رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شغف

لا تصارع الخنازير

لا أحضر الأفراح والمآتم وسرادقات العزاء. لست أؤمن بالمشاعر الجماعية فى الفرح والحزن. فهى أدق المشاعر الحميمية، ولذلك لا بد أن تبقى فى حيز الخصوصية، وياريت لو بقيت سرية. عندما أموت، لا أريد عزاء ّ. ليس فقط لأننى لا أؤمن بهذه الأشياء. ولكننى متأكدة أن الذين سيحضرون عزائى من النساء والرجال، سوف يستمتعون بشرب القهوة، وهم يتبادلون الحديث عن أسرهم، وكيف سيقضون الإجازات القادمة فى المنتجعات والقرى السياحية، وعن أضمن البنوك لوضع مدخراتهم، وأفضل المشروعات لاستثمار أموالهم. سوف يتبادلون أرقام الهواتف والعناوين، ويشكرون الظروف التى جعلتهم يتعرفون على بعضهم البعض، أى موتى.    
ليست القضية كما أعتقد أن نموت، ولكن أن نميت الأشياء بداخلنا، ونحن أحياء.. التنفس والحركة والأكل والشرب والتكاثر، ليست معايير الحياة، هى فقط  تدل على أننا  نشغل حيزًا من الفراغ،  ليس إلا. وما أكثر الذين يشغلون حيزًا فى الفراغ، وما أقل الذين يحيون.

===========

إلى كل النساء والرجال على كوكب الأرض.. تعاطوا فقط "الحرية" بجميع مكوناتها ومكملاتها، ولا تتعاطوا الأدوية، كبسولات وأقراص وحقن فى العضل والوريد وتحت الجلد، لا تأخذوا الفيتامينات والمعادن والمكملات الغذائية. حقنة حرية واحدة فى العقل، قبل الإفطار وقبل النوم، وتتكرر كلما شعرتم بالضعف أو قلة المناعة أو اليأس أو تهكم وشتيمة الآخرين.                                   =========== 
الاستعجال صفة إيجابية للماكينات والآلات، وصفة سلبية للبشر.
الناس كلها فى عجلة من أمرهم، فى كل مكان نجدهم مستعجلين، يجرون، ويهرولون، يدفعون بعضهم  البعض،  كأنه آخر يوم فى الحياة على كوكب الأرض، حتى القهوة يشربونها سريعة الذوبان، وأقراص الدواء يريدونها سريعة المفعول، والحب يريدونه سريع الإيقاع، والنجاح يريدونه سريع الخطوات، يأكلون ويشربون بسرعة، والكلام بسرعة، والضحكات بسرعة، وكسب الفلوس بسرعة، والزواج بسرعة، وأخذ القرارات بسرعة، والخلفة بسرعة، والانفعالات سريعة، وقيادة السيارات بسرعة، والغناء سريع والرقص سريع.      
إنها لمتعة ما بعدها متعة، أن نفعل الأشياء بتمهل، ولكن بدقة. "التأنى" الآن أصبح عملة رديئة غير مستحبة، منبوذة. يقولون إنه عصر السُرعة، عصر "الإنسان الآلة "، الذى ينسجم مع التطور، ويتناغم مع الحضارة الرأسمالية التى تحكم العالم. حضارة تجعل البشر يشعرون بأنهم فى سباق دائم، واخترعت شعارات وضعتها فى أدمغتهم، مثل "الوقت فلوس". 
إن السُرعة تقود إلى الأخطاء، والقرارات الهوجاء، وهى تمثل ضغطًا نفسيًا هائلًا على البشر.   
 وهناك نكتة سمعتها زمان، أن رجلًا قال لسائق سيارته: "أنا مستعجل سوق ببطء". 
وعلينا أن نتذكر دائمًا: "إن أحلى الثمار هى التى تمنحها الأشجار التى تكبر ببطء". 

