رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الذِكر أفضل طريقة عملية للإقلاع عن المعاصى


لو ارتكبت ذنبًا ينغص عليك حياتك، أو كانت هناك معصية تداوم عليها، ولا تستطيع الإقلاع عنها، ومهما استغفرت أو تُبت تعود لنفس الذنب مرة ثانية؛ أيًا كان نوع الذنب كبيرًا أو صغيرًا، فإن ذِكر الله هو أقوى وسيلة تجعلك تقلع عن الذنب وتبعد عنه، وتوقف خطأ كبيرًا فى حياتك لا تستطيع أن تتوقف عنه، وهذا الكلام مصدره القرآن.
ما علاقة الذِكر بالإقلاع عن المعصية؟
علاقة الذِكر بالمعصية تكمن فى تصرفات العقل الباطن، فالعقل الباطن البرمجة الخاصة به غريبة جدًا؛ فعندما يخزّن بداخله شيئًا بعينه ينعكس على تصرفاته فى الحياة، وعندما تذكر الله كثيرًا يتبرمج عقلك الباطن على ذِكر الله، وبالتالى بسبب كثرة ذِكر الله فإن عقلك الباطن يمتلئ بحب الله، وتجد نفسك عازفًا عن المعصية.
تصرفاتك فى الحياة هى نتاج ما تخزنه فى عقلك الباطن، فأنت تستطيع أن تخزّن فيه أى شىء أنت تريده، وما ستخزّنه ستتم ترجمته لتصرفات فى الواقع.. فتخيّل لو أنك خزّنته وملأته بذِكر الله.. عملية متصلة يوميًا بوِرد ثابت من الذكر، لمدة ٢٠ دقيقة تذكر فيها الله سبحانه وتعالى. هذا يجبر عقلك الباطن على أن تتصرف بصورة تلقائية دون أن تبذل محاولات قاسية لإيقاف الذنب، وبذِكر الله ستجد نفسك تلقائيًا تبعد عن أصدقاء السوء، ولو تتعامل مع الإنترنت بطريقة خاطئة ستجد نفسك دون أى مجهود بدأت تصلح طريقتك فى التعامل معه، وتحديد ما يرضى الله، وما لا يرضيه.
كل هذا لأن عقلك الباطن يدفعك بصورة لا إرادية حسب الحاجة المخزّنة فيه.. حب الله، وحب رسول الله، بالذكر وبـ«لا إله إلا الله»، وبالصلاة على رسوله، صلى الله عليه وسلم، فإن كثرة الاستغفار تملأ العقل الباطن بتقوى الله، وكثرتها فيه تجعله يجلّ الله ويخاف منه ويشعر بعظمته وتقديسه.
الذِكر يملأ عقلك الباطن بحب الله وبالخوف منه، لذلك عندما تكلم ربنا عن الذكر فى القرآن قال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا».. وهذه الكثرة خاصة بالذكر، فلم يقل: صلوا كثيرًا، ولم يقل زكوا كثيرًا، لكن الشىء الوحيد الذى أمرنا ربنا به، وطلب منا أن نفعله كثيرًا هو «ذِكر الله».
يقول تعالى: «وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ»، «كَىْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا»، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا»، «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ».. ويلاحظ أنه كلما وردت كلمة «الذِكر» فى القرآن جاءت مقترنة بها كلمة «كثيرًا»، حتى يمتلئ عقلك بالفكرة، وتنعكس على تصرفاتك فى الحياة، وهذا ما يفعله ذِكر الله فى عقلك وقلبك.
تستطيع من خلال ذِكر الله كل يوم ٢٠ دقيقة أن تصفّى روحك وعقلك وقلبك، وتتخلص من ذنب كبير فى حياتك.. اتجه إلى ذكر الله، ولن تندم أبدًا.
الذِكر يستطيع أن يجعلك تحافظ على صلاتك، خصوصًا صلاة الفجر، يجعلك تشعر بحلاوة الصلاة، وبحلاوة القرب من الله، يبعدك عن الذنوب والمعاصى.
الذِكر يجعل هناك ثباتًا فى العلاقة مع الله، وهو أكثر شىء يبعدك عن الفحشاء والمنكر.. ربنا قال فى القُرآن: «إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ...»؛ يعنى ذِكر الله يبعدك بصورة أكبر عن الفحشاء والمنكر.
فالصلاة تنهاك عن الفحشاء والمنكر، لكن يظل هناك جزء فى لُبك يميل للذنب؛ عندما تداوم على الذكر يقطعه ويبعده عنّك، نتيجة أن عقلك الباطن مملوء بذِكر الله وبحب الله.
ذِكر الله أكبر فى رضا الله عنك، فالذِكر هو أسرع وسيلة للوصول إلى الله، عندما تذكر الله.. ربنا بجلاله وعظيم قدره يذكرك، فهو الذى قال: «فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ».
ماذا لو أن كل أهل الأرض همّشوك ولم يذكروا اسمك، لكن الله، سبحانه وتعالى، يذكرك.. ما قيمة الدنيا فى عينيك لو كل أهل الأرض نسوك، ولم يهتموا بك، لكن ذِكرك فى السماء عالٍ.. أما يكفيك قول الله: «فَاذْكُرُونِى أَذْكُرْكُمْ»؟!
ذِكر الله هو أجمل وأفضل وأقرب وسيلة تدفعك إلى الإقلاع عن الذنب، أو تحافظ على علاقتك بربنا، ولا تجعلك تشعر بأنك بعيد عنه.