رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محمد فودة يكتب: حكيم.. غنى من قلبه وأخلص للفن فدخل "العالمية" من أوسع الأبواب

محمد فودة
محمد فودة

حينما شاهدت المطرب "العالمى" حكيم وهو يبدع ويتألق على هذا النحو من الروعة والجمال فى حفل افتتاح بطولة كأس الأمم الافريقية، أيقنت تمامًا أن الوطنية لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تأتى بناء على طلب أو استجابة لتوجيه، وتأكدت وبما لا يدع مجالًا للشك أن الإحساس بالواجب المقدس تجاه الوطن هو فى حد ذاته فكرة جميلة تعشش داخل الشخص، وتجرى فى العروق مجرى الدم، وبالتالى فإن السعى نحو تلبية نداء الوطن تحركه فقط المشاعر الصادقة بعيدًا عن اعتبارات الشو الإعلامى أو حب الظهور الذى يحرص عليه دائما أنصاف وأرباع الموهوبين.

والحق يقال فإن حكيم فى جميع مواقفه يثبت لنا يومًا بعد الآخر أن ما يفعله من أجل مصر يقوم به بشكل تلقائى وبلا أى ترتيبات أو تخطيط من أجل الحصول على مكتسبات مادية، فلو نظرنا إلى تاريخ حكيم الطويل مع الأغنية الوطنية نجده دائمًا يضرب القدوة والمثل فى كيف يكون الفنان الحقيقى المتفاعل مع قضايا وطنه وكيف يترجم الفنان المخلص لبلده هذا الاخلاص بشكل عملى وعلى أرض الواقع ودون حتى انتظار لكلمة شكر.

فحينما قامت ثورة ٢٥ يناير وبعيدًا عن الثورة وما لها وما عليها، إلا أننى أتوقف أمام الالتزامات الأخلاقية للفنانين تجاه مصر فى تلك الفترة العصيبة فللأسف الشديد هرب النجوم وسافروا خارج مصر وجلسوا فى مقاعد المتفرجين بينما الفنانون المخلصون وفى مقدمتهم حكيم ظلوا بين الناس ليس هذا فقط بل كان لهم رأى معلن ووجهة نظر محترمة فيما يجرى من أحداث غيرت الحياة بالكامل على أرض مصر.. والحق يقال فإن حكيم لم يكتف بالتفاعل والمشاركة الوجدانية لجموع الشعب وحسب، بل قدم أغنيات رائعة وشارك أيضًا وبشكل لافت للنظر فى ثورة ٣٠ يونيو الشعبية التى قلبت الموازين وأعادت تصويب الأوضاع الخاطئة، وشكلت ملامح مصر القوية التى نهضت وما تزال تنهض يومًا بعد الآخر، وتألق حكيم فيما بعد بأغنيته الشهيرة "أبو الرجولة" التى تحولت إلى أيقونة فنية غنائية شعبية فى الانتخابات الرئاسية.
حكيم الذى أعرفه عن قرب فنان حقيقى لا يقبل القسمة على اثنين، كما أنه لم يكن فى يوم من الأيام مجرد مطرب أحب الناس فأحبوه والتفوا حوله، ولكنه تحول بذكائه وقدرته على اختيار التوقيت المناسب لكل خطوة يخطوها، أن يصبح بمثابة فنان الشعب فرأيناه فى الاستفتاء على الدستور وهو يطوف الشوارع والميادين بأتوبيس تم إعداده بشكل فنى وعليه سماعات تصدح بأجمل الأغانى الوطنية، فرأيناه فى هذا اليوم وقد ضرب القدوة والمثل فى كيف يجب أن يكون الفنان الحقيقى.. حكيم خرج من الغرف المكيفة ونزل إلى الشارع وعاش بين الجماهير وغنى ورقص معهم وعبر عن فرحته بتلك التحولات السياسية التى تشهدها مصر.

حكيم استطاع أن يحجز لنفسه مقعدًا متميزًا فى قطار الوطنية فلم تمر أى مناسبة وطنية إلا وكان فى طليعة المشاركين فيها، اللافت للنظر أنه لم ينتظر حتى أن تصله الدعوة للمشاركة، بل نجده دائمًا يقوم بالمبادرة ويقدم نفسه ليصبح تحت أمر البلد فى أى مناسبة وطنية يمكن أن يضفى من خلالها نوعًا من الفرحة فى القلوب، أو أن يسعد الجمهور الذى نجده دائمًا ينتظر منه المزيد والمزيد.. فرأيناه يتألق فى احتفالات أكتوبر وفى احتفالات الثورة وفى المناسبات المهمة وكأن الله سبحانه وتعالى قد خلقه ليسعد الناس، فى وقت للأسف الشديد يختفى فيه النجوم عن المشاركة فى تلك المناسبات، لا لسبب سوى أن الأنانية وحب الذات يملأ قلوب بعض النجوم، فنجدهم يتخاذلون عن أداء الواجب المقدس تجاه الوطن ويتفننون فى اختراع المبررات التى من خلالها يبتعدون عن تلك الاحتفالات الجماعية التى يشارك فيها أطياف الفن المختلفة على الرغم من أن حكيم يمتلك من النجومية ما يفوق هؤلاء المتخاذلين الذين يختفون فجأة ولا يظهرون فى المناسبات الوطنية الكبرى.. فحكيم وعن جدارة يستحق لقب المطرب العالمى فقد غنى من قبل فى حفل جائزة نوبل بالسويد كما أنه المطرب العربى الوحيد بعد أم كلثوم الذى غنى فى مسرح الأولمبيا بالعاصمة الفرنسية باريس، وحينما أتحدث عن هذا الحفل فإننى لم أسمع أو أقرأ عن نجاحه منقطع النظير فقط، بل إننى كنت فى باريس فى ذلك الوقت وحضرت هذا الحفل ولمست بنفسى كيف كان حكيم متألقًا وجديرًا بأن يكون مطربًا عالميًا، فقد شاهدت كيف استقبله الجمهور فى مسرح الأولمبيا وكيف تفاعل معه الناس من الجنسيات المختلفة، وكيف تراقص الجمهور طربًا وهم يستمعون إلى أغانيه على الرغم من أنه كان يغنى باللغة العربية، ولكن اللحن والموسيقى وهى لغة عالمية دفع الحضور إلى الانسجام والتفاعل بشكل يدعو للدهشة، وهو ما جعلنى أشعر بالسعادة لتلك النجومية التى يحظى بها حكيم فى الخارج لأن حكيم بالفعل غنى فى جميع قارات العالم وحقق نجاحًا منقطع النظير فى كل حفلاته عبر مشواره الطويل مع الأغنية.

خلاصة القول.. نحن أمام فنان موهوب غنى من قلبه بإخلاص شديد لفنه فاستحق أن يصل إلى "العالمية" ويدخل منطقة الشهرة والنجومية من أوسع الأبواب.