=========== 
كلما ازداد ما نملكه من أشياء ازدادت عبوديتنا له، حريتنا حريتنا حريتنا، وبالتالى نقصت سعادتنا وراحتنا النفسية. لا أدرى لماذا الطمع والجشع؟ لماذا لا نكتفى بالقليل، طالما أنه يسد احتياجاتنا؟  نجد امرأة أو رجلًا عنده بيت بسيط مريح ونظيف، لكنه يريد أكثر من بيت، وفى أكثر من مدينة، وفى أكثر من بلد. ونجد دولاب النساء والرجال ممتلئًا بالأثواب والأحذية والجواهر من كل شكل ولون وماركة. والثلاجات فى المطابخ فيها كل أنواع البقالة، والنوع الواحد فيه عشرات الأنواع، ونجد كل أنواع اللحوم والطيور والأسماك، والمشروبات بجميع أنواعها. طبعًا هذا للميسورين ماديًا، والذين يجدون متعتهم فى المزيد من الامتلاك، وينسون أن هناك فى العالم 830 مليون تحت خط الفقر، ويعيشون حالة المجاعة، نساء وأطفالًا ورجالًا، ومن جميع الأعمار.  
الحرية هى قدرتنا على الحياة بأقل القليل. 

=========== 
فى أشعارها حب للطبيعة، والرغبة فى الانطلاق بعيدًا عن القيود والذكريات والألم الحتمى الذى لا يفارقنا. وكانت قصائدها لا تخلو من التشبث بلحظة فرح تمضى عابرة، رومانسية جدًا ومنسية جدًا. كانت تحب قصائد الشاعر الإنجليزى جون كيتس 31 أكتوبر 1795 - 23 فبراير 1821، والشاعرة الإنجليزية اليزابيث براوننج 6 مارس 1806 - 29 يونيو 1861، وكانت الحرب الأهلية الأمريكية 12 أبريل 1861 - 9 أبريل 1865 من الأسباب الرئيسية لشعورها بالمزيد من الانفصال عن العالم، ورغبتها فى الانطواء وترسيخ إحساسها بالضياع والفوضى التى تموج بقلبها وعقلها. كتبت حسب ما هو معروف ومعلن أكثر من 1500 قصيدة، لم يتنشر منها فى حياتها إلا 11 قصيدة كتبتها بأسماء غير اسمها الحقيقى. وبعد وفاتها اكتشفت أسرتها هذه القصائد ونشرتها. اعتبرها التاريخ الأدبى الأمريكى من أفضل شعراء القرن 19 مع الشاعر والت وايتمان (الذى عاصرها) 31 مايو 1819- 26 مارس 1892، إنها الشاعرة الأمريكية إيميلي ديكنسون.
قالت يإميلى: "إذا استطعت أن أصنع فارقًا فى حياة شخص واحد، سأعتبر أن حياتى لم تذهب هدرًا". منتهى التواضع والحكمة والثقة بالنفس.    

=========== 

أى قانون جديد للأحوال الشخصية، لا بد أن يعطى المرأة حق تطليق نفسها، إذا رغبت فى ذلك. العدالة فى الحقوق هى غاية القوانين، التى من الضرورى أن تتغير مع تغير الحياة، ولا بد أن يوثق الطلاق كما فى الزواج، المرأة كاملة الأهلية والمواطنة والكرامة. لا بد أن تتوقف المرأة عن قول: "طلقنى". من غير المعقول أن تستجدى المرأة من الزوج الانفصال، وهو حسب مزاجه يطلق، أو لا يطلق، ويبقيها رغمًا عنها.

=========== 
يكرهنا الناس أسوأ أنواع الكراهية والتى ليس لها علاج، لأننا  فقط نقول الحقيقة، دون ترقيع ومواربة وتحايل ومراوغة. تريدين أن تحصلى على كراهية الناس من جميع الأطياف، فقط قولى الحقيقة دون أن تجعليها ترتدى حجابًا أو نقابًا. وأنت تريد أن يلعنك الناس على اختلافهم، ليل نهار إلى الأبد، فقط "قل للأعور أنت أعور فى عينه". لن يكرهنا الناس، لأننا ناجحون، أو أثرياء، أو ذو نفوذ. لا شيء يزعج، ويظهر فى الناس أسوأ ما فيهم تجاهنا، هو أن نحب الحقيقة، ونتشبث بها، وندافع عنها، أمام الجميع، ولا نعبأ بالعواقب. الحقيقة رغم بساطتها، وبديهيتها، "متوحشة"، وإعصار يطيح بكل الأشياء. الحقيقة ولو أنكرها الجميع، تظل حقيقة.  

