رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مع جنوب إفريقيا الشقيقة

تطور ملحوظ شهدته العلاقات السياسية والاقتصادية بين مصر وجنوب إفريقيا، منذ التقى رئيسا البلدين، فى سبتمبر ٢٠١٤، على هامش مشاركتها فى الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة. ومع تزايد وتيرة الزيارات واللقاءات والاتصالات الثنائية، على كل المستويات، جرى تفعيل اللجنة المشتركة للتعاون بين البلدين، التى كانت قد تأسست سنة ١٩٩٦ وتوقفت فى ٢٠١٠، واستضافت القاهرة، فى ٢٠٢٢، أعمال دورتها التاسعة، برئاسة وزيرى خارجية البلدين، وجرى الاتفاق على عقدها كل سنتين.

بموجب هذا الاتفاق، أقيمت الدورة العاشرة للجنة المشتركة فى بريتوريا، وأجرى وفدا البلدين، خلالها، حوارًا شاملًا حول مجموعة واسعة من الموضوعات، شملت العلاقات الثنائية، والقضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، مسترشدين بتاريخ البلدين المشترك فى الكفاح ضد الاستعمار، وبأواصر الصداقة والتضامُن، التى ترتكز عليها العلاقات الثنائية، وبالرؤية المشتركة لحاضر ومستقبل القارة الإفريقية.

مُجمل العلاقات الثنائية بين مصر والدولة الشقيقة، ومستجدات القضايا والملفات الإقليمية والدولية، ذات الاهتمام المُشترك، بحثها، أيضًا، وزيرا خارجية البلدين، أمس الأول، الجمعة، فى جلسة مشاورات سياسية، انتهت بتأكيد الوزيرين ضرورة الحفاظ على التنسيق القائم بين البلدين إزاء كل هذه القضايا والتحديات، خاصة فى ضوء هذا الظرف الحرج الذى يمر به العالم، والتحديات الكبيرة التى تستلزم تكاتف البلدين، لتحقيق مصالح شعبيهما وضمان أمن وسلامة دول وشعوب القارة الإفريقية.

منذ بداية السنة الجارية، بات يجمع البلدين، تجمع «بريكس». وعليه، تطلعت مصر إلى القيام بدور فاعل ومؤثر داخل التجمع، والتعاون عن قرب مع جنوب إفريقيا من أجل الإسهام فى جهود التجمع الرامية إلى إيجاد حلول عملية قابلة للتنفيذ لمواجهة التحديات، التى تعانى منها دولنا، والتى تتطلب التنسيق المشترك لتعزيز قدرة التجمع على التعبير عن رؤى دول الجنوب وجعل مؤسسات الحوكمة الاقتصادية العالمية أكثر استجابةً لتطلعاتها. كما اتفق الوزيران على أهمية العمل سويًا للتعبير عن أولويات الدول النامية، وخاصة الإفريقية منها، فى مجموعة العشرين، مشيرين إلى أهمية تعامل المجموعة بشكل عاجل وفعال لمعالجة أزمة الديون، التى طالت أكثر من ٣٧ دولة من بينها ٢١ دولة إفريقية.

القضايا والملفات الإقليمية والدولية، التى تناولها الوزيران، كان فى مقدمتها تعزيز الاستقرار فى منطقة القرن الإفريقى، والأوضاع فى ليبيا، وتداعيات الأزمة الأوكرانية على البلدين والمنطقة والبلدين، والمخاطر المتزايدة للتوترات الجارية فى البحر الأحمر وتبعاتها الجسيمة على أمن وسلامة الملاحة الدولية، و... و... ولدى مناقشة تطورات الأوضاع فى قطاع غزة، جدّد وزير خارجيتنا رفض مصر التام أى عملية عسكرية فى رفح الفلسطينية، وشدّد على ضرورة الوقف الفورى والدائم لإطلاق النار فى القطاع، وضمان إنفاذ المساعدات الإنسانية بشكل كامل وآمن ودون أى عوائق. وفى هذا السياق، أشاد وزير الخارجية بموقف جنوب إفريقيا الثابت الداعم للقضية الفلسطينية، وبالجهود المصرية الهادفة إلى إيجاد حل عادل ودائم لتلك القضية، مؤكدًا أهمية تكثيف التواصل مع الأطراف الدولية والإقليمية المعنية من أجل وقف التصعيد واحتواء الأزمة الراهنة، التى يُمكن أن تخرج عن نطاق السيطرة.

تطرقت جلسة المشاورات، أيضًا أو طبعًا، إلى مُستجدات الأزمة السودانية، حيث أعرب الجانبان عن التطلع لتكثيف العمل المشترك من أجل التوصل إلى حلول ناجزة، تفضى إلى وقف الصراع المسلح ونزيف الأرواح والدماء، والتأكيد على ضرورة الاحترام الكامل لسيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه، وأهمية الحفاظ على الدولة السودانية ومؤسساتها. كما استعرض وزير خارجيتنا الجهود المصرية للتعامل مع التبعات الإنسانية للأزمة، مؤكدًا ضرورة تعامل المجتمع الدولى والأطراف المانحة مع الأمر على نحو جاد وشامل، والوفاء بتعهداتها التى قطعتها خلال مؤتمر المانحين، فى يونيو ٢٠٢٣، وفى اجتماع «دعم السودان ودول الجوار» الذى استضافته العاصمة الفرنسية باريس منتصف الشهر الجارى.

.. وتبقى الإشارة إلى أن الدورة العاشرة للجنة التعاون المشتركة بين مصر وجنوب إفريقيا الشقيقة، شهدت توقيع مذكرتى تفاهم، إحداهما فى المجال القانونى والأخرى فى مجال إدارة الموارد المائية.