رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

عام على الحرب فى السودان.. لا غالب ولا مغلوب


جاء 15 أبريل وبذلك يكون قد انقضى عام كامل على الحرب في السودان، الخارطة ما زالت مرتبكة ولا يمكن القول إن قوة من الطرفين المتحاربين قد انتصرت أو أوشكت على الانتصار، الجيش السوداني يتحرك في كل اتجاه ويعقد تحالفات للمساندة بينما الدعم السريع ما زال يلدغ كالبرغوث ويؤلم.

تتعمق أزمة الشعب السوداني وهذه هي الحقيقة الوحيدة الواضحة على مدار عام كامل والإحصائيات الموثقة بالأرقام لا تكذب، بلغ عدد القتلى ما يقترب من 15 ألف قتيل، أما الجرحى والمصابين فحدث ولا حرج، وإلى جانب القتلى والجرحى يقف بارزا مشهد النازحين واللاجئين حيث اقترب عددهم إلى نحو 8 ملايين نازح ولاجئ.
عام كامل على الحرب في السودان لم تتوقف فيه المبادرات الداخلية والخارجية من أجل وقف الحرب بدأت المبادرات من منصة جدة وصولا إلى مؤتمر دول الجوار بالقاهرة إلى جهود الاتحاد الإفريقي وبالرغم من ذلك مازال الدم السوداني يراق في الطرقات ويحترق اللحم البشري المقدس في أتون المعركة.

ليس البشر فقط هم ضحايا تلك الحرب المجنونة ولكن قوة القصف المدفعي جعل المرافق السودانية سواء شبكات الصرف أو مياة الشرب أو محطات الكهرباء، كلها صارت خارج الخدمة إلا نذرا يسيرا يساعد في التحريك البطيء لشئون السودان، برزت تلك الخسائر في إقليم دارفور وكردفان والجزيرة والخرطوم.

قلنا إن الملف الأبرز في أزمة السودان الطاحنة هو ملف النزوح واللجوء بالأرقام بلغ عدد اللاجئين إلى دول الجوار 1.96 مليون وتسعمائة وستون ألفا، هذا الرقم على مسئولية المفوضية السامية لشئون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، تلك المنظمة الدولية التي وصفت حال النزوح من السودان بأنه «أسوأ كارثة نزوح في العالم».

ولأننا لا نقارن أزمة بأزمة ولكننا نقول إن العالم الذي أنشغل بما يحدث في غزة وما تبعة من ضرب إيران العمق الإسرائيلي ثم رد إسرائيل بضرب أصفهان جعل الاهتمام بأزمة السودان يتراجع على الرغم من تحذير «شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة» من مجاعة طاحنة في ولايات غرب دارفور والخرطوم ودارفور الكبرى.

الشبكة شرحت فنيا كيف تتدهور الأوضاع في السودان وحذرت من مستويات كارثية تصل إلى «المرحلة 5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي» بين الأسر في أجزاء من ولايتي غرب دارفور والخرطوم وبين السكان النازحين على نطاق أوسع، لا سيما في المناطق التي يصعب الوصول إليها في إقليم دارفور، كما حذرت من احتمال وفاة نحو 230 ألف طفل وأم بالجوع، حال عدم اتخاذ الإجراءات الحاسمة، والوفاء بتدبير تمويل عاجل لإنقاذ حياتهم.

هذا الكلام الخطير يمر على المجتمع الدولي مرور الكرام ولا تلتفت إليه الأطراف المتصارعة في السودان، كل ما فهمته في السياسة هو أن حماية الشعب مقدم دائما على الانتصارات الجزئية، ونصرخ في مثل هذه الحالات قائلين ألا يوجد رجل رشيد.
نحاول قراءة الموقف العالمي عن حرب السودان من خلال الموقف الأمريكي نجد أن المبعوث الأميركي الخاص لدى السودان توم بيرييلو قد قال في تصريحات حديثة إن استمرار الحرب خسارة للجميع ولن ينتصر أحدٌ، مضيفا أن أمريكا تأمل أن تكون الجولة القادمة في جدة هي الأخيرة.

ولكي تكون تلك هي الجولة الأخيرة يقول المبعوث إن الولايات المتحدة تزيد الضغوط على طرفي الحرب للوصول إلى اتفاقٍ، وأن قضايا العدالة والمصالحة ضرورية وستكون جزءًا من محادثات اتفاق السلام، ولكن المحادثات حولها ستستمر لسنوات عديدة.

الإيجابي في الموقف الأمريكي هو أنهم يعلمون أن أغلبية ساحقة من السودانيين "لا يرغبون في عودة حزب المؤتمر الوطني السابق أو الأيديولوجية الإسلامية المتطرفة"، ولكن المؤسف هو قوله في تقرير الواقع أن طرفا الحرب لم يظهرا "أي احترام للسودانيين".
وهنا نلاحظ أن الضحية المتفق عليها هي الشعب السوداني حتى لو كان خطاب الجيش السوداني داعما لحقوق الشعب، ولكن ما نراه على أرض الواقع هو ذبح من الوريد إلى الوريد.