رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عمارة رشدى.. من "مسرح الرعب" إلى تحفة معمارية (صور)

عمارة رشدي بالإسكندرية
عمارة رشدي بالإسكندرية قبل وبعد التجديد

لم تكن قصة عمارة رشدي بطريق الحرية في الإسكندرية قصة عابرة أو عادية، بل ظل ما يحكى عنها من أساطير وروايات حديث الشارع السكندري لسنوات طويلة، وأصبحت مصدرًا للشائعات المرعبة ليطلق عليها "عمارة العفاريت"، وذلك على مدار ستين عامًا منذ بداية إنشائها، وحتى تجديد البناء الذي أنهى كل الأقاويل والقصص التي كانت تحاكى عليها.


وبعد مرور 63 عامًا على بدء إنشاء عمارة رشدي، وعقب تجديدها، أثار عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي منذ أيام قصة العمارة مرة أخرى، ليتسائل البعض هل تم تسكينها، أم ما زالت تحوى بداخلها الأسرار والقصص والأشباح؟


"الدستور" أجرى بثًا مباشرًا من أمام عمارة رشدي الشهيرة لرصد وسرد كل التفاصيل والرد على كل ما يتردد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بشهادة أهالي المنطقة.


من أمام عمارة رقم 412، بطريق الحرية التقى الدستور "عم شريف"، حارس الأمن الخاص بعمارة رشدي بعد التجديد، والذي وقف على بوابتها التي تحمل اسم العمارة، لنرى أن مدخلها صُمم بشكل جمالي ومتميز.


أكد عم شريف أن جميع وحدات العمارة مأهولة بالسكان، والحياة تسير بشكل طبيعي، وأن جميع ما يثار حول عمارة رشدي غير صحيح.

شهادة جيران عقار رشدي 

ما قاله حارس العمارة أكده أحد الجيران بالشارع المجاور، والذي يمتلك محل "مكوجي"، مشيرًا إلى أن كل ما يتردد هو شائعات من خيال الناس، بسبب أن العمارة كانت مغلقة وغير مسكونة، ولا يوجد لهذه الشائعات والأقاويل أي صحة.

وأضاف، لـ"الدستور"، أن الحياة عادت لعمارة رشدي بعد تجديدها، وأصبح جميعها مأهولًا بالسكان، ولكن ما زالت كل فترة تثار قصتها مرة أخرى، مؤكدًا أنه يتواجد في المنطقة منذ سنوات طويلة ولم يرَ أي أشباح.

وقال محمد أبوالوفا، أحد الجيران، إنه يتواجد بالمنطقة منذ عام 76، وكان يقطن بالعقار المجاور لعمارة رشدي، والقصة كانت حينها معروفة للأهالي والجيران، وهي أن صاحب العمارة، ويُدعى عادل الصبوري، عقب شرائه الأرض استخرج تراخيص بناء عمارة 11 دورًا، مشيرًا إلى أنه في هذا الوقت كانت وزارة الإسكان تعطي الخامات من الحديد والأسمنت وغيرها التي تستخدم في البناء مُدعمة، وبعد أن حصل على الخامات قام ببيعها ولم يبدأ في بناء العقار.

وأضاف، لـ"الدستور"، أنه حينها توجه لوزارة السياحة بغرض بناء الأرض فندقًا، وهنا حصل على ترخيص ودعم أيضًا وبدأ في البناء حتى الدور السادس، وتوقف عقب ذلك للنزاع على الترخيص، حيث إنه قام بالحصول على ترخيص عمارة سكنية ثم بدأ في بناء فندق، مما أوقف العمل في العمارة بسبب ذلك، وظل هو متواجدًا في مكان بجانبها وكل فترة كان يضع لوحة عليها بأنها فندق تحت الإنشاء.

وأوضح أن طوال تلك الفترة وحتى شراء العمارة وتجديدها، لم نر أي شيء غير طبيعي، فقط كانت شائعات من الأهالي تتناقل وتزداد ولا نعرف من أطلقها.

قصة إنشاء العقار 

لم تختلف هذه القصة كثيرًا عن ما تم تداوله عن العمارة، والتي تأسست عام 1961، حيث حصل صاحب العقار الأصلي "عادل الصبوري"، على ترخيص إنشائها عمارة سكنية مكونة من أرضي و11 طابقًا علويًا، وعقب بناء عدد من الأدوار بها توقف البناء، حيث إنه أراد تغيير النشاط من سكني إلى فندقي، وهو ما قوبل بالرفض من قبل الحي، ليبدأ النزاع بين صاحب العقار والجهات المسئولة، ويستمر لعشرات السنوات مع إغلاق العمارة كل هذه المدة.


