رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

فرمانات تميم: لا اجتماعات أو مسيرات فى قطر

إمارة القهر
إمارة القهر

رسخ النظام القطرى صورة فى أذهان المجتمع الدولى بأن قطر هى سلطة حاكمة، بدون شعب، أو فى أحسن الأحوال فإن شعبها جثة هامدة بلا حراك، فلم يشاهد العالم مطلقًا تحركًا شعبيًا واحدًا لشعب قطر فى أى اتجاه أو فى أى مناسبة، مطالبًا بأى حق، أو منتقدًا لما تقترفه العصبة الحاكمة فى حقه من جرائم، وفى ثرواته من تبديد، وما تمارسه من مؤامرات فى حق الشعوب الأخرى الشقيقة والصديقة للشعب القطرى. وفى الوقت نفسه، لا تمل الأبواق الإعلامية التابعة لنظام قطر، من تكرار معزوفة حقوق الشعوب فى التجمع السلمى والتظاهر والمسيرات والاحتجاجات، والتحريض على ذلك فى حملات إعلامية لا تتوقف من أجل نشر الفوضى وعدم الاستقرار فى الدول الأخرى.
بينما قام الأمير وعصابته بعزل وتكبيل و«إخفاء» الشعب القطرى المنفى داخل بلاده بلا حراك، فكيف فعل ذلك بشعبه؟
الإجابة فى هذه الدراسة المتخصصة التى أعدتها الهيئة العامة للاستعلامات عن القانون القطرى رقم «١٨» لسنة «٢٠٠٤» الذى صدر لكى يكبل إلى حد المنع والقهر أى محاولة من الشعب لاستخدام حق الاجتماعات العامة والمسيرات والاحتجاج السلمى، والذى تعتبره الأبواق الإعلامية للنظام القطرى حقًا مشروعًا لسائر الشعوب وتحرم شعبها من ممارسته.


لا اجتماع إلا بترخيص وموافقة

اشترط القانون القطرى رقم «١٨» لسنة ٢٠٠٤ ضرورة الحصول على ترخيص لعقد اجتماع عام أو للدعوة إليه أو تنظيمه أو عقده أو الإعلان عنه، وامتد الحظر أيضًا إلى إذاعة أنباء بشأنه، حيث تنص المادة «٣» من قانون الاجتماعات العامة والمسيرات على «ألا يجوز عقد الاجتماع العام أو تنظيمه أو الدعوة إليه أو الإعلان عنه أو إذاعة أنباء بشأنه إلا بعد الحصول على ترخيص به»، ولم يكتف تعسف القانون بهذا الترخيص، بل اشترط القانون فى المادة «٤» من هذا القانون على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة من حائز المكان لتنظيم الاجتماع.
20 فى بيتك.. ممنوع
لو قرر أى شخص الالتقاء بأقاربه أو جيرانه أو أصدقائه أو زملائه، سواء كان ذلك فى مقر عمله أو دار ضيافة، أو مقهى حتى لو كان يملكه، أو حتى فى منزله أو حديقته، فعليه أن يحذر، فربما قاده هذا اللقاء إلى الحبس، بعد فضه بالقوة طبعًا، إذا وصل عدد الحاضرين إلى ٢٠ شخصًا، أو كان من المتوقع أن يصل إلى ٢٠ شخصًا، وهذا التوقع هو من حق الجهات الأمنية بالطبع، فربما تنضم إليهم أسرة قابلوها بالصدفة أو جاءت لزيارتهم.
هذه ليست قصة من المبالغات التى نسبت إلى ملفات جهاز «الشيتازى» وهو البوليس السياسى فى النظام الشيوعى فى ألمانيا الشرقية سابقًا، بل هى حقيقة واقعة بنص القانون المطبق فى دولة قطر «قانون رقم ١٨ الصادر عام ٢٠٠٤».
فاستنادًا لهذا القانون، فإن مثل هذا اللقاء العائلى فى مكان خاص مملوك لأصحابه ملكية خاصة، يعتبر فى نظر القانون بمثابة «اجتماع عام» يحظر عقده إلا بترخيص مسبق وضوابط مشددة، تحسبًا أن يتطرق الحاضرون للحديث فى موضوعات ذات طبيعة عامة، أى تهم عموم المواطنين أو فئة منهم.
وتنص المادة «١» من هذا القانون على أن «يعتبر اجتماعًا عامًا، فى تطبيق أحكام هذا القانون، كل اجتماع يشارك أو يتوقع أن يشارك فيه أكثر من عشرين شخصًا أو تكون المشاركة فيه دون دعوة خاصة، ويعقد فى مكان خاص أو عام، وذلك لمناقشة موضوع أو موضوعات عامة».