=========== 
 من حياة اليتم فى دار "راهبات العناية الإلهية" إلى قمة الشهرة والثراء. وكان لها حس فلسفى ساخر وآراء بديعة عن الحياة والجمال والحب والنساء والرجال والفقر والثراء. حقًا فإن التجارب الصعبة هى ما تصنع الإنسان، إما أن تبقيه فى القاع أو تنتشله من القاع إلى القمة. وكوكو شانيل واسمها الحقيقى جابرييل، عرفت كيف تقاوم وتحقق طموحاتها، وتتشبث بأحلامها وتخلق من التراب ذهبًا. عند رحيلها كانت أغنى نساء العالم. وكانت تفعل ما تريد بصرف النظر عن مجاراة عادات وتقاليد المجتمع الفرنسى فى عصرها. وابتكرت أزياء للمرأة، تجمع بين البساطة والشياكة والعملية. من أقوالها الرائعة: 
تحتاج المرأة إلى الجمال لكى يحبها الرجال، وتحتاج إلى الغباء لكى تحبهم.. أناقة الأزياء لا تفيد دون أناقة القلب والروح.. إذا كانت المرأة بداخلها القبح فلن ينفعها أى ماكياج.. العمل والحب هما الحياة.. حياة واحدة نعيشها، لا بد أن تكون ممتعة.. الأزياء تتغير، لكن فن الأزياء خالد.. المناصب المرموقة كثيرة.. وكذلك النساء الدوقات.. ولكن هناك كوكو شانيل واحدة..
إنها كوكو شانيل، أشهر منْ صمم الأزياء فى القرن العشرين، والتى يمر على ميلادها 140 عامًا، فى 19 أغسطس 2023. 

=========== 
مهما تكلمنا عن مضار وخطورة الخوف فى حياتنا، ومهما شرحنا أن المخاوف أغلبها أوهام فى عقولنا وخيالنا الموروث منذ عهود سحيقة، فإن الطريقة المثلى هى "الفعل" الذى نقوم به لإبادة الخوف والمخاوف. ومن تجاربى وليس من قراءة الكتب، أن الوسيلة الأكثر فعالية والأسرع والتى تدوم، هى أن "نواجه الخوف بالفعل المضاد". هذا يعنى أننى إذا حددت ما الذى أخاف منه، فإننى لا أتجنبه بأى شكل أو درجة، بل أدخل إلى عرينه المتوحش، وأعطيه فرصة أن يفترسنى، مواجهة مباشرة كاملة. وعندما تمر لحظات، وأفاجأ أننى على قيد الحياة ولم يفترسنى شيئًا، سأشفى إلى الأبد، وهذه طريقة متبعة فى الطب النفسى.

=========== 
"تعلمت منذ زمن طويل، ألا أتصارع مع خنزير أبدًا، لأننى سأتسخ أولًا، وسيسعد هو بذلك ثانيًا".. من أجمل مقولات جورج برنارد شو 26 يوليو 1856 - 2 نوفمبر 1950 "، كلمات حكيمة لو طبقناها، سوف ننعم بالهدوء، والراحة، والسلام الداخلى.

=========== 
من بستان قصائدى  

يتابع بنهم كتاباتي 
يحب بساطة أثوابى
وشَعرى الأبيض المنكوش 
وكراهيتى لتلوين الشفاه والأظافر
والتزين بالخواتم والأقراط والبروش
لكنه ليس "أنت" 
يأخذني إلى أماكن لا تعرفها
يهديني الزهور وشرائط الموسيقى 
التي أحبها 
يتذكر عيد ميلادي 
ينسى هفواتي 
لكنه ليس "أنت"
يدعوني إلى العشاء 
يطلبني للرقص والانتشاء 
وعلى إيقاع النغمات
يصرح بالأشواق
لكنه ليس "أنت" 
يحتضن أحزاني 
يمتص لحظات القلق 
يزهو بتميزى 
يعشق حريتي 
يغلق نوافذ الأرق 
لكنه ليس "أنت" 
حينما أضعف أجده بجانبي 
حينما أيأس أجده بجانبي 
في أوقات الملل بجانبي 
لكنه ليس "أنت" 
"هو".