رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد مصطفى أبوشامة يكتب: سناء البيسى.. ناظرة مدرسة الصحافة الراقية

الكاتب محمد مصطفي
الكاتب محمد مصطفي أبوشامة

كثيرات عملن في بلاط «صاحبة الجلالة»، قليلات صعدن إلى قمة المجد، واستحقت كل منهن لقب «صاحبة مدرسة» في عالم الصحافة، نذكر منهن بكل التقدير السيدة فاطمة اليوسف، والسيدة أمينة السعيدة، وستنا وتاج راسنا الأستاذة سناء البيسي.

تمنيت في صباي الصحفي أن أنتمي لمدرسة الأستاذة سناء البيسي في مجلة «نصف الدنيا» والتي كانت ملاذًا آمنًا للمواهب المعتبرة والمحترمة، بعيدًا عن جدران القهر والعهر الصحفي التي كانت تحاصر صحافة التسعينيات، وعندما تعذر عليّ الانضمام الفعلي، انتميت لمدرستها افتراضيًا، فالتهمت كل أعداد المجلة منذ تأسيسها في 18 فبراير عام 1990، واحتفظت لسنوات بأرشيف يحتوي على معظم أعدادها، التي كانت مرجعًا ومصدرًا عظيمًا لجيل من الصحفيين، تعلم وتأثر بهذه المدرسة الصحفية الفريدة والراقية.

نجحت الأستاذة ببراعة في تحقيق الشعار الذي اختارته لمجلتها «نصف الدنيا.. لكل الدنيا»، فالمجلة ربما تكون الوحيدة في تاريخ الصحافة النسائية التي جذبت القراء الرجال، للحد الذي دفعها إلى إصدار ملحق بعنوان «الرجل» لتواكب الطلب الذكوري على المجلة، التي نافست وتفوقت على صحف ومجلات أسبوعية شهيرة وعريقة، بقوة انفراداتها وقدرتها على المنافسة الشريفة، في آخر عهود «المهنة وشرفها» قبل أن يدهسها قطار «السوشيال ميديا»، ويفرض «الترند» ذوقه على الجمهور، وشروطه في المنافسة.

أما مقالات الأستاذة، فهي مدرسة كبيرة أيضًا، فلا يزال مقالها يوم السبت في جريدة الأهرام، حدثًا استثنائيًا، أتأمله مشدوهًا لا أدري كيف تغزل حروفها، وترتب جملها، وتصطفي صورها وتختار تراكيبها اللغوية، دائمًا مدهشة بلا مبالغة، عفية وكأنها تنحت تماثيل خالدة أو تصمم قطعة من الأرابيسك تزين بها مكانًا أسطوريًا يناسب العوالم التي تصنعها لقارئها وتخطفه بداخلها في متعة بصرية بديعة، لا تجد لها مثيلًا في تاريخ الكتابة الصحفية.

وقد رسخ اسم الأستاذة في وجداني مبكرًا مع عرض قنبلة الدراما الخالدة «هو وهي» والتي شاركت فيها بقصصها المدهشة عن الصراع الأبدي بين الرجل والمرأة، مع عمالقة كبار يتقدمهم عمنا صلاح جاهين كاتبًا للسيناريو والحوار والأغاني وبصحبته أصحاب المقام الرفيع في فن التمثيل، السندريلا سعاد حسني والنجم الأسمر أحمد زكي، ومعهما كوكبة من الكبار أذكر منهم تحية كاريوكا وحسن عابدين وأبوبكر عزت، وعرض هذا العمل الفني البديع  في رمضان عام 1985، من إخراج كبير أسطوات الإخراج التليفزيوني الأستاذ يحيى العلمي، وبهذا المسلسل سطرت الأستاذة اسمها بحروف من نور في تاريخ الدراما المصرية العربية بعشر حلقات فقط، وقد حرمنا تألقها الصحفي وتفرغها  لصاحبة الجلالة من فيض إبداعاتها القصصية  والدرامية.