رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الجيل الجديد.. مصممو أغلفة: الأسلوب المصري ما زال مُلهمًا لكل الوطن العربي

الجيل الجديد
الجيل الجديد

«الجواب بيبان من عنوانه».. مثل يردده المصريون منذ سنوات طويلة، ويتضح بصورة كبيرة فى صناعة النشر، فغلاف وعنوان الكتاب يُعطى مؤشرًا كبيرًا عن فكرته ومضمونه، وقد يدفع القارئ إلى شرائه واقتنائه. لذا يحرص الكُتاب على التعاون مع مصممى أغلفة على قدر عالٍ من الموهبة والكفاءة، رغبة منهم فى إعطاء كُتبهم ورواياتهم وقصصهم وغيرها من الإصدارات طابعًا مميزًا يعكس ما يستهدفونه من وراء الكتابة. «الدستور» حاورت عددًا من مصممى الأغلفة لإصدارات موجودة فى الدورة الحالية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، للتعرف على رؤيتهم بشأن الغلاف بصفة عامة، وما الذى يعتمدون عليه لإبداعه، وغيرها من التفاصيل فى السطور التالية.

محمد مجاهد: أعتمد على الرمزية حتى لا أفضح المتن

قال محمد مجاهد، مصمم أغلفة، إنه يعتمد فى التصميم على «الرمزية» بشكل كبير، ويحرص على ألا يكون الغلاف «فاضحًا للمتن الداخلى»، معتبرًا أن «الرمزية» تصنع حالة من التشويق والرغبة فى قراءة المتن، وهذا جوهر القيمة التسويقية. 

وأضاف «مجاهد»: «مثل أى تصميم، يكون الوقت والضغط عائقًا حتى اختيار التصميم النهائى، وذلك لأن ضيق الوقت لا يتيح لى القراءة الكاملة للعمل الأدبى، وبالتالى تكون هناك صعوبة للدخول إلى عقل الكاتب، ومحاولة استخلاص فكرة تصميم تليق بما كتبه، دون تغيير البصمة الخاصة للمصمم».

وواصل: «كل مصمم له بصمة تميزه، وإلا سيكون مستنسخا باهتًا. ما يفعله المصمم هو أنه يُقرِّب وجهات النظر بينه وبين المؤلف، دون تغيير بصمته تلك. لو حدث أن فِكر الكاتب كان بعيدًا ولا يعلم ما يحتاجه بالضبط، هذا سيؤثر على جودة التصميم بالطبع». وعن فكرة وجود مصمم واحد لكل دار نشر، قال «مجاهد»: «أفضل أن يكون هناك مصمم واحد للدار، أو مصمم كل موسم على الأقل، لأن وحدة شكل وهيئة الدار يمنحها طابعًا مميزًا، وبالتالى يستطيع القارئ التفرقة بسهولة بين دار وأخرى من تصميمات الأغلفة». وأعرب عن سعادته بـ«الحالة» الموجودة فى النسخة الحالية من معرض القاهرة الدولى للكتاب، مضيفًا: «لدى تواصل مع معظم المصممين، وأشكرهم بشكل شخصى على مجهوداتهم، وحالة التطور التى وصل إليها فن تصميم الأغلفة ويظهر بصورة واضحة فى النسخة ٥٣ من المعرض».

واعتبر أن الجيل الجديد من المصممين «محظوظ جدًا، لأنه بدأ فى ظل وجود مصممين كُثر، فتعلم ورأى أساليب عديدة فى تصميم الأغلفة، ثم راح كل منهم يختار ما يناسبه من هذه الأساليب، حتى تميز هذا الجيل بإدراك واستيعاب كيف يكن إبداع غلاف بدرجة ألوان وخطوط ورمزيات مناسبة

أحمد الصباغ:الجمهور وهوية الناشر يحددان الشكل

رأى أحمد الصباغ، مصمم أغلفة، أن عدة عناصر ترسم ملامح تصميم غلاف كتاب، أولها وأهمها مضمون هذا الكتاب، وروح وأسلوب المؤلف وشخصيته الظاهرة داخل العمل، وشريحة القراء المتوقعة، وربما شرائح أخرى غير متوقعة يستهدف الغلاف جذبها، بالإضافة إلى هوية الناشر وطبيعته وفكره.

وقال «الصباغ»: «نجتهد فى تقديم غلاف خاطف للعين ومحرك للأذهان، ذى ألوان جذابة، وأيضًا مثير للفضول لكن غير كاشف، مستندين فى ذلك إلى الفوتوغرافيا والرسم الرقمى، والعديد من تقنيات الجرافيك، وأحيانًا استلهام الثقافة البصرية الفارسية أو الغربية أو الهندية، بالإضافة للعربية، فى روح وألوان التصميم».

وشدد على ضرورة «معرفة أن الغلاف موجه بشكل أساسى للقراء، وأن يخاطب الذوق العام وليس الذوق الشخصى للمصمم أو المؤلف أو الناشر»، معتبرًا أن «اختلاف وجهات النظر بين الناشر والمؤلف مع المصمم قد يتسبب أحيانًا فى صعوبة الاتفاق بشكل نهائى».