عيد الميلاد قد يقود إلى الحبس

الاجتماعات التى تدعو إليها الهيئات الحكومية، والاجتماعات التى تعقدها الأشخاص الاعتبارية لمناقشة المسائل التى تدخل فى اختصاصها، واجتماعات الشركات والمؤسسات، واجتماعات الأندية والاتحادات الرياضية وحتى الاحتفالات والأعراس وأعياد الميلاد والمناسبات الاجتماعية وغيرها، لم تسلم مثل هذه الاجتماعات من سطوة اليد الغليظة للنظام القطرى التى حاصرتها بالتقييد والتهديد حتى لا تسول لأى مواطن نفسه بالحديث فى هذه الاجتماعات عن أى شأن أو موضوع خارج التخصص العلمى أو المهنى أو الاجتماعى الذى يعقد من أجله الاجتماع تحديدًا، وإذا تصادف وتطرق حديث الحاضرين لأى موضوع خارج الغرض من الاجتماع، يعتبر هذا اللقاء «اجتماعًا عامًا» يؤدى انعقاده دون

الحبس لترهيب الجميع

نص القانون على عقوبات قاسية تصل إلى الحبس، وهى عقوبات قاسية لردع كل من تسول له نفسه عقد اجتماعات أو مسيرات أو تناول الأمور العامة، ومن بين هذه العقوبات:
أولًا: الحبس «٣» سنوات عقوبة من يعقد اجتماعًا بدون ترخيص، حتى لو كان فى «مكان خاص».
استبداد الحاكم وصل به إلى منع الاجتماع حتى لو فى مكان خاص إلا بعد الحصول على موافقة وترخيص من السلطة، ومن يخالف ذلك يتعرض لعقوبة الحبس لمدة ثلاث سنوات، حيث تنص المادة «١٥» من القانون ذاته على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف ريال ولا تزيد على خمسين ألف ريال، كل من عقد أو نظم اجتماعًا عامًا أو مسيرة بدون ترخيص».
ثانيًا: الحبس والغرامة عقوبة «الإعلان» عن اجتماع أو مسيرة قبل الترخيص الرسمى.
لم يقف حد القمع عند منع الاجتماع فى مكان خاص، ولا عند ضرورة الحصول على ترخيص لعقد أى اجتماع سواء أكان عامًا أم خاصًا، بل منع القانون حتى الإعلان عن أى اجتماع أو مسيرة قبل الحصول على ترخيص رسمى، حيث تنص المادة «١٧» من القانون ذاته على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف ريال ولا تزيد على عشرين ألف ريال، كل من:
- أعلن أو نشر بأى وسيلة من وسائل النشر عن اجتماع عام أو مسيرة غير مرخص بهما.
- شارك فى اجتماع عام أو مسيرة غير مرخص بهما وهو يعلم بذلك.
عدم الرد يعنى الرفض

نص المشرع القطرى فى هذا القانون الاستبدادى على ضرورة تقديم طلب الترخيص قبل الاجتماع بسبعة أيام على الأقل، وجعل من عدم الرد عليه رفضًا للاجتماع، أى أن الأمن إذا لم يُرِد عقد الاجتماع، فلا يفعل أكثر من تغافل الطلب، وعدم الرد عليه دون إبداء أى أسباب، فيحقق ما يريد من عدم عقد أى اجتماعات فى الأماكن العامة أو الخاصة، حيث تنص المادة «٥» من هذا القانون على أن «يقدم طلب الترخيص قبل الموعد المحدد لعقد الاجتماع العام بسبعة أيام على الأقل.. وإذا لم يخطر مقدمو الطلب بالموافقة على عقد الاجتماع قبل الموعد المحدد له بثلاثة أيام، اعتبر ذلك رفضًا للطلب».