قصص الرعب بعمارة رشدي

إغلاق العمارة لسنوات طويلة جعل هناك الكثير من القصص تروى حولها، والتي ارتبطت بوجود أشباح بداخلها، وأطلق عليها "عمارة العفاريت"، وتداولت القصص المختلفة، والتي كانت تثير الخوف والزعر بين الأهالي، حيث كان الكثير يتخوف من المرور أمامها، والبعض كان يردد أن هناك أشباحًا وخيالات بداخلها ليلًا.

ومن القصص الشهيرة بعمارة رشدي أن حنفيات المياه بداخلها كان ينزل منها الدماء بدلًا من المياه، وأن من يسكن فيها يرى أشياء مرعبة لكي لا يظل بها، وقصة أخرى أن عروسين تزوجا في إحدى الوحدات بها لييجدا أنفسهما عند استيقاظهما في الشارع، وأن آخرين انتابهم الرعب بعد أن وجدوا الشقة ملطخة بالدماء.

الكثير من القصص المرعبة عن العمارة جعل الناس تروي قصصًا أخرى عن سبب قول إن العمارة مسكونة بالعفاريت، ليرووا قصصًا أخرى حول أن صاحبها دفن أسفلها مصحفًا، ولذلك انقلب هذا الفعل عليه وأصابته لعنة، وأخرى أن صاحبها كان شريكًا لرجل من المغرب وعندما اختلفا معًا قام بعمل تعويذة سحرية مما أصاب العمارة باللعنة، والكثير من القصص الغامضة أثيرت حول عمارة رشدي بالإسكندرية.

مغامرة شبابية للبحث عن الحقيقة

في عام 2012، قرر مجموعة من الشباب إطلاق دعوة عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" بالمبيت ليلة في عمارة رشدى، لاكتشاف الحقيقة وردع الشائعات المخيفة التي تثار حول العمارة لسنوات طويلة، حيث توافد العشرات من الشباب على العمارة للمشاركة في تلك الدعوة، إلا أنهم وجدوا جميع مداخلها مغلقة بحوائط خرسانية، مما جعلهم يتسلقون للدخول إلى العمارة.

وقال منظم الدعوة لـ"الدستور"، إن حينها تم إطلاق حملة للمبيت بداخل عمارة رشدي، لإثبات عدم صحة الشائعات المثارة، مشيرًا إلى أنه عند الوصول كانت الأبواب مغلقة بحوائط خرسانية، وتسلق عدد من الشباب العمارة من خلال جراج الفيلا المجاورة، وعندما وصل الشباب بداخل العمارة هتفوا من الشرفات "قضينا على العفاريت"، مشيرًا إلى أن العديد من الشباب انضم إلى المغامرة ووصل للعمارة عقب ذلك ليتشاركوا في المبيت داخل عمارة رشدي.

وأوضح أنه: عند دخول العمارة لم نجد فيها أي دليل على أن هناك وحدات تم تسكينها من قبل، حيث كانت العمارة من الداخل تحت الإنشاء، كما وجدنا بقايا طعام وأدوات حديثة تؤكد على تواجد أشخاص يترددون على العمارة، مما يدل على عدم وجود أشباح بها، وأن هناك من يفتعل قصص الرعب حولها لمصلحة خاصة.

وأوضح أن الشباب المشاركين في هذه المغامرة ازدادت أعدادهم منذ الخامسة مساءً وحتى منتصف الليل وظلوا متواجدين حتى فجر اليوم التالي، ليعلنوا أن كل ما يتردد ما هو إلا شائعات وأقاويل لاستمرار إغلاق العمارة.


انتهاء أسطورة عمارة العفاريت

في 2018 انتقلت ملكية عمارة رشدي لإحدى الشركات العقارية، حيث تم تجديد العمارة وإضافة تصميمات هندسية ومعمارية مبتكرة، واستكمال بناء العمارة لتصل أدوارها إلى 11 طابقًا بجانب الأرضي، ويتم تسكين العمارة بالكامل، لتنتهي أسطورة عمارة العفاريت بالإسكندرية.
 

تاريخ عمارة رشدي

1960: بدأ إنشاء عمارة رشدي كمشروع سكني من 11 طابقًا.

1961: توقف البناء بسبب نزاع على الترخيص بين صاحب العقار والجهات المسئولة.

1970 -2010: تحولت العمارة المهجورة إلى مصدر للقصص المرعبة عن الأشباح، مما أطلق عليها اسم "عمارة العفاريت".

2012: نظم شباب مغامرة للمبيت في العمارة لكشف الحقيقة وفضح الشائعات.

2018: تم تجديد عمارة رشدي بالكامل واستكمال بنائها.

2023: أصبحت عمارة رشدي مأهولة بالكامل، وتضم شققًا سكنية ومكاتب.

نهاية أسطورة عمارة العفاريت

تجديد العمارة وتحديثها أدى إلى تلاشي القصص المرعبة.

تسكين العمارة بالكامل أظهر أنها مكان آمن وعادي.

أصبحت عمارة رشدي رمزًا للتجديد والتطور في الإسكندرية.