رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سيد هويدى: الالتزام أحد مفاتيح شخصية جاذبية سرى الإبداعية

الفنانة التشكيلية
الفنانة التشكيلية جاذبية سري

نعي الفنان التشكيلي سيد هويدي، الفنانة التشكيلية الكبيرة جاذبية سري، والتي فارقت عالمنا قبل قليل، عن عمر ناهز الــ 96 عامًا. 

وقال «هويدي» في تصريحات خاصة لـ«الدستور»: «تعددت المحطات التي توقفت عندها الفنانة جاذبية سري والمراحل التى ارتادتها والمواقف الثورية التي تبنتها، مما أضفى على أيامها ثراء وغنى وعمق وتنوع، لكن ما هي الدوافع التي تجعل من لوحات جاذبية تعبر منحازة عن الطبقات الشعبية المهمشة المنسية المستبعدة؟ وهي التي تنتمي إلى طبقة غنية لا تعاني معاناة الفقراء التي رسمتهم صادقة بود ويبدو للعيان، إنها ترتبط معهم بوشائج حب، هذا التساؤل ظل محورًا ملحًا لبحثي عن منطلقات عطاء الفنانة وأيضًا أفراد جيلها».

وأضاف«هويدي»: «في منتصف عقد العشرينات الذي شهد نهضة الطبقة المتوسطة، وكفاح سعد زغلول وإبداع محمود مختار، وتمرد حافظ إبراهيم، وموسيقى سيد درويش، ولدت جاذبية حسن سرى في شهر العظماء أكتوبر، لأب يعمل في سلك القضاء بعد حصوله على الدكتوراة في القانون من فرنسا، إلا أنه تركها وغادر الحياة وهي في الرابعة من عمرها، فاضطرت إلى الانتقال للإقامة مع جدتها لأمها، بشارع نور الظلام بالحي العريق بالحلمية الجديدة، وبمسحة من الأسى لم تستطع جاذبية إخفاءها تقول: كانت جدتي لأمي دقة قديمة، واعتمدنا ماديًا على جدي لأبي وقد كان دكتاتورًا، فشعرت بفجيعة فقدان أبي، إلا أن أعمامي حاولوا جاهدين ملأ هذا الفراغ، فقد أطلعني عمي مصطفى في وقت مبكر على كتاب وصف مصر، بل كان يشرح لي جوانب تميز الفنان الحرفي المصري ودقته».

أما عمها«سامي»، فقد كان صديقًا للفنان محمد صبري، الذي تولى توجيه الصبية جاذبية في الرسم على نحو أكاديمي، بالإضافة إلى ترتيبه لرحلات تجمع أطفال بعض الأسر إلى الملاهي والحدائق والمسارح، وهو ما آثار وعي الأطفال باتجاه عوالم جديدة ومثيرة».

وأردف «هويدي»: «من رحم مجتمع القاهرة الليبرالي في الأربعينيات تخرجت جاذبية عام 1948 في المعهد العالي للبنات قسم الفنون الجميلة، والذي كان يشغل موقعًا متميزًا في حي بولاق أبو العلا العريق، وفي العام التالي حصلت على دبلوم التربية الفنية، لكنها لم تكتف بذلك بل استكملت دراستها العليا في باريس مع مطلع الخمسينات، ثم في روما وبعد ذلك بكلية سليد جامعة لندن».

وشدد «هويدي»: «يعد معنى الالتزام أحد مفاتيح شخصية جاذبية الإبداعية، فدائمًا ما كنت أبحث عن الدوافع التي شحنت بها لوحاتها مع مطلع الخمسينات من القرن العشرين بهذا القدر من الفكر والفلسفة والطاقة المعبرة عن شرائح مجتمعية مهمشة، وغائبة عن أنظار المخططين والسياسيين، فعلى نحو درامي غير مسبوق جسدت جاذبية لأول مرة شخصيات من لحم ودم تنبض وتتنفس، ففي لوحة الفتيات والدمية جمعت بين رشاقة الرسم وواقعية التصوير عندما استطاعت أن تنسج من خطوط رسم الشخوص وحدة واحدة، وكأنهم كيان إنساني واحد».