وأضاف: «أحيانًا تظهر بعض الكتب، خاصة الأعمال الروائية، التى يصعب معها اصطياد الـ(master scene) الذى يشكل المادة الخام لفكرة الغلاف، أو يتناقض اسم العمل مع محتواه، أو أن يكون تم اختياره بشكل رمزى، وكل هذه تعقيدات قد تقابلنا وتجعل التخطيط لفكرة الغلاف محيرة».

وأكد أن الوقت الحالى يشهد تطورًا وتميزًا ملحوظًا فى فن صناعة الغلاف، وهو ما يعكسه معرض القاهرة للكتاب المقام حاليًا، والذى تمتلئ جنباته بأغلفة رائعة جذابة، معقبًا: «ألاحظ أن كل دور النشر بدأت الاهتمام بالغلاف وفكرته وطباعته».

أحمد فرج:المضمون الأساس.. ولا أكتفى بالعنوان

كشف أحمد فرج، مصمم أغلفة، عن اعتماده على مضمون الكتاب، والجمهور المستهدف له، فى تصميم غلافه النهائى، خاصة أنه يتم الترويج لأى عمل إبداعى مكتوب من خلال الغلاف.

وشدد «فرج» على أن «المضمون أو الفكرة التى يريد العمل إيصالها للقارئ هى المحدد الأساسى فى تصميم الغلاف، بعيدًا عن المشهدية أو المباشرة، أو الاعتماد على العنوان».

وأوضح أنه «على غلاف الكتاب أن يدعوا للتفكير، وأن يخلق حالة حوار، وحين ينتهى القارئ من الكتاب وينظر للغلاف يجده يتلامس مع ما قرأه، ومع الحالة التى عاشها أثناء القراءة. هذا ما أحاول تطبيقه عند تصميمى للغلاف. لهذا فإن الأغلفة تُصمم فى العقل أولًا.. الفكرة هى كل شىء، وبعدها يأتى التكنيك أو أسلوب التنفيذ».

واستعرض الصعوبات التى تواجهه فى تصميم الأغلفة، قائلًا: «تعاون المؤلف فى الإجابة عن الأسئلة التى أطرحها، وتوضيح الفكرة العامة للكتاب، هو ما يسهل عملية التصميم أو يصعبها».

ورفض فكرة أن تكون هناك بصمة تصميمية مميزة لكل دور نشر، إلا لو كانت تقدم نوعًا واحدًا من الكتب، أو إذا اقتصر الأمر على «layout» معين يُطبق فى كل الأغلفة مع اختلاف أسلوب التصميم من كتاب إلى آخر.

وخلص إلى أن «التنوع جيد، وكلما كان الكتاب مختلفًا ومميزًا ومُلمًا فتح الباب لأساليب وأفكار تصميمية مختلفة. لكن لو اُستخدم أسلوب واحد فى تصميم أنواع الكتب المختلفة، أعتقد أن فى هذا ظلم ما»، مشيرًا إلى أن هناك تجارب ناجحة لفنانين تشكيليين فى تصميم الأغلفة. لكن الأمر هنا مختلف، لأن الفنان التشكيلى تكون له بصمة واضحة فى أعماله، عكس مُصمم الجرافيك.

محمود عبدالناصر:التنافسية أدت لتطور هذا الفن

تختلف رؤية محمود عبدالناصر لتصميم الغلاف وفقًا للفترة ما بين التصميم ومعرض الكتاب، فإذا ما كان المعرض اقترب بشدة، فإنه يعتمد وقتها على ملخص الكتاب، ومنه يحاول الوصول لرؤية معينة لتصميم يشى بالعمل دون فضحه.

أما لو كان هناك وقت كافٍ، فإنه «يمكن حينها أن أقرأ العمل كاملًا، ثم أبدأ فى تصميم الغلاف وفقًا لما قرأته»، وفق «عبدالناصر»، مضيفًا: «لو أن للمؤلف رؤية بشأن الغلاف يمكن أن أناقشه فيها، ونحاول الوصول إلى حل وسط».

وكشف عن منهجه فى تصميم الغلاف، قائلًا: «أحب الاعتماد على الرمزية، ولا أفضل استخدام الألوان الكثيرة، مع مراعاة الخطوط المستخدمة، وأرى أنه كلما كانت العناصر قليلة كان الغلاف أفضل».

وأضاف: «حتى كقارئ أحب الغلاف الرمزى. ليس شرطًا أن يكون الغلاف لوحة فنية. لكن ينبغى أن يقول شيئًا عن العمل»، لافتًا إلى أن هناك بعض المصممين يخرجون إمكاناتهم فى الغلاف، لكنه لا يكون معبرًا عن العمل، وهذا خطأ كبير.

