفول ووجود هذه الثروة الحيوانية الوهمية فى الجنوب وكأن الحكومة يمكن أن تحصل عليها مجانًا «بالمناسبة ثروة العالم كله 1.5 مليار بقرة». النكتة الثانية أن الحكومة تطعم الفقراء فولاً بدلاً من السمك لأنها تترك التماسيح فى بحيرة ناصر تأكل السمك وكعادة غير المتخصصين يأخذك فى تفاصيل كثيرة وضرب وجمع وقسمة!. وللجميع نوضح أن ما ذكره غير الدارس للزراعة غير صحيح فالثروة الحيوانية فى إثيوبيا التى هى الأكبر فى أفريقيا لاتزيد عن 100 مليون رأس طبقا للدراسة المنشورة من «الفاو» عام 2012 وهى 49 مليون رأس أبقار ثم 24 مليون رأس ماعز و27 مليون رأس خراف، ويضاف إليها ثروة حيوانية فى السودان بنحو 80 مليونًا لنفس الأنواع منها 40 مليون أبقار ثم تشاد بنصف رقم السودان يعنى الثلاثة معا لا يصلوا إلى مائة مليون أو عُشر الرقم الذى اشتغل به صاحبنا الشعب والإعلام لأننا نعيش زمن الفهلوة وليس العلم وهو يطلق على نفسه أنه خبير اقتصادى دون سابق عمل فى مؤسسات اقتصادية عالمية، وخبير سياسى دون سابق عمل فى مؤسسات سياسية بل لا أحد يعلم ماذا يعمل هذا الخبير الزراعى الاقتصادى السياسي!!. أما موضوع التماسيح التى تأكل الأسماك وتحرم يا عينى الفقراء المصريين منها وضرب وجمع وقسمة يطلع المصرى بياكل فول بسبب إهمال الحكومة، ناسيًا أن هناك توازنًا بيئيًا تحافظ عليه منظمات الأمم المتحدة وأن الأعداد التى ذكرها ليست لها أى مرجعية علمية ولو أن مصر جارت على التماسيح لعاقبتها منظمات حماية البيئة، ولو كان الأمر بالحفاظ على الأسماك الصغيرة فقط بينما الكبير يستحق القتل لكان من الأولى قتل قروش المحيطات والحيتان والأخطبوط وأبوسيف وكل الأسماك الكبيرة المفترية وليذهب التنوع والتوازن الأحيائى إلى الجحيم، وهو لا يعرف أيضا أن الأسماك تتوفر فى مناطق التيارات البحرية الدافئة الجالبة لها عند تلاقى المحيطات والبحار وليس فى البحار المغلقة أحمر ومتوسط.
والحكومة بريئة لأن أسماك العالم الآن 70% «استزراع» و 30% «صيد حر»!!. ويستمر صاحبنا فيقول إن مصر أفضل لها أن تزرع الدخن لتصنيع السجائر بدلاً من القمح والفول والعدس وكل المحاصيل الاستراتيجية، طيب وليه ما نزرع البانجو والحشيش والأفيون أغلى وأربح للفلاحين وبلاها أكل ولا شرب. وقبلها اقترح علينا نقل السائحين من المتحف المصرى للهرم بالمراكب وشق نيل يتكلف مليارات ويصل بهم للهرم فى يومين!! طيب مالمترو من المطار للسياح الترانزيت وينقلهم للهرم فى ساعة أو من التحرير وينقلهم للهرم فى نصف ساعة وهما تحت الإنشاء!! ويا عينى على حالك يا بلدنا كله ماشى بالفهلوة وليس بالعلم.
■ كلية الزراعة جامعة القاهرة