رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مؤسسة الملتقى: الأخلاق ركيزة أساسية من ركائز الدين

رئيس مؤسسة الملتقى
رئيس مؤسسة الملتقى

أكد منير القادري، رئيس مؤسسة الملتقى، أن الأخلاق ليست شيئاً ثانوياً في هذا الدِّين، وليست محصورةً في نطاقٍ معيَّنٍ من نُطُقِ السُّلوك البشريِّ؛ إنَّما هي ركيزةٌ من ركائزه، كما أنَّها شاملةٌ للسُّلوك البشريِّ كلِّه، لأنها التَّرجمة العمليَّة للاعتقاد، والإيمان الصَّحيح؛ وتابع أن الإيمان ليس مشاعر مكنونةً في داخل الضَّمير فحسبٍ؛ إنَّما هو عملٌ سلوكيٌّ ظاهرٌ كذلك، وزاد  "يحقُّ لنا حين لا نرى ذلك السُّلوك العمليَّ، أو حين نرى عكسه أن نتساءل: أين الحديث عن أن المعرفة العقلية للنصوص تكفي وحدها دون تربية قلبية قوامها الخشية من الله إذاً؟ اين هذه المعارف و المفاهيم العقلية وما قيمتها إذا لم تتحوَّل إلى سلوكٍ.

جاء ذلك خلال مشاركته في الليلة الصوفية رقم 89 التي تنظمها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية ومؤسسة الملتقى.

وانتقد "القادري" ظن كثيراً من الناس أن العبادة مقصورة على أمهات العبادات كالصلاة والزكاة والصيام والحج وإنها وحدها تكفي العبد في دنياه و آخراه ، مشيرا الى أنهم  نسوا أو تناسوا احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم  عن العبد المفلس وعن المرأة العابدة التي تدخل النار لأنها تؤذي جيرانها، مستشهدا بقوله تعالى : (قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) [الأنعام:162-163]، موضحا أن معناها " اننا متعبدون لله في وظائفنا،ومتعبدون لله في تجارتنا، ومتعبدون لله في مستشفياتنا و صحتنا ، ومتعبدون لله في طرقنا و مشاريعنا التنموية،  ومتعبدون لله في سفرنا وإقامتنا، ومتعبدون لله في سرنا وجهرنا، متعبدون لله في أسماعنا وأبصارنا وألسنتنا وقواتنا، و متعبدون لله في حياتنا وموتنا".

وأضاف" القادري" أنه لو استشعر المسلم معنى الآية: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ما أخل بوظيفته، ولا غش في تجارته، ولا تهاون في أمانته، و لو استشعرنا معنى هذه الآية ما سمعنا عن الرشوة وأهلها، ولا سمعنا عن الغدر و الخيانة، ولا سمعنا عن الغش وأهله، و لو استشعر المسلم معنى هذه الآية لما مد يده للحرام، ولما وقع في الآثام، ولراقب العزيز العلام".

وحذر "القادري" من أن "أنكد العيش عيشُ قلبٍ مشتَّت، وفؤاد ممزَّق ليس له قصدٌ صحيح يبتغيه ولا مسار واضح يتَّجه فيه، تشعبت به الطرق، وتكاثرت أمامه السبل، وفي كل طريق كبوة، وفي كل سبيل عثرة، حيرانَ يهيم في الأرض لا يهتدي سبيلا، ولو تنقل في هذه الدروب ما تنقل لن يحصل لقلبه قرار، ولا يسكن ولا يطمئن ولا تقر عينُه حتى تدركه العناية الإلهية... يقول سبحانه و تعالى في مُحْكَم كتابه: (إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)( سورة العصر) ".

وبين أن الأجْدر بالمؤمن أن يتحرّى من الأصحاب من يدعوه إلى الخُلُق الحسن، وذلك لتوجيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (المؤمنُ مرآةُ المؤمنِ والمؤمنُ أخو المؤمنِ يكفُّ عليه ضيعتَه ويحوطُه من ورائِه) منسجما مع ما ورد في قوله تعالى '' يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ( سورة التوبة119).

أضاف أن مَن أراد الله به السعادة شَرَح صدرَه للإسلام، فقَبِله وعمل عمله، ومَن أراد به جذب العناية وتحقيق الولاية، شرح صدره لطريق أهل مقام الإحسان، وهيّأ نفسه لصُحبتهم و التأسى باخلاقهم المستمدة من  أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زالوا يقطعون به مهام النفوس و تزكيتها حتى يقولون له: ها أنت وربك، فتلوح له الأنوار، وتُشرق عليه شموس المعارف والأسرار و المحبة الالهية، حتى يفنى ويبقى بالله خالصا في عبادته و معاملته لوجهه الكريم.