ورأى أنه من الضرورى أن يكون للمصمم «تغذية بصرية» لكل دور النشر، وأن يرى الكثير من الأغلفة بشكل يومى، لأن هناك توجهًا لكل دار نشر، ويجب على المصمم متابعة السوق لمعرفتها.

ورأى أن النسخة الحالية من معرض القاهرة الكتاب تعكس وجود طفرة فى تصميم الأغلفة، مقارنة بالأعوام السابقة، خاصة لدى دور النشر المصرية، وتثبت أن لدينا فنًا عظيمًا فى تصميم الغلاف.

واختتم «دور النشر أصبحت تهتم بقوة بصناعة الغلاف، حتى أنها تغير من بعضها البعض فى مجال الأغلفة، وهو ما خلق حالة تنافسية شديدة أدت للنهوض بهذا الفن وحدوث تحسن كبير به».

حسن العربى: التحكم الكامل من الكاتب أبرز الصعوبات

قال حسن العربى، الذى يعد من الجيل الجديد لمصممى الأغلفة، إنه يعتمد بشكل كبير على محتوى العمل فى تصميم الغلاف، مع محاولة إظهار الجانب التجارى أكثر من الفنى، فضلًا عن الأخذ برأى الكاتب ومناقشته فى التعديلات التى يطلبها، وهل هى مناسبة أم لا؟

ورأى أن هناك اختلافًا يميز الجيل الجديد من مصممى الأغلفة، من حيث التجديد، معتبرًا «أننا فى سباق إيجابى لإظهار لمساتنا، ونعتبر الجمهور هو الحكم الذى يقيم التصميم فى النهاية».

وعن الصعوبات التى تقابله فى تصميماته، قال «العربى»: «التحكم الكامل من الكاتب فى شكل الغلاف على رأس الصعوبات، وهذا يُقيدنى ويشتتنى ويجعلنى لا أستطيع إخراج غلاف بالشكل الذى كونته فى مخيلتى، وفى الغالب يخرج غير ما تمنيته، وهنا أعتذر عن عدم تصميمه، إذا ما أصر الكاتب على رأيه».

وشدد على أن «مجالنا كل يوم فيه مليون فكرة جديدة، ما يتطلب التغيير فى كل موسم، وعدم الثبات على بصمة معينة فى تصميماتنا».

وفضل أن يكون للدار أكثر من مصمم، لأن هذا يحقق الاختلاف والتنوع، وسيكون لكل مصمم طريقة معينة فى عمله، بما يحقق الاختلاف فى أشكال الكتب على الأرفف.

واختتم «أنتظر معرض الكتاب كل عام لأرى حجم التطور الذى تشهده صناعة الأغلفة، وبالتأكيد هناك الكثير من المصممين الذين نتعلم منهم، ونطور تصميماتنا لتواكب ما يقدمونه، ووجود كل هؤلاء المصممين المميزين يعنى أن المعرض يتطور للأفضل من عام إلى آخر».

عبير طوسون:البساطة أهم سمة للمصممين الحاليين

لا تختلف طريقة عبير طوسون فى تصميم الأغلفة عن سابقيها، خاصة من حيث الاعتماد على «فكرة مختلفة تتناسب مع محتوى الكتاب»، موضحة: «فى البداية أقرأ ملخصًا شاملًا للكتاب، ومنها أحدد الفكرة المناسبة فى رسم خارجى، ثم أبدأ فى التنفيذ، سواء كان الغلاف يعتمد على صور فوتوغرافية أو تركيب صور أو رسومات».

وكشفت عن أن أبرز الصعوبات التى تواجهها فى تصميمها للغلاف هو البحث عن العناصر والصور التى تساعدها فى اكتمال الفكرة، لذلك يلجأ بعض المصممين للتصوير الفوتوغرافى الخاص بهم، إلى جانب صعوبة أخرى تتمثل فى إصرار الكاتب على فكرته، بما لا يعطى المصمم فرصة لإبداعه الخاص.

واعتبرت أن من أهم سمات الجيل الجديد فى تصميم الأغلفة هى اللا اعتماد على الفكرة المبتكرة الجاذبة للعين، وبساطة الغلاف وعناصره، معتبرة أن هذه البساطة هى أكثر سمة تسيطر فى أغلفة هذا الجيل.

ورأت أن وجود بصمة خاصة لدار النشر فى أغلفة إصداراتها يُساعد المصمم بشكل كبير فى معرفة الاتجاه الذى يعمل فيه بسهولة، وبالتالى لا يحتاج إلى تكوين بصمة جديدة.

وعن اختيار الدار لمصمم واحد أو أكثر، قالت: «فى رأيى أن المصمم الواحد للدار أفضل، إذا ما كان قادرًا على خلق روح الاختلاف فى الأغلفة. لكن بشرط وجود بصمة ثابتة للدار».

واختتمت «أرى من خلال معرض الكتاب الحالى أن تصميم الأغلفة فى تطور مستمر، وأن المصممين يتنافسون لظهور الأغلفة فى أفضل